في هذا العدد من النشرة نواصل تغطية “أحداث الأنبار” من خلال خمس مقالات استراتيجية منشورة في صحف رئيسية مهمة ومجلات مرموقة ومراكز بحثية معروفة مثل صحيفة الواشنطن بوست وصحيفة الكريستشيانز ساينز مونيتور وصحيفة النيويورك تايمز وصحيفة اللوس انجلوس تايمز ومجلة الفورين بوليسي.
ففي مقالة “التمرد السني في العراق يثير مخاوف حرب جديدة” للكاتبة: ليز سلاي/مديرة مكتب الواشنطن بوست في بيروت وتعمل في الوقت الراهن على تغطية الاضطرابات في الشرق الأوسط، هناك إشارة إلى أن اندلاع أعمال العنف في الأنبار يهدد بالتراجع عن الكثير مما أنجزته القوات الأمريكية قبل انسحابها واضعةً استقرار البلاد على المحك ومهددة بظهور شبح حرب أهلية جديدة في المنطقة التي تعاني مسبقاً من وطأة الصراع في سوريا، وتحدث الآن ثورة سنيّة مفتوحة في محافظة الأنبار ضد الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة برئاسة نوري المالكي، الأمر الذي أعطى الفرصة للقاعدة باستغلال هذه الاضطرابات، وقد استجابت إدارة أوباما للأزمة من خلال التعهد بالإسراع في تسليم الأسلحة إلى الحكومة العراقية، بما في ذلك صواريخ هيلفاير وطائرات الاستطلاع من دون طيار،ولكن معظم المحللين والعراقيين يقولون إن المشكلة متجذرة قبل كل شيء بفشل حكومة المالكي في التواصل مع السنّة وإشراكهم في صنع القرار مع الحكومة، الأمر الذي عزز شعورهم بالعزلة الذي بدأ عندما غزت القوات الأمريكية العراق وأطاحت بصدام حسين السنّي عام 2003. وتنقل الكاتبة عن “توبي دودج” الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد: إن الانتخابات الوطنية المقررة في نيسان القادم تسببت في المزيد من الحدة والتوتر وذلك أعطى حافزاً للمالكي لمزيد من المواجهات مع السنة،ويقوم المالكي بحملة انتخابية طائفية علنية على نحو متزايدويحتاج إلى ترسيخ التصويت الشيعي قبل الانتخابات، وأفضل فرصة له للقيام بذلك هي توجيه تهديد كبير للقاعدة.
ويعتقد الكاتب: دان ميرفي/مراسل صحيفة الكريستشيانز ساينز مونيتور بأن المالكي لا يرى مصلحته مع أميركا وذلك من أهم الأسباب التي دفعته لرفض التوقيع على اتفاق تمديد وجود القوات الأمريكية في البلاد، وان المسار السياسي لرئيس الوزراء العراقي وحلفائه أوجد حالة من التمرد والعصيان المفتوح في المدن التي يهيمن عليها السنّة في الأنبار.
وفي مقالة “القاعدة تهدد المدن العراقية الرئيسة” يعتقد الكاتبان: ياسر غازي وتيم ارانغو/يعملان كمراسلين في صحيفة النيويورك تايمز بأن الفوضى في الأنبار أماطت اللثام عن التدهور الأمني المستمر في العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية، وقد صعّدت المعارك هناك المخاوف من الانحدار صوب حرب أهلية طائفية كان قد جربها سابقاً، كما أن هناك مخاوف من أن تبتلع الحرب الطويلة في سوريا العراق معها، إذ لطالما أكد المتمردون السنة في سوريا على أنهم يرون البلدين ساحة حرب واحدة للقتال من أجل الهيمنة السنية، وان الكثير من رجال القبائل الذين يقاتلون إلى جانب قوات الأمن الحكومية يفعلون ذلك على مضض، لأنهم ببساطة يحسبون أن الحكومة أقل شراً من القاعدة.
وفي مقالة “المالكي بين خيار القوة العسكرية والمصالحة” يرى “ديفيد أس كلاود” مراسل “صحيفة لوس انجلوس تايمز” بأن على المالكي ضبط النفس والسعي للحصول على دعم القادة السنة وأن يعتمد على استراتيجية قوامها استخدام القوة العسكرية لمحاربة المسلحين، وأن يمد يده للمصالحة مع السنة المحايدين، وينقل عن مصادر أنه في حال تمت الموافقة على صفقة الأباتشي،فإن تسليم الطائرة الأولىمن المرجّح أن يتم بعد عدة أشهر، وبالتالي لن تحصل أي عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على الفلوجة والرمادي الآن،ووفقاً لمسؤول أمريكي بارز فقد وضع البنتاغون خطة للبدء في تدريب مجموعات صغيرة من الجنود في بلد ثالث قد يكون الأردن.
وأخيراً يؤكد “دوغلاس اوليفنت” الضابط السابق في الجيش الأمريكي، ومدير مجلس الأمن القومي السابق للعراق، وزميل أول في الأمن الوطني في مؤسسة أمريكا الجديدة في مقاله المنشور في مجلة الفورين بوليسي “العراق على مفترق طرق: الانتصار على الإرهاب أو العودة إلى العنف” على أن الوضع في الأنبار يمثل نقطة انعطاف سياسية وعسكرية للعراق، فمن الممكن جداً أن تزداد الأمور سوءاً، وإن الجيش العراقي سوف يتدخل وإن الأنباريين لن يرفضوا وجود تنظيم القاعدة، ولكن ينبغي لهذه الأزمة أن تجعل سكان الأنبار يصطفون ضد داعش، ويجب على الجيش العراقي أن ينتصر على الإرهابيين في الفلوجة والرمادي، وهذا يمكن أن يتحوّل إلى تطور إيجابي يذهب بالعراق إلى انتخابات وطنية في نيسان،وان السنة في العراق أقلية عددية، وإن كانوا في الأنبار يمثلون الأغلبية الساحقة، ومقاتلو داعش هم نسبة صغيرة هناك، وعلاوة على ذلك، فقد تخلى تنظيم القاعدة الآن عن سلاحه الأساسي ضد الحكومة العراقية وهو التخفي الذي وفّر له الغطاء للقيام بعمليات مستمرة من تفجير السيارات الملغومة، لأن الملاذات الآمنة لتنظيم القاعدة حيث كان الإرهابيون يختفون فيها لحين تفجير أنفسهم، قد اختفت، وهم الآن يتخذون من مواقع داخل المناطق السكنية الرئيسة بما في ذلك الرمادي والفلوجة مقراً لهم،والسيناريو الأكثر احتمالاً، على الرغم من عدم وجود يقين في الحرب، هو أن قوات من الحكومة المركزية ومحافظة الأنبار، أو القبائل المحلية ستقضي قريباً على مقاتلي القاعدة و حلفائهم، الأمر الذي لن يسهل للأنصار السلبيين الفرار.
تحميل العدد كاملاً