الإصلاح في بناء الدولة العراقية التي تشكلت بعد 9/4/2003 يعد الحجر الأساس في هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي، على أن يكون إصلاحا جريئا وشاملا ومستمرا، وكلما تأخر تنفيذ البرنامج الإصلاحي للسيد العبادي كلما رسخ التنظيم الإرهابي وجوده وعزز مكاسبه. القارئ الكريم، في هذا العدد من إصدار (العراق في مركز الأبحاث العالمية)، ستطلع على ثلاثة مقالات مهمة، المقال الأول (السنة الأولى لحيدر العبادي في الحكم: ما هي الآفاق المحتملة للعراق – الجزء الأول)، لكاتبه (يزيد الصائغ)، نشره (مركز كارنيجي للأبحاث)، ويتطرق إلى إشكالات وتداعيات سقوط مدينة الموصل العراقية بيد تنظيم “داعش” الإرهابي، ثم إلى دعوات الإصلاح التي يرفعها السيد العبادي، ويعتقد أن رئيس الحكومة العراقية لا يمتلك أدوات وآليات ترجمة الإصلاح إلى واقع، كما أن التركيز أحادي النظر على هزيمة “داعش” يعيق برنامجه الإصلاحي. ثم يتطرق المقال إلى مشكلة شيعة وسنة العراق على مستوى العلاقة بين هذين المكونين، وعلى مستوى الدور والعلاقة بين القوى السياسية داخل كل مكون، ومشكلتهم في تحديد طبيعة الدولة العراقية التي يرغبون في تشكيلها. ثم يأتي المقال للحديث عن الحرس الوطني المزمع إقرار قانون خاص به في العراق في إطار العلاقات الإقليمية والدولية وأولويات الأطراف العراقية وغير العراقية في تحديد زاوية النظر للموضوع. وينتهي المقال بالتأكيد على أن السيد السيستاني هو الرجل الوحيد في العراق القادر على تحديد دور قوات الحشد الشعبي في بنية الدولة العراقية، ولكنه يواجه تحديات جمة داخل العراق وخارجه من الضروري أن تؤخذ بالحسبان.
المقال الثاني (العراق مركز صراع القوى الإقليمية)، وهو تحليل نشره (معهد ستراتفورد الاستخباري)، ويذهب إلى أن السيد العبادي يسعى إلى تخفيف قبضة إيران على القرار في العراق، وإشراك قوى إقليمية لتأخذ دورها داخل اللعبة العراقية، وأن القوى الإقليمية كمجلس التعاون الخليجي والأردن وتركيا تتفهم سعي العبادي هذا وتعمل على التعاون معه في العراق على حساب النفوذ الإيراني، وينتهي التحليل إلى التأكيد على أن إقرار قانون للحرس الوطني يوحد الحشد الشعبي والعشائر السنية بمركز قيادة موحد في بغداد من شأنه زيادة استقلالية القرار العراقي.
المقال الثالث (كيف تسير الحرب ضد تنظيم “داعش”)، ويمثل آراء عشرة من الخبراء الدوليين، ونشره موقع (تأملات حول العراق)، ويذهب رأي الخبراء إلى أن تنظيم “داعش” تحول من حالة الهجوم إلى حالة الدفاع، وتتطلب هزيمته توحد جبهة خصومه واعتماد التخطيط الاستراتيجي، والحزم. ومن جهة أخرى، فإن بقاء التنظيم بعد سنة من مواجهته لأقوى دول العالم يؤشر فشل هذه القوى في تبني الاستراتيجية المناسبة ضده، وأن بقاء الوضع السوري المتأزم، والفوضى السياسية في العراق، يمثلان بيئة تساعد على إطالة حياة هذا التنظيم، ويتطلب الجهد العسكري للقضاء عليه جعل أبناء المناطق الخاضعة لحكمه مشاركين فاعلين بقتاله وإلحاق الهزيمة به.