في هذ ا العدد خمس مواد استراتيجية تلقي الضوء على الأحداث الجارية الآن في العراق والمناطق المجاورة، الأولى: مقالة للسفير الكندي السابق في بعض دول المنطقة المجاورة للعراق “مايكل بيل” وعنوانها: العراق: الزعيم الأوحد أو التقسيم، والثانية: مقالة “جويل رايبيرن” الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية في كلية الدفاع الوطني والضابط في استخبارات الجيش الأمريكي، المنشورة في مجلة “نيو ريبابليك” وعنوانها: العراق على شفا الحرب الأهلية الطائفية مجدداً، والثالثة: مقالة الواشنطن بوست التي تعتقد بأن الولايات المتحدة تستطيع مساعدة العراق من دون الحاجة لوجود قوات على الأرض، والرابعة: مقالة “جنيف عبدو” الباحثة في مركز ستيمسون للأبحاث وعنوانها: تفاقم الصراع السني – الشيعي، والخامسة: مقالة مايكل فايس الصحفي في مجلة “ريل كلير وورلد” وعنوانها: حزب الله يوقظ المارد السني.
المقالة الأولى تشير إلى أنه وعلى الرغم من التمثيل البرلماني ومحاولات تقاسم السلطة على الورق، إلا ان المالكي يعزز التفرد بالسلطة من جديد،وان الأمريكيين قد أثبتوا بأنهم مخطئين بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فمنذ رحيلهم قاموا بتقديم أفضل الجهود لمساعدة المالكي في توطيد العراق كلاعب دولي فاعل بسبب أهميته الجيواستراتيجية، على الرغم من تزايد الانتهاكات في حكومته،وقيامه باستخدام سلطة الدولة على نحو متزايد من أجل تركيز الحكم المطلق في البلاد، ومما يُستشهد به أيضاً ابنه أحمد ونائب رئيس هيئة الأركان فسُمعته تشير بأنه الشخص الأكثر نفوذاً في بطانته،ويعتقد الكاتب بأن المالكي أما أن يكون ناجحاً في تعزيز حكمه كرجل أوحد أو يتفتت العراق ذاتياً، ويتقسّم إلى كيانات شبه مستقلة على أساس الدين والعرق والقبيلة.
والمقالة الثانية تشير إلى أن بوادر صراع طائفي على صعيد المنطقة، تلوح في الأفق وان التوترات في سوريا بدأت بالتسرب إلى العراق، إذ يعتقد سنة العراق أن سقوط النظام العلوي وصعود السنة في سوريا سيسهم في تمكينهم من الحصول على حصة أكبر في السلطة في بغداد إن لم يكن كلها، وبإزاء ذلك يرى العراقيون الشيعة، بما فيهم المالكي وحلفاؤه، ضرورة دعم بشار الأسد لمنع هذه النتيجة، ويعتقد الكاتب بأنه من الممكن أن تكون المعارك التي جرت في نهاية نيسان قد بدأت بخطأ في الحسابات في الحويجة وربما ليس كذلك، لكن طالما بقيت القضايا الأساسية التي تقسّم المجتمع العراقي عالقة من دون حل، فإن العديد من الحوادث من هذا القبيل قد تتكرر، إذ من الممكن أن تخرج الاشتباكات المحلية عن نطاق السيطرة، الأمر الذي سيُدخل العراقيين في أتون صراع شامل، والحرب في العراق لم تنتهِ مطلقاً بل خفتت فحسب، وإن ماحدث في الحويجة وغيرها من الأماكن هي النقطة التي يجب التوقف عندها والتفكير فيها لأنها قد تؤدي إلى الفتنة الطائفية.
والمقالة الثالثة تعتقد بأنه على الرغم من انسحاب القوات الأمريكية من العراق ماتزال الولايات المتحدة تحتفظ ببعض النفوذ فيه، والآن هو الوقت المناسب لاستخدامه، لأنه إذا لم يتم التصدي للمشاكل التي يتعرض لها العراق ستصبح القوى المتطرفة مشكلة أمن للولايات المتحدة عاجلاً أم آجلاً، إذ إن تجدد العنف في العراق عاد إلى واجهة الاهتمام مؤخراً بسبب الهجوم المذهل الذي شنه تنظيم القاعدة على سجنين بضمنها سجن (أبوغريب) قرب بغداد الذي أدّى إلى هروب مئات السجناء بما في ذلك كبار قادة تنظيم القاعدة في العراق، ورجحت المقالة أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من العنف ليس في العراق فحسب بل وفي سوريا أيضاً، التي يشن فيها تنظيم القاعدة حرباً ضد حكومة بشار الأسد والجماعات المتمردة المعتدلة، وإن إدارة اوباما طالما عرضت دعماً غير مشروط تقريباً للمالكي ومن هنا يجب أن تؤكد له أن استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية، بما في ذلك تسليم ما وعدت به الإدارة من أنظمة الأسلحة الرئيسة، يعتمد على وقف الحكومة اتهاماته للزعماء السنة وعلى التوصل إلى اتفاق مع الأكراد بشأن النزاعات الإقليمية القائمة منذ زمن طويل والخلافات حول تقاسم العائدات المستحقة كما ويجب على البيت الأبيض أن يصر على أن يعمل المالكي على كبح جماح المليشيات الشيعية.
والمقالة الرابعة تؤكد على أن تصعيد الصراع الطائفي سيؤدي إلى إعادة رسم خارطة بعض الدول العربية، وهذا بالفعل أحد الاحتمالات في سوريا، وإذا لم يتم التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض بين حكومة الأسد والمعارضة، فيمكن للأسد والأقلية العلوية تقسيم البلاد من خلال إقامة مقاطعة خاصة بهم، بمعزل عن الأغلبية السنية.
أما المقالة الخامسة (الأخيرة) فأشارت إلى سعي المملكة العربية السعودية إلى إقامة تكتل إقليمي سني لمواجهة إيران وحزب الله ونظام بشار الأسد، حيث أيقظ تدخل الحزب في سوريا المارد السني وان السعوديين يرون ذلك أمراً خطيراً لايمكن السكوت عنه.