ننشر في هذا العدد مقالتين استراتيجيتين مهمتين تتعلقان بالملف الكردي في كلٍ من تركيا والعراق، الاولى منشورة في مركز ابحاث كارنيجي والثانية منشورة في مجلة الايكونوميست البريطانية المرموقة.وفيما يلي نسلط بعض الضوء التحليلي الكاشف على اهم الافكار الواردة في هاتين المقالتين، التي لها التأثير البالغ على صناعة القرار الاستراتيجي العراقي:
– لقد أعدّ رئيس الوزراء التركي اردوغان خطة جريئة تقوم على إعادة التنسيق بين الأتراك والأكراد لتعزيز مكانة أنقرة الإقليمية ولتوطيد هيمنته السياسية داخل تركيا.
– ان اردوغان يرمي من وراء تعديل الدستور التركي ، تكريس النظام الرئاسي ليشغل فيما بعد منصب الرئيس فيه، ومن ثم يتمتع بسلطات وصلاحيات اوسع بكثير، ولاسيما في ظل نهاية ولايته الدستورية كرئيس للوزراء.
– غير أن خطة أردوغان تتوقف على إنهاء الصراع في تركيا مع سكانها الأكراد والذي دام لثلاثة عقود.
– ونتيجة لذلك، فقد قررت حكومة أردوغان إجراء مفاوضات مع عبد الله أوجلان ، الزعيم المسجون لحزب العمال الكردي (PKK) وحركة المقاومة الكردية المسلحة ، أملاً بالاتفاق على دستور جديد أكثر ليبرالية من شأنه تعزيز حقوق أكبر أقلية عرقية في تركيا, وتشمل تفويض قدر كبير من الصلاحيات للحكومات الاقليمية.
– وعلى الجانب الاخر فإن الحكومة التركية تتبع مساراً منفصلاً عن المفاوضات، عبر التقارب مع سلطة كردية آخرى (حكومة إقليم كردستان) في شمال العراق. ان الرؤية الكبرى لتركيا اليوم هي دمج كردستان العراق بالاقتصاد التركي.
– وان الصفقة غير المعلنة بين تركيا وحكومة أقليم كردستان تمنح تركيا تنازلات كبيرة لاستكشاف حقول النفط والغاز الجديدة في شمال العراق، وكذلك توفر أسعار تفضيلية لصادرات الطاقة إلى تركيا.
– في المقابل، تقوم تركيا بمساعدة حكومة إقليم كردستان في وضع البنية الأساسية لبناء خط أنابيب من شأنه أن يسمح بتصدير النفط والغاز إلى تركيا دون الاعتماد على خط أنابيب العراق الوطنية، التي تسيطر عليها الحكومة المركزية في بغداد.
– الا أن الولايات المتحدة ما تزال تعارض بإصرار مثل هذه الصفقة بين تركيا وحكومة إقليم كردستان، بدعوى أنها ستؤدي إلى تقويض استقرار العراق وتغذي النزعات الانفصالية في الشمال.
– لم يتحدث المسؤولون الأكراد عن الاستقلال حتى الآن، و لكن هناك العديد من العوامل تدعم تلك الفكرة ومنها ؛الوضع المتردي الذي تعيشه باقي محافظات العراق والناتج عن تفجيرات «القاعدة» المستمرة، والقلق من سقوط محتمل للحكومة السورية الموالية للشيعة، لذا فإن عدداً من الشيعة العراقيين يشعرون بضرورة السماح للأكراد بالاستقلال ، ليسهل على الحكومة العراقية السيطرة على ما تبقى من البلاد.
– مهما كانت رغبات السياسيين المعلنة، فإن اكتشاف مواقع جديدة للنفط قد يعيد ترسيم حدود العراق.
– أدت الخلافات مع بغداد إلى إغلاق متكرر للأنبوب الرئيس الممتد إلى تركيا، وأدى تزايد حجم كمية النفط المصدرة عن طريق الشاحنات إلى توطيد التحالف الكردي- التركي.
– تتوقع حكومة إقليم كردستان اكتمال خط الأنابيب الذي يمتد إلى تركيا بحلول سبتمبر من هذا العام, وفي غضون ذلك ,ستبقى تركيا ماضية في تنويع اقتصادها دون الاعتماد على إيران وروسيا.
– هذا الاحتمال يقلق حكومة بغداد، ليس فقط لأن المالكي ينظر إلى تركيا نظرة طائفية كونها دولة سنية، بل ما سيرتبه استقلال اقليم كردستان بادارة ثروته النفطية من آثار على بقية اجزاء العراق التي من الممكن ان تحذو حذوه .
– و يشاركه قلقه كلٌ من إيران وأمريكا اكبر حلفاء العراق ، لذلك فقد تحرك الأمريكيون مراراً لكبح الطموحات الكردية مع تشجيع بغداد لاحتوائهم.
(( هناك الكثير من المقالات الاخرى التي تم نشرها وسيتم نشر الباقي تباعاً، تؤكد على العلاقات القوية بين كردستان العراق وتركيا، وتشير الى العدد الكبير من الشركات التركية الناشطة هناك، وتبين اهمية هذه المنطقة كسوق كبيرة للصادرات التركية.ومن اهم الاخبار الاستراتيجية على الاطلاق ، هو قرب اكتمال مد الانبوب النفطي، الذي سيوفر البيئة المناسبة على الارض للاستقلال النفطي عن بغداد.
والسؤال الاستراتيجي الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن تغيير الوقائع الجارية على الارض، وهل يمكن الوقوف امام الضوء الاخضر التركي، وهل يمكن تعزيز الموقف الامريكي المعارض للتوجّهات الكردية؟ ))