ننشر في هذا العدد ترجمة ملخّصة لموضوع استراتيجي مهم له تأثير كبير على صناعة القرار الاستراتيجي العراقي، منشور في موقع “جيوبوليتيكال انفورميشن سرفيس (GIS)” للكاتب “د.ماتزي بارام” مدير مركز دراسات العراق في جامعة حيفا بإسرائيل، يتناول فيه بالبحث والتحليل فرص ومعوقات إقامة مشروع “كردستان العظمى”، إذ يرى بأنه إذا ما تفكك العراق ولم تحصل كردستان على عوائد النفط من بغداد فهي ربما تجنح صوب الاستقلال، وحتى في الوضع الحالي فإن كردستان تتمتع بدرجة كبيرة ومتنامية من الاستقلال، هذا التفكك، سيوفر للكرد القدرة العسكرية على ضم كركوك الغنية بالنفط، لأن الجيش العراقي الذي يسيطر عليه الشيعة سيتمركز في الجنوب، فيما ستضعف المناطق السنية في نينوى وصلاح الدين والأنبار، وتركمان كركوك لن يكون باستطاعتهم منع هذا الانضمام، ويجزم الكاتب بأن الأزمات التي تعصف بالمنطقة قد تمهد الطريق أمام الكرد – القومية الأكبر غير الحائزة على استقلالها – للحصول على الاعتراف والاستقلال السياسي، ففي خضم الاضطراب الحاصل في الشرق الأوسط وما كان غير متوقعاً ربما أصبح ممكناً، وان تفكك سوريا، سيدفع المناطق الكردية إلى تأسيس علاقات وثيقة مع الحكم الذاتي في كردستان العراق، ووفقاً لـ د.ماتزي، فإن كردستان العظمى إذا ما كان أكرادها جشعين، سيواجهون عداء السنة والتركمان، أما إذا حلت العقلانية، فسيتشارك الكرد والسنة والتركمان السلطة في كركوك ضمن اتفاقية مشاركة الإيرادات، أما إذا توصلت الحكومة التركية إلى اتفاقية حكم ذاتي مع أكرادها، فسيخلق ذلك منطقتي حكم ذاتي كردية في تركيا وسوريا متعاونتين مع بعضهما البعض، وكذلك مع كردستان العراق، وأما بالنسبة لإيران فيرجّح الكاتب إمكانية إقامة منطقة كردية فيها مع بعض الدعم الخارجي إذا ما ضعفت الحكومة الإيرانية جراء معارضة داخلية أو هجوم خارجي، ولاسيما أن سابقة كهذه حصلت في السابق عندما قررت جمهورية مهاباد الكردية الاستقلال عن إيران في العام 1946بدعم من السوفييت، ويرى أن أكثر حليف محتمل للكرد في الشرق الأوسط هي إسرائيل، على الرغم من أن أغلبية الكرد مسلمون سنة وأكثرهم يكرهون تل أبيب، إلا ان زعيمهم مسعود البرزاني عمل عن قرب مع الإسرائيليين وأغلبية المفكرين الكرد متعاطفين مع إسرائيل، الأمر الذي سيفتح آفاقاً واسعة للتعاون الاقتصادي والدبلوماسي والاستخباراتي وفي مجال التنمية الزراعية والتعليم العالي، ويلاحظ أن النخبة السياسية الكردية مؤيدة للغرب، فهم يسعون إلى كسب دعم الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة، إلا ان التعاون العسكري مع الأخيرة يعتمد على واشنطن ذاتها وعلى تركيا أو مستقبل تركيا، فالكرد يمتلكون الموارد لشراء السلاح، وإذا تلقى الأتراك ضمانات بأن كردستان العظمى السنية ستكون فاصلاً بينهم وبين إيران الشيعية والعالم العربي، فربما ستكون أنقرة متعاطفة مع كردستان العظمى مسلحة تسليحاً خفيفاً، وان كردستان العظمى ستكون منطقة استكشافات نفطية جذابة للشركات الكبرى؛ حيث تُقدّر احتياطيات كردستان، عدا كركوك، بـ 4 مليار برميل، وفي عام 2013 أعلن الكرد أن تلك الاحتياطيات 45 مليار برميل. إذا لم تستطع كردستان العظمى الوصول إلى البحر المتوسط من خلال الكرد الذين تبلغ 15-20 % في إقليم انطاكيا، لأجل استمرار استيراد وتصدير نفطهم وغازهم، فالدولة الجديدة ستبقى معتمدة على جيرانها، لكن د.ماتزي يرشح تركيا، مرة أخرى، لتكون حليفاً محتملاً، ليس لأن أغلبية الكرد يعيشون فيها فقط، لكن بسبب العلاقات بين تركيا وكردستان العراق الودية مع وجود الاعتماد المتبادل، وكذلك الترك من جانبهم يحتاجون النفط والغاز الذي يأتي من جنوب العراق عبر المناطق الكردية، كما أن الكرد الذين ينتفعون من عائدات النفط العراقي قادرون على دعم الاقتصاد التركي.