منذ اكثر من اربعين عام وفي اجواء ما بعد حرب فيتنام تم تأسيس هذه المجلة من قبل استاذ جامعة هارفارد صموئيل هينغتنتون وصديقه المقرب مانشيل. وكان الهدف هو البحث عن النقاط المشتركة وتقديم وجهات نظر متعددة حول السياسة الخارجية من خلال التفكير القائم على جهد فرق العمل.
عام 2000 وفي ظل ملكية وقفية كارنيجي للسلام الدولي، تحولت المجلة من شكلها السابق كدورية تصدر كل ثلاثة اشهر الى شكلها الانيق الحالي، محتفظة باستقلاليتها وبالتزامها الصارم بتناول قضايا العالم الكبرى.
ومع اتساع نطاق مخاطبي المجلة على مستوى العالم، تم اطلاق الطبعات الدولية في اوربا وافريقيا والشرق الاوسط وآسيا وامريكا اللاتينية.
في ايلول عام 2008 تم شراء المجلة من قبل شركة الواشنطن بوست،احدى اكبر الشركات الاعلامية العالمية، وازدات المجلة نموا الى ان اصبحت “مجموعة الفورين بوليسي”، وهي الان تقدم الخدمة لصناع القرار في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية وغيرها.
]بهذه الفقرات اعلاه تُعرّف مجلة “الفورين بوليسي” نفسها للقراء، ونحن في المركز نتابع هذه المجلة المهمة
باستمرار كجزء من مشوار التجول في العقل الاستراتيجي الامريكي، لكي نتعرف على طريقة تفكيرهم وكيفية تناولهم لقضايا العراق الاستراتيجية[.
ومن امثلة المقالات المنشورة في هذه المجلة الاستراتيجية، المقالة المترجمة والملخصة في هذا العدد والتي عنوانها:“المالكي يمتلك مقدرة فريدة في ايجاد الاعداء” ، وفيما يلي نستعرض اهم افكارها:
– ان رئيس وزراء العراق نوري المالكي ، يمتلك مقدرة فريدة في خلق الأعداء، حيث يقول جوست هيلترمان الخبير في مجموعة الازمات الدولية “علاقات المالكي الشخصية بجميع الفرقاء السياسيين مفزعة“.
– ان الآمال التي كانت لدى المسؤولين الامريكيين في ادارة الرئيس بوش بشأن عراق ما بعد صدام، كانت تنطوي على ان تقود العراق شخصية علمانية مثل زعيم المعارضة أحمد الجلبي، ويكون العراق دولة قوية ومستقرة وموالية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الاوسط وهو الامر الذي يبدو الآن سخيفا وبشكل واضح. فالمالكي لم يكن مهتما جدا بأن يكون صديقا للولايات المتحدة، ومع رحيل القوات الامريكية لم يعد يعير الامر اي اهتمام.
– ولم تحضر هذه الدول الى القمة في بغداد لشعورها بالاستياء مما تراه بانه عداء يكنه المالكي للسنة داخل وخارج العراق، وبالتالي تحولت القمة الى طقوس روتينية لا قيمة لها.
– وكان الصديق الوحيد للعراق في المنطقة هو إيران الشيعية، والتي تبدو عازمة على تحويل العراق إلى دولة تابعة لها.
– ان العراق اصبح اليوم اداةً بيد ايران.
– الامر الذي جعل العراق يبدو منصاعا للاجندة الايرانية على حساب سياسات المملكة العربية السعودية وقطر.
– ان كل الخبراء في الشأن العراقي (تقريبا) من الذين تحدثت اليهم يتفقون على أن المالكي رجل وطني عراقي يتلوى تحت ضغط النفوذ الإيراني.
– التفسير الأكثر ملاءمة لسياسة المالكي الخارجية هو ما أسميه “فرضية الوغد“، التي طرحها جون الترمان الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. حيث يقول الترمان ان المالكي يخلق له اعداء، بسب سعيه لتحقيق المصالح الوطنية العراقية فهو “لا يتوانى في التعبير عن كرهه لاغلب الناس , في منطقة تثمن فيها المجاملة واللباقة”. الترمان يعتقد أن المالكي يسلك طريقا وعرة بين الأعداء والأصدقاء المزيفين.
– اما النظرية الاخرى فهي أن المالكي مصاب بالارتياب والشك، فبحسب احد المحللين الذي يعرفه جيدا كما يعرف الحلقة الضيقة التي تحيط به، انه على قناعة تامة بأن خصومه في الداخل والخارج يسعون للقضاء عليه.
– مع ذلك فان هناك وجهة نظر اخرى ترى بأن المالكي متعصب للتشيع وينظر الى السنة كعدو (( وهي فكرة توظف كثيراً في نظريات المؤامرة) .
– ولكن وحتى في ظل عدم وضوح دوافع المالكي واجنداته السياسية الا انه يمكن الاستنتاج بانها تلحق الضرر بمصالح العراق. فليس هناك زعيم عراقي عاقل يفتعل نزاعا مع تركيا، كما فعل المالكي.
– ولكن المالكي يصر على رؤية جارته تركيا على انها قوة سنية تسعى لاستعادة الهيمنة السنية أو العثمانية على العراق.
– وكانت المشكلة الأساسية هي عدم رغبة المالكي في التوصل الى حل وسط مع خصومه السياسيين.
– ان حملة التهميش العنيفة التي يقودها المالكي ضد منافسيه السنة، وكذلك ضد المعتدلين من الشيعة مثل إياد علاوي، رئيس الوزراء الاسبق ومؤسس ائتلاف العراقية، رمت به في أحضان إيران، فهي وحدها التي يمكنها أن تحكم بين الجماعات الشيعية في العراق.
– وكانت ايران هي من كسر الجمود السياسي بعد انتخابات العام 2010 بعد ان اجبرت أتباع مقتدى الصدر بالقبول بالمالكي رئيسا للوزراء.
– المالكي يعرف تماما انه مدين لايران بحصوله على منصب رئيس الوزراء، وبالتالي عندما تكون لديه مشكلة، فانه يهرع الى طهران.
– وبالنتيجة اصبح خصوم إيران في منطقة الخليج ينظرون إليه على انه دمية بيد إيران (حتى لو كان ذلك غير صحيح).
– أصبح العراق في ظل حكومة المالكي دولة مجزأة الى حدٍ بعيد لها سمات ديمقراطية سطحية، ومصدرا للطائفية. وهو الواقع الذي قدّم درساً لصناع السياسة الأميركية في العواقب غير المقصودة لتغيير الانظمة السياسية.
]نلاحظ التأكيد في الفقرات اعلاه على انحياز العراق صوب ايران وعداء السنة وعدم الاهتمام ببناء علاقة جيدة مع الولايات المتحدة، الامر الذي يتطلب بناء علاقات متميزة مع الولايات المتحدة باعتبارها دولة عظمى من خلال الاتفاقيات الاستراتيجية التي تنظم العلاقات على اساس تفهم المصالح المشروعة للبلدين اولاً، وثانياً المطلوب بناء علاقات متميزة ومتوازنة مع دول الجوار على اساس المصالح المشتركة المشروعة،واخيراً انتهاج سياسة متوازنة ومنصفة تجاه كل مكونات المجتمع العراقي [.