ننشر في هذا العدد مقالة منشورة سابقاً في صحيفة الديلي ميل البريطانية تطرّقت فيها إلى الموضوع الساخن هذه الأيام ألا وهو الرواتب الضخمة التي يتقاضاها النائب في البرلمان، وبغض النظر عن صحة الأرقام الواردة، يعد هذا الموضوع من النوع الاستراتيجي المهم، لما له من تأثير بعيد المدى على تواصل النائب مع جمهور ناخبيه، الأمر الذي له انعكاسات كبيرة وجدّية على مجمل العملية السياسية في البلد.
تشير هذه المقالة إلى الأمور الآتية:
–استعد أعضاء البرلمان كافة والبالغ عددهم 325 نائباً لعقد الجلسة البرلمانية الثانية المتعلقة بالرواتب الخاصة بهم، إذ لم يسبق لهم أن اكتمل نصابهم منذ انتخابات آذار الماضي.
–هناك استياء متزايد في الأوساط العراقية الشعبية بسبب نفقات البرلمانيين الذين يعيشون حياة مترفة.
–إن الراتب الشهري الأساسي للبرلمانيين هو 10.000 دولار، ما يعني أن البرلماني فيالعراق يحصل على 4500 دولار أكثر مما يحصل عليه العضو في الكونغرس الأمريكي.
–ويمكن للبرلماني أن يقضي الليالي مجاناً في أرقى الفنادق في بيئة آمنة نسبياً من المنطقة الخضراء، وبغض النظر عما إذا كان البرلمان منعقداً أم لا، ويحصل على 600 دولار في اليوم الواحد عند السفر داخل أو خارج العراق.
–وفي إحدى خطب الجمعة حثَّ أحمد الصافي، ممثل رجل الدين الشيعي الأعلى في العراق، أعضاء البرلمان على خفض رواتبهم عندما يجتمعون مرة أخرى، قائلاً: إنه من المنطقي أن نطالب صناع القانون بأن لا تصل رواتبهم حد الفخامة والترف.
–وعلى الرغم من تصويت العراقيين وبأعداد ضخمة لانتخاب ممثليهم على أمل تعزيز الديمقراطية بعد سنوات من الحكم الاستبدادي، إلا أن ما حصل هو تنامي الشعور الطائفي والحرب بين السياسيين الذين اختاروهم لتمثيلهم بدلاً من العمل الجاد والتعاون فيما بينهم للنهوض بواقع البلد.
((هناك من يعتقد بأن تخصيص هذه الرواتب الضخمة في بداية تشكيل مؤسسات الدولة العراقية إبان مدة تصدي الحاكم الأمريكي بول بريمر، يعد عملاً مقصوداً ومخططاً له بعناية، لإيجاد فجوة وجفوة بين النائب وجمهوره، لإضعاف العملية السياسية وإفراغها من محتواها الجوهري الديمقراطي وعزل وإبعاد البرلماني عن مواطنيه، تمهيداً لفسح المجال أمام مزاولة النشاط التشريعي بعيداً عن أعين جماهير الشعب، ومن ثمَّ تسهيل أمر عقد الصفقات وإجراء المساومات وشراء ذمم البعض منهم. وما قصص الفساد المتداولة بين الناس إلا دليل قاطع على هذا الاعتقاد؛ لذلك وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه الآن، فإن موجات الاستياء والنقمة الجماهيرية ستزداد على مرِّ الزمن لتتحوّل بالتدريج إلى تيار شعبي جارف يأكل الأخضر واليابس لا سمح الله. وفي الحقيقة إن هذه الامتيازات الضخمة ما هي إلا فخ لتسقيط شخصية من تنطلي عليه القضية؛ لذلك فالطريق الأسلم -كما يعتقد البعض- هو القيام بالخطوة الاستباقية وتدبّر الأمر وبسرعة وقبل فوات الأوان وضم الأصوات لصوت واقتراح النائبة حنان الفتلاوي ولمناشدة ممثل المرجعية، الداعي إلى إلغاء الرواتب التقاعدية وحتى تعديل قانون الرواتب وامتيازاته برمته)).