في هذا العدد ننشر ملخصاً لدراسة استراتيجية مهمة منشورة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، حول “التداعيات الاستراتيجية للتحوّل نحو المصادر غير التقليدية للنفط“، إذ تدعو إلى وجوب التفكير بالنفط بطريقة جديدة كلياً، بحيث ينطوي على الكشف عن مجاهيل جديدة للنفط والتحقيق حول الغموض المحيط بالجيل المقبل من النفط الذي يتعلق بمختلف مجالات التكنولوجيا والمناخ والاقتصاد وسياسة الإنتاج، ولكن مع التحولات العميقة في مجال النفط توجّب على صنّاع القرار إيجاد وسيلة لتحقيق التوازن بين القيمة الاقتصادية الهائلة الواعدة للنفط وبين التهديدات الضخمة التي يشكلها على العالم عبر تعريضه المناخ والبيئات المحلية للخطر، ويعتقد كاتبا الدراسة بأنه مع حلول عام 2020 من المتوقّع أن تكون الولايات المتحدة أكبر منتج نفطي في العالم وكذلك أكبر مستهلك ومصدِّر للمنتجات البترولية، وعلى الرغم من عدم وجود وسيلة للتحقق من كمية النفط التي ما تزال مخزونة في باطن الأرض، لكن التقديرات تشير إلى أن هناك كميات هائلة من النفط في حدودعشرات التريليونات من البراميل، وغالبيته نفط غير تقليدي،وان أمريكا الشمالية حالياً هي في مركز هذا التغيير الديناميكي، وتقوم الأدلة على أن هذا التحوّل غير العادي سوف يحدث في أماكن أخرى أيضاً، إذ تشير التقديرات إلى أن الموارد النفطية في الصين، وروسيا، وأمريكا الجنوبية، وأماكن أخرى مجتمعة أكبر من تلك الموجودة في الولايات المتحدة،وان جيولوجية النفط الصخري، غالباً ما تكون موزعة في مناطق واسعة غير مجتمعة في أماكن محدودة، الأمر الذي يؤثر على معدل الإنتاج في المدى الطويل، وبينما يميل النفط الصخري إلى النفاد بسرعة أكبر من النفط التقليدي، إلا انه يتميز بإمكانية التنقيب مراراً وتكراراً، وعلى هذا النحو، فإن التوقعات طويلة الأجل للنفط والغاز الصخري واعدة بالازدهار والإنتاج بشكل كبير وبإمكانية حفر ملايين الآبار، وان الفهم الأمريكي الحالي للموارد النفطيةوالأسواق النفطية قد تشكَّل وفقاً لمبادئ استقرت ولمدّة طويلة تقوم على ندرة النفط، أدارت الجزء الأكبر من نفط العالم من قِبل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، واعتماد الولايات على نفط مستورد وغير محلي، وعدم استقرار الأسواق يعود إلى ارتفاع الأسعار، وعدم وجود بدائل جاهزة،ولكن الظروف تتغير بسرعة، حيث إن القطاع النفطي يمر الآن بتحولات هائلة تتطلب من الأميركيين تحدي الفهم التقليدي وإعادة تثقيف أنفسهم،وترى الدراسة بأن التطور التكنولوجي قد دفع للمغامرة في إنتاج نفط غير تقليدي، بدءاً في أمريكا الشمالية، على شكل نفط رملي ونفط صخري، وفي الوقت ذاته، تمكنت تكنولوجيات جديدة من تحويل الغاز والفحم إلى سوائل، وخلق فرص تسويقية كبرى للحصول على الإيرادات، وتوليد التدفقات النقدية، وتسهيل زيادة الإنتاج،بيد أن تحوّل الأسواق بسبب دوافع الأسعار غير أكيد، وان توقعات الطلب على النفط، ومزيج مصادر الطاقة، واستهلاك المنتج هي أوجه عدم يقين إضافية بسبب كون هذا القطاع العملاق يتصف بكونه بطيء التغيير في العادة، ولكن من المتوقع أن يكون ديناميكياً، مما يثير تساؤلات حول الاستثمارات النفطية، ومعدلات الإنتاج، والابتكارات وأسعار النفط في المستقبل، وأشار الكاتبان إلى كيفية حصول تغيّر المخاطر تبعاً لتغيرات السوق، وأشارا إلى أن الضغوط الاقتصادية على إنتاج النفط هائلة، حيث إن الموارد في النفط الرملي وحدها تُقدّر بمئات التريليونات من الدولارات، هذه القيمة المحتملة تُنتج زخماً سوقياً عنيداً لتطوير آفاق المستقبل، غير أن هناك مخاطر تتغير جنباً إلى جنب مع هذه الزيوت نفسها، وان هذه التطورات في قطاع النفط لها تداعياتها، كالتأثير على تغيير المناخ، فمع العلم بوجود أدلة على وضع بعض شركات النفط “أسعار ظل” على الكربون المنبعث لتقييم المخاطر الناتجة من التطبيقات المستقبلية المتعلقة بسياسات المناخ، بيد أن ذلك ليس ممارسة عالمية، وان محدودية نطاق تسعير الظل غالباً ما لا تراعي سوى التأثيرات المناخية المصاحبة لاستخراج النفط وغير مكترثة باحتراق المنتجات النفطية،لذا فإن آلية احتساب المخاطر المناخية في عمليات تقييم المشروع غير واضحة.
العدد44/تحوّلا ت استراتيجية كبرى في السوق النفطية العالمية
Comments Off on العدد44/تحوّلا ت استراتيجية كبرى في السوق النفطية العالمية