في هذا العدد نستمر في ترجمة وتلخيص مجموعة أخرى من المقالات والتقارير والدراسات التي غطت الأحداث الحالية في الأنبار، التي تشكل الملف الأخطر والأسخن الآن، وقريباً سيصدر التحليل الاستراتيجي الأول الذي سيحاول تحليل هذا الملف الساخن تحليلاً منطقيا ًوشاملاً وعميقاً يغطي كل جوانب وأبعاد وخلفيات هذا الحدث الاستراتيجي الحساس.
ففي مقال “الرايات السوداء ترفرف فوق الفلوجة” تعتقد “جيسيكا لويس”الباحثة الأمريكية بمركز دراسات الحرب بأن الجيش العراقي لايمكنه هزيمة تنظيم القاعدة بمفرده، فقد فشل في الدفاع عن السجون وهرب الكثير من قيادات القاعدة منها، ولا يمكنه أيضاً منع السيارات المفخخة في بغداد، وهناك تقارير تشير إلى أن القوات العراقية لم تعد تسيطر على مدينة الموصل، والنتيجة النهائية أثبتت أن هذه القوات ليست قوية بما فيه الكفاية من دون دعم السنة،وفي ظل استمرار حرب المالكي على تنظيم القاعدة، هناك مشكلة تكمن في أنه شنّ حرباً أخرى على القبائل السنية والقيادات السياسية منذ أن غادرت القوات الأمريكية عام 2011، إذ يمكن أن يؤدي استهداف السنة إلى إضعاف فرص هزيمة تنظيم القاعدة في العراق، وإمكانية تجدد الحرب الطائفية، ومن ثم فالمساعدات العسكرية لن تجدي نفعاً إذا لم يكسب المالكي دعم القبائل السنية والزعماء السياسيين السنة.
وفي مقال “تفاقم المشاكل في العراق يهدد الاستقرار” يرى الكاتب: مايكل بيرسون/كاتب وصحفي في وكالة “سي أن أن” الخبرية بأنه وعلى الرغم من المكاسب التي تحققت لاستعادة ازدهار الاقتصاد العراقي بعد سنوات من الحرب والاحتلال والعنف، إلا أن الفقر المدقع ما يزال منتشراً والاقتصاد هشّا،ً وهناك ما يقرب من مليوني عراقي ليس لديهم ما يكفيهم من الطعام، ومعدلات الوفيات مرتفعة والأمية والبطالة متفشية، كما ويهدد العنف عرقلة إنتاج النفط في البلاد،وانتقد بعض السياسيين في الولايات المتحدة – كما ينقل عنهم الكاتب – مثل السيناتور الجمهوري جون ماكين وليندسي غراهام نهج حكومة المالكي في استعداء السنة وبعثوا برسالة إلى أوباما قبل زيارته إلى واشنطن مفادها أنهما يعتقدان بأن المالكي وحلفاءه جزء من المشاكل التي تعيق استقرار العراق بسبب اتباعهم لأجندات طائفية ضد السنة وحرمانهم من حقوقهم وتهميش الأكراد واستبعاد الشيعة الذين يتمتعون بنظرة ديمقراطية تعددية لبلدهم.
وفي مقال “لماذا ينبغي أن يحصل العراق على مروحيات الأباتشي؟” يذهب “مايكل نايتس” زميل ليفر في معهد واشنطن، والذي عمل في جميع المحافظات العراقية كمستشار للحكومة والهيئات الصناعية وقوات الأمن الوطني إلى أن الفوائد المحتملة من إرسال مروحيات أباتشي بشكل عاجل واضحة للعيان، وقد عارض البعض اتخاذ مثل هذه الخطوة، إلا أن ما أبدوه من مخاوف تعد غير مبررة ويمكن تفنيدها، لأن إرسالها الآن يمثل دعماً فاعلاً من قِبل الولايات المتحدة وزيادة لنفوذها، فذلك يزيد من مخاوف المتمردين في هذه المرحلة الخطرة من حرب الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة، وإن تسليم هذه الطائرات يبعث برسالة مفادها أن المساعدات آتية وأن التعاون الأمني الثنائي يتعزز مرة أخرى،ويجب على واشنطن أن تثبت لحلفائها السنة بأنها منصفة وغير متحيزة في تقديم المساعدة الأمنية للمنطقة، فعلى سبيل المثال، يمكنها أن تعوّض صفقة الأباتشي إلى العراق باستئناف مساعدات الأسلحة غير الفتاكة إلى المجلس العسكري الأعلى المعارض في سوريا،وان التحفظات حول بيع مروحيات الأباتشي إلى بغداد أمر جاد وخطير ويستحق المزيد من الدراسة، بيد أن بعض هذه الحجج يبدو ضعيفاً، ويمكن استبدال الجوانب السلبية لهذه المبيعات عن طريق تبنّي مبادرات أمريكية أخرى، كما أن إرسال دفعة أولية صغيرة من الأباتشي هو التدرج المطلوب في منح الامتيازات للمالكي لإخضاع منافسيه والذي قد يُفسر بكونه أسلوباً جيداً للتعامل معه.
وفي مقال “مأساة عراق المالكي” يؤكد الكاتب: ماكس بوت/ زميل أقدم في برنامج دراسات الأمن القومي على أن المالكي يحتاج إلى إطلاق حملة شاملة لمكافحة التمرد شبيهة بتلك التي قام بها الجنرال ديفيد بترايوس في 2007- 2008 وينبغي أن يعمل على التواصل مع السنة المهمشين، ولكن مأساة العراق اليوم تكمن في أن المالكي يفتقر إلى الفطنة للقيام بذلك، والولايات المتحدة تفتقر إلى النفوذ لإرغامه عليه، بسبب انسحابها المتهور من العراق عام 2011،وإذا أراد المالكي أن يعرف السبب المفاجئ لاستعادة تنظيم القاعدة قوته في العراق ولماذا عادت معدلات العنف لأعلى مستوياتها، فما عليه إلا أن يلقي نظرة على سياسته تجاه السنّة المتمثلة بحملات الاضطهاد الموجّهة ضدهم من قِبله ومن قِبل الشيعة المتشددين المحيطين به التي نتج عنها تحالف العديد من القادة البارزين في صحوة الأنبار مع القاعدة بعد أن قاتلوها إلى جانب القوات الأمريكية والعراقية في 2007- 2008.