في هذا العدد نضع بين يدي المتابع الاستراتيجي الكريم مجموعة أخرى من المواد المهمة التي تغطي الأحداث الجارية الآن في الأنبار، لكي تزداد الصورة وضوحاً ولكي تساعد بعض الشيء في صناعة القرار الاستراتيجي العراقي، بعيداً عن الانفعال والسطحية والنظرة الأحادية الجانب.
ففي مقال “العراق يدعو سكان الفلوجة لطرد تنظيم القاعدة” يرى
الكاتبان: آدم شريك، وسنان صلاح الدين بأن الهجوم العسكري على الفلوجة سيؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين، وإلى استجابات قبلية عنيفة، كما أنه سيعطي فرصة للقاعدة بشنِّ هجمات انتقامية والسيطرة على أجزاء أخرى من البلاد، ولايمكن هزيمتها بشكل حاسم في الأنبار، لذلك فإن وجود الجيش العراقي هناك يمكن أن يكون طويل الأجل، وإدراكاً لتلك الحقيقة فقد دعا رئيس الوزراء سكان الفلوجة إلى طرد المسلحين.
وفي مقال “الطائرات من دون طيار: خيار الحسم في معركة الفلوجة” يرى الكاتب: ديفيد فرانسيس/كاتب ومراسل في مجلة ذا فيسكال تايمز ومقرها في واشنطن، بأنه إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد لانتهاك سيادة باكستان المسلحة نووياً بضربات الطائرات من دون طيار، فلماذا لا تفعل ذلك في العراق؟ ولكن مع ذلك ليس من المؤكد أن يغيّر تدخّل الولايات المتحدة من الوضع، فمأزق عدم الاستقرار هناك لا يمكن إصلاحه ما لم تتبنَّ الحكومة العراقية سبيل المصالحة الطائفية ولحين بسط الجيش سيطرته على حركة التمرد.
ويؤكد الكاتبان: جون هدسون/كاتب ومحرر في الفورين بوليسي، ويوشي دريزن/كاتب في مجلس الأمن القومي الأمريكي في مقالهما “الولايات المتحدة لن تشحن الأسلحة التي يحتاجها العراق لمواجهة القاعدة” على أنه ما زال منتقدو المالكي قلقين بشأن معاملته لأهل السنة وعلاقته الوثيقة بإيران، لكن مع ذلك قد يتغير موقفهم هذا في حال سقوط الفلوجة بأيدي تنظيم القاعدة وهذا يعني أنهم قد يوافقون على إعطاء المالكي الأباتشي التي طالب بها منذ سنوات، ففي واشنطن كل شيء قابل للتحوّل، وإن رفض واشنطن تجهيز بغداد بــــطائرات F-16 وطائرات أباتشي من شأنه أن يقلب الوضع إلى قتال دموي لاستعادة المدن الرئيسة، فقد طوّق الجيش العراقي الفلوجة بالقوات البرية والمدرعات، وصرح المالكي بأنه على استعداد لإصدار أمر للقيام بهجوم شامل على المدينة في حال فشلَ مقاتلو العشائر في طرد تنظيم القاعدة منها، وكصفعة موجهة إلى البيت الأبيض قال الجنرال محمد حجازي وهو مسؤول عسكري إيراني كبير إن طهران مستعدة لإعطاء بغداد أسلحة ومدربين عسكريين للمساعدة في تطهير المدن، ويقول مسؤولون أمريكيون أن طائرات F-16 والأباتشي من شأنها تغيير الوضع على الأرض عن طريق إعطاء القدرة على تدمير أهداف القاعدة جوًّا ومنع وصول التعزيزات إلى المدن.
وفي مقال “بصمات إيران في الفلوجة” يرى الكاتب: ديفيد اغناتيوس/صحفي وروائي أمريكي وكاتب معروف في الواشنطن بوست بأن الانقسام الطائفي في العراق قد اتسع منذ مغادرة الولايات المتحدة، واتجه الشيعة صوب إيران، وعاد السنة إلى مدار الجهاديين، خاصة بعد انزلاق سوريا إلى الحرب الأهلية، وتوافد مقاتلو القاعدة بلا هوادة عبر الحدود، ليعلنوا قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، وهذا المغناطيس الجهادي الجديد، اجتذب إليه قرابة 10000 مقاتل، ومن ضمنهم أفراد من جنسيات أوروبية.
ويؤكد الكاتبان: ماكس بوت، وجين كيرك باتريك/زميلان أقدمان في برنامج دراسات الأمن القومي في مقالهما “تنظيم القاعدة يعود لبثِّ الرعب في العراق” على أن مدينة الموصل شمالي العراق التي تعد مرتعاً لنشاط تنظيم القاعدة منذ مدة طويلة، قد تكون التالية في السقوط بأيدي القاعدة، وإذا ما حصل ذلك، فإن التنظيم سيهيمن على المثلث السني، وقد تمتد سيطرته إلى أبعد من ذلك بسبب هيمنة الدولة الإسلامية في العراق والشام على جزء كبير من الأراضي السورية عبر الحدود، الأمر الذي يجعل من إقامة دولة تنظيم القاعدة التي تضم شمال سوريا وغرب العراق كابوساً محتملاً جديداً.
وأخيراً في مقال “ما الذي يجب فعله تجاه العنف في العراق؟” يشير الكاتب: ماكس بوت/زميل أقدم في برنامج دراسات الأمن القومي في مجلس العلاقات الخارجية، إلى أن تدخل الولايات المتحدة لصالح العراق ولمواجهة الإيرانيين أصبح حاجة ملحة، ولكن هذا من غير المرجح حصوله، لكونه يتعارض مع رغبه أوباما بالانسحاب من الشرق الأوسط مهما كلّف الأمر، كما أنه من غير المحتمل أن يقوم هذا الرئيس المعتد بنفسه بأي عمل يوحي بخطأ سحبه للقوات عام 2011، على الرغم من كونه مخطأً، الأمر الذي يزيد من احتمال استمرار غرق العراق في بحر من الدم، وإن الولايات المتحدة تمتلك الطائرات من دون طيار وقوات العمليات الخاصة التي تمكنت في ما مضى من المساعدة في كشف تنظيم القاعدة في الشبكات العراقية والتي من المرجح أن تتمكن من فعل هذا مجدداً إذا ما أُرسلت إلى العراق، ويتعين على أوباما السماح للمالكي باستخدام هذه القوات والقدرات ولكن بشروط معينة, وهي أن يبدأ باستيعاب السنة ووقف اضطهادهم، بمعنى أدق, عليه إعادة استخدام برنامج أبناء العراق الذي التحق به ما يقارب 100.000 رجل من السنة لقتال تنظيم القاعدة في العراق عام 2007 وعام 2008 ، إذ كان لهذه الميليشيا الموالية للحكومة دور حاسم في نجاح الحركة المضادة لتنظيم القاعدة في العراق والتي يمكنها أن تحفز لحركة جديدة مصغرة، حركة لا تتضمن أي قوات أمريكية رسمية ولكن يتم الاستعانة فيها بالقوات الخاصة وأفراد المخابرات للعمل مع نظائرهم العراقيين.