ننشر في هذا العدد ترجمة ملخصة لمقالة “مايكل نايتس” الخبير الأمني والعسكري في معهد واشنطن، الذي يعبّر عن مصالح اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، تناولت قدرات وإمكانيات قوات مكافحة الإرهاب، وتأتي أهمية هذه المقالة من خلال تزايد الأعمال الإرهابية وتكررها بشكل مثير للقلق في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي يتطلب من صناع القرار وقفة جادة وإعادة النظر والتقييم بالخطط والإمكانيات لئلا تزداد الأمور سوءاً لا سمح الله، إذ يعتقد الكاتب بأن قرار انسحاب الولايات المتحدة من العراق واستبعاد قواتها ولاسيما الخاصة والجوية منها كان من الأسباب الرئيسة الكامنة وراء بعث تنظيم القاعدة، ويُزاد على ذلك الإفراج عن المئات من السجناء الذي جاء في سياق نقل السجون من السيطرة الأمريكية إلى العراقية، الأمر الذي أعاد هؤلاء الإرهابيين المدربين إلى نشاطهم ثم جاءت الحرب السورية لتكون عاملاً محفزاً للمتمردين السنّة ولتوفّر مزايا لوجستية وملاذات آمنة لهم، وان حل الأزمة الأمنية يتطلب رؤية أوسع بكثير من تحسينات تكتيكية في قدرة بغداد على اعتقال وقتل الإرهابيين، وان ثلاث سنوات من التناحر السياسي الداخلي أنعشت تنظيم القاعدة، والسياسة وحدها هي التي تستطيع تقويض الحركة مرة أخرى،ويتوقع أن مستشاري السياسة الأمريكية سينصحون بمزيد من التعاون الأمني مع قوات مكافحة الإرهاب العراقية التي ستكون مفيدة، وقد لعبت بغداد دوراً لصالح الدعاية التي قام بها تنظيم القاعدة، فمنذ بدء الانسحاب الأمريكي في عام 2009 وتدهور الشراكة بين القوات العراقية والأمريكية، تخلّى الجيش العراقي عن النموذج الناجح المتمثل بالصحوة، فقد تم إقصاؤهم وأصبحت رواتبهم متقطعة وتم تقييد حقهم في حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وغالباً ما أُلقي القبض على قياداتهم، وأصبحوا أهدافاً سهلة للقتلة التابعين لتنظيم القاعدة، ويسعى أفرادها بشكل متزايد إلى إبرام اتفاقيات مع الإرهابيين.
ويؤكد الكاتب على أن إصلاح قوات مكافحة الإرهاب العراقية يمثل أولوية قصوى، ولا يوجد شك في أن هناك عمل يجري القيام به من خلال قنوات سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فضلاً على تعاون مع وزارة الدفاع، وواشنطن بإمكانها أن تساعد في تقليل الضغط على وحدة مكافحة الإرهاب في البلاد “قوات العمليات الخاصة البالغ عددها 4100 شخص” المعروفة بقوتها، وتعمل قوات العمليات الخاصة حالياً تحت قيادة جهاز مكافحة الإرهاب، وهي عبارة عن قوات ليس لها أساس قانوني لأن البرلمان عجز عن تمرير مشروع قانون مكافحة الإرهاب، الذي عُرض لأول مرة عام 2007، وتُركت القوات في حالة فراغ قانوني ومالي، وهي ليست جزءاً من وزارة الدفاع، وفي عام2010 تلقت القوات تمويلاً بقيمة 170 مليون دولار فقط، مقارنة بتكلفتها التشغيلية السنوية البالغة نحو 350 مليون دولار، لذلك فإن أهم المتطلبات هي إعادة هيكلة هذه القوات ضمن قوات الأمن العراقية من خلال تمرير قانون مكافحة الإرهاب ووضع جهاز مكافحة الإرهاب تحت الرقابة البرلمانية بوصفه وزارة جديدة، ويجب على واشنطن أن تستخدم مساعيها الحميدة لتشجيع قيام محاولة جديدة لتمرير هذا التشريع.
ويرى ” مايكل نايتس” بأنه لا يستطيع العراق أن يخرج من الأزمة الأمنية الراهنة بعودة قوات العمليات الخاصة إلى وضعها الطبيعي فقط، فتحقيق مصالحة وطنية وإصلاح قانون اجتثاث البعث وتعزيز سلطات البرلمان والحكومات المحلية يمكن أن يوجّه صفعات قوية لتنظيم القاعدة.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: إنه وعلى الرغم من أن واشنطن تستطيع تقديم المساعدة من خلال التعليم العسكري والمهني في مكافحة التمرد، إلا ان الاستراتيجية الأوسع نطاقاً تتطلب قرارات سياسية تقوّض وضع المتطرفين من خلال التوصل إلى تسويات، وهناك مؤشرات على أن اثنين من كبار السياسيين العراقيين، رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي يدركان الحاجة إلى الابتعاد عن حافة الهاوية الطائفية، حتى إذا كان ذلك من أجل مستقبلهم السياسي وعلى واشنطن إضعاف تنظيم القاعدة من خلال استراتيجية مصالحة وطنية متكاملة.