من الدراسات الاستراتيجية المهمة التي تفرّد بها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وخبيره العسكري والأمني الاستراتيجي المعروف انطوني كوردسمان، هي المترجمة والملخّصة في هذا العدد الماثل بين أيديكم الآن، ونظراً لحجمها الكبير فقد شُطرت إلى شطرين، يتوزعان على عددين منفصلين.
وفيما يأتي نستعرض أهم الأفكار المطروحة في الشطر الأول والتي تهم صانع القرار الاستراتيجي العراقي بالتأكيد:
– إنالعراق يصارع الآن من أجل تأسيس هوية وطنية جديدة، هوية تستطيع ان تمدَّ الجسور عبر الانقسامات العميقة بين السنة والشيعة والانقسامات الاثنية بين عربه وكرده والأقليات الأخرى.
– هذا الصراع يمكن أن ينتهي بجولة جديدة من العنف أو حتى بتقسيم البلاد.
– فإمكانية الدخول في دورة جديدة من العنف والحرب الأهلية الكبرى يشكل خطراً جسيماً بعد انسحاب القوات الأمريكية وتراجع الدور الدولي وسط أزمة إقليمية واسعة النطاق تتمثّل في انعدام الاستقرار السياسي، فضلاً على الشعور بالإحباط الناجم عن عدم تنفيذ اتفاقية أربيل القاضية بتقاسم السلطة، والذي جعل التحالف الوطني الحاكم موضع اختبار دائم.
– إن الولايات المتحدة بذلت جهوداً كبيرة لمواجهة النفوذ الإيراني في العراق، بما في ذلك استخدام وضعها كقوة احتلال ومصدر المساعدات الرئيس للعراق ودورها في تدريب ومشورة المسؤولين الأمنيين العراقيين، وحتى من خلال التصريحات الصحفية التي تسلط الضوء على التدخل الإيراني.
– إن الفصائل السياسية والطائفية المتنافسة رأت في انسحاب القوات الأمريكية فرصة لتجديد الصراع من أجل السلطة. وإذا ما تُرك الصراع من دون حلّ فيمكن للأزمة الناجمة عن ذلك وغيرها من المشاكل التي تواجه البلاد ان تفضي إلى انهيار كامل للديمقراطية الوليدة في العراق وإلى صراع مدني خطير.
– إن هناك انقسام متنامي بين الشيعة والأكراد والسنة، فإذا ازداد العنف وتطلعت الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في العراق إلى المساعدة الخارجية، فإن هذا الأمر سيدفع بها صوب الاعتماد على إيران.
– وإذا اتجه العراق نحو مزيد من العنف المدني من دون وجود القوات الأمريكية أو إذا انهارت الحكومة الشيعية في العراق فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة التدخل الإيراني في العراق.
– فضلاً على ذلك فإن إيران تضغط بالفعل على العراق من أجل تحقيق الأهداف الإيرانية المتعلقة ببقاء نظام الأسد في سوريا وهي قد تُقْدِم على معاملة العراق كرهينة ضد أي تدخل أمريكي في الخليج.
– يوجد هناك أكثر من سيناريو لمستقبل العراق، والحرب الأهلية والصراع الطائفي والاثني هو السيناريو الوحيد المرجّح. لكن يبدو ان السيناريو الأكثر احتمالاً هو: استمرار الصراع الطائفي والاثني بمستوى منخفض من دون العودة إلى الحرب الأهلية خلال الأعوام 2005-2008.
– العراق يحتاج إلى التجارة وإلى الدعم عبر الحدود من إيران تماماً كما يحتاج إلى المساعدة الدبلوماسية والمساعدة العسكرية من الولايات المتحدة. إن تدنّي قدرات العراق العسكرية بشكل كبير جعله يعتمد على المساعدات والمبيعات العسكرية والتدريب من الولايات المتحدة، فالعراق مايزال يفتقر إلى الموارد والتماسك الكافي لمقاومة الضغوط الإيرانية والوقوف بوجه عدوانها.
– الخلافات الداخلية بين الحكومة المركزية وأقاليم النفط الغنية في العراق فضلاً على ضعف البنية التحتية والغموض السياسي وأعمال التخريب والطلب الداخلي كلها عوامل تحدُّ من قدرة العراق على إنتاج وتصدير النفط. قليل من المحللين يعتقدون ان العراق سيحقق الهدف المتعلق بزيادة إنتاج النفط بمقدار خمسة أضعاف بحلول عام 2017 .
(( إن التحليل الرائع في هذه الدراسة يعكس مدى حرج وحساسية وخطورة الموقف في العراق، ويبيّن العبء الثقيل القائم على كاهل صانع القرار الاستراتيجي العراقي، الذي يجب ان يتعامل مع كل هذه العوامل والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية المتنوعة من خلال منظار وفهم استراتيجي شامل، ومن ثمَّ يجب أن يُدرك مجال المناورة المتاح أمامه والحدود والقيود المفروضة على حرية حركته)).