العدد42/على الولايات المتحدة استبدال استراتيجية الإهمال باستراتيجية الصبر حيال العراق

      Comments Off on العدد42/على الولايات المتحدة استبدال استراتيجية الإهمال باستراتيجية الصبر حيال العراق

عنوان افتتاحية هذا العدد يشير إلى مقالة استراتيجية مهمة للخبير العسكري والأمني المعروف “انطوني كوردسمان” المنشورة في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” الذي يعبّر عادة عن مصالح الشركات النفطية الكبرى، إذ يُشير الكاتب في مستهل مقالته إلى صعوبة تحديد سبب الاهتمام المتواضع الذي تبديه الولايات المتحدة تجاه العراق، الذي ينجرف نحو صراع طائفي وحرب أهلية وميل نحو إيران، ويُرجع انطوني كوردسمان هذا الإهمال إلى التعب من الحرب، التي كانت نتيجتها فوز أمريكا على المستوى التكتيكي وخسارتها على المستوى الاستراتيجي، وهذا نابع من طبيعة الحرب الأهلية في سوريا التي بدأت بسببها الولايات المتحدة تعرف قيمة العراق المحورية .

 

ويلاحظ الكاتب أن الاضطرابات في العالم العربي والإسلامي أصبحت صِداماً داخل الحضارة الواحدة بدلاً من الصدام بين الحضارات، كما أن الحرب الأهلية بين السنة والعلويين في سوريا تفاعلت على نحو متزايد مع التوترات السنية والشيعية في الخليج وكل ذلك يعود بالعراق إلى الحرب الأهلية، وكذلك قد غذّت الصراعات في لبنان بين السنة والشيعة والموارنة.

ويشير الكاتب إلى المشكلة الكردية التي انتشرت عبر سوريا والعراق وتركيا إلى إيران، فمسألة الهوية العربية مقابل الهوية الطائفية (السنية – الشيعية) سلخت العراق من بين دول الخليج العربية ودفعته صوب إيران.

ويعتقد انطوني كوردسمان بأن العراق يفصل بين إيران ودول الخليج العربية، والتوترات في بغداد وطهران كانت حاجزاً استراتيجيا بين إيران وبقية الشرق الأوسط على مدى نصف قرن (1950 – 2003 ). واليوم لدى العراق حكومة شيعية خاوية عسكرياً ولديها علاقات قوية مع إيران، والقادة العراقيون الشيعة يعاملون مواطنيهم السنة والأكراد كتهديد أكثر من كونهم مواطنين. وبالمقابل دول الجوار العربي تعامل النظام العراقي كخطر وليس كحليف، كما أن تزايد التوتر بين السنة والشيعة في بقية أنحاء المنطقة زاد من الأمور سوءاً في العراق ودفعه باتجاه إيران.

ويضع الكاتب سيناريوهات لما سيحصل مستقبلاً، فإذا اندلعت الحرب الأهلية في العراق سيتجه شيعته صوب إيران وسوريا ومع بقاء الأسد واستمرار سياسة العزل الخليجية تجاه العراق، فإن الوجود الأمريكي سيتضرر ويصبح أكثر رمزية وسينخرط العراق في محور شيعي يمتد من لبنان إلى إيران. أما إذا سقط الأسد، وتصاعدت التوترات بين أمريكا ودول الخليج من جهة وإيران من جهة أخرى، فعندئذ ستبذل طهران جهدها لنقل علاقتها ونفوذها من سوريا إلى العراق. فالضغوط التركية والعربية يبدو أنها تدفع بغداد صوب حرب أهلية طائفية ينحاز فيها الشيعة لإيران، والأكراد سيسعون إلى الانفصال، وتقوم باقي الدول العربية بدعم الفصائل السنية في لبنان وسوريا والعراق لمواجهة قمع الشيعة.

ويعتقد انطوني كوردسمان بأن لدى الولايات المتحدة بطاقات لعب محدودة، وان تلكؤ عمليات بيع السلاح الأمريكي إلى العراق دفع الأخير إلى الاتجاه صوب روسيا ومورّدين آخرين لشراء السلاح، كما أن لواشنطن دوراً هامشياً في الاقتصاد العراقي والتنمية الاقتصادية. ويرى ضرورة جعل العراق بؤرة استراتيجية كبرى ليتعامل مع تركيا وأصدقاء أمريكا العرب لتجنب تشكيل جسر استراتيجي بين إيران ودول الخليج، وربما يحدّ هذا من الروابط المتنامية بين التوترات والنزاعات الموجودة في منطقة الخليج وبلاد الشام، والمساعدة في حفظ أمن الأردن ولبنان ومصر، وسوف يتحقق ذلك عبر إعطاء فريق وزارة الخارجية الأمريكية في بغداد كل المعونة الممكنة للتحرك بالعراق نحو الإصلاح الاقتصادي والاستقرار العسكري.

وأخيراً يرى الكاتب أن نجاحاً محدوداً في إخماد الصراع الداخلي العراقي، ومساعدته على الابتعاد عن إيران سوف ينقذ الولايات المتحدة كثيراً، حتى على المدى القريب، واستبدال استراتيجية الإهمال باستراتيجية الصبر، كما أنها قد تمنع العراق من السقوط في حرب أهلية أسوء مما في سوريا وفي حرب دينية بين السنة والشيعة، التي يمكن أن تتحوّل من صِدام داخل الحضارة إلى حرب خطيرة يمتد تأثيرها إلى الغرب.

((هذه المقالة من المقالات المهمة لصانع القرار الاستراتيجي العراقي، لأنها تُلقي بعض الضوء على الشعور الداخلي الأمريكي تجاه العراق، وتعطي تصوّراً مجملاً واستراتيجياً للوضع في العراق وأهميته في المنطقة وتبيّن طرفاً من طريقة التفكير الأمريكية))

تحميل العدد كاملاً