ننشر في هذا العدد ترجمة ملخصة لمواد استراتيجية مهمة تهم صانع القرار الاستراتيجي العراقي وتهم كذلك المهتمين بالشأن العام بالتأكيد، ففي مقال “ثورة العراق وإيران النفطية مؤامرة لتحدي السعودية” للكاتب: اندريه كريتشلو/مراسل وكالة بلومبيرغ الخبرية والمنشور في صحيفة التلغراف اللندنية هناك إشارة واضحة إلى أن العراق يستعد، بالتعاون مع إيران، لإغراق سوق النفط عبر مضاعفة قدرته على ضخ النفط الخام بحلول عام 2020، وذلك في استراتيجية من شأنها أن تكسر قبضة المملكة العربية السعودية على أوبك، وان خطة العراق الطموحة يمكن أن تؤدي إلى الصِدام مع المملكة السعودية التي استخدمت نفوذها في أوبك للحفاظ على سعر فوق100 دولار للبرميل، الرياض نفسها تضغط الآن لزيادة الإنتاج للإبقاء على حصتها في السوق، وقد ضخّت 8,9 مليون برميل يومياً في كانون الأول الماضي، بزيادة قدرها 100 ألف برميل عن الشهر السابق.
وفي مقال “عودة ظهور تنظيم القاعدة في العراق” الذي هو شهادة مقدمة إلى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي من قِبل الكاتب والخبير الأمريكي مايكل نايتس الزميل في معهد واشنطن، هناك تأكيد على أن عودة ظهور تنظيم القاعدة ستضر بلا شك بمصالح الولايات المتحدة في العراق وفي المنطقة، وكذلك يُحتمل أن تؤثر على الأمن الداخلي الأمريكي والأوربي، لذا يجب على الولايات المتحدة دعم القوة الجوية العراقية، والعمل من أجل التكامل الاستخباراتي، والتخطيط للبعثات واستغلال المواقع الحساسة التي ينبغي أن يشارك فيها مستشارون أمريكيون يتواجدون في العراق، وان عقدة مكافحة الإرهاب في العراق مازالت قابلة للحل، فقد هُزمت القاعدة قبل خمس سنوات وتم تفكيك شبكاتهم بصورة شاملة، ويمكن للولايات المتحدة مساعدة العراق مرة أخرى، والتحدي الآن هو أن نفهم الصيغة الناجعة القابلة للتطبيق، وتلك التي يمكن للولايات المتحدة دعمها ما بعد الانسحاب، ويجب أن تهدف السياسة الأمريكية إلى توجيه العراق نحو المصالحة الكلية وهزيمة تنظيم القاعدة، ولا يمكن التوفيق في المصالحة مع العرب السنة والمتشددين، إذ تتطلب عدداً من الخطوات الاستراتيجية، وإن الهدف النهائي للجميع هو جعل العرب السنة في العراق لا يشعرون بالعزلة والإحباط، وبالتالي سيكونون أقل دعماً لتنظيم القاعدة، ويمكن للولايات المتحدة أن توفر الطمأنينة لهم من خلال مواصلة المشاركة والاهتمام بالتطورات السياسية في البلاد، ويجب عليها مواصلة مساعدة المعتدلين منهم، مثل وزير المالية رافع العيساوي ودعم عودته إلى الحياة السياسية، وهذا يمكن أن يخلق رمزاً قوياً للتقدم، وكذلك إعادة بناء الصحوة لمكافحة التمرد في العراق وربما يعد هذا هو الأهم.
وفي دراسة معهد المشروع الأمريكي “الوئام الطائفي في الإمارات وعُمان وقطر في خطر” للكاتب: أحمد ماجد يار/زميل أقدم مشارك في معهد المشروع الأمريكي، هناك تأكيد على أن تنامي الطائفية في الشرق الأوسط يقوّض مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة في المنطقة، ففي دول مستقرة مثل سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة وقطر، ما زال أمام الولايات المتحدة فرصة للتأثير الإيجابي على المجتمعات الشيعية لمنعها من أن تصبح راديكالية بسبب الأوضاع في إيران وسوريا، ونظراً لإمكانية التصعيد الطائفي بين الشيعة والسنة، يجب على الولايات المتحدة القيام بدور أكثر نشاطاً في تشكيل تصورات الشيعة في الخليج تجاه حكوماتهم وتجاه الغرب،وكشف الكاتب أنه وعلى الرغم من أن سلطنة عمان وقطر، والإمارات لم تواجه انتفاضات شيعية، إلا أن الصراع الطائفي المتنامي في المنطقة قد أضر بالانسجام بين السنة والشيعة في تلك البلدان، ويبدو أن قادة الإمارات العربية المتحدة قلقون على نحو متزايد ليس فقط بشأن الطموح النووي الإيراني، ولكن أيضاً بسبب الجهود الرامية إلى إنشاء “إمارات” في العالم الإسلامي، ويخشون من محاولة إيران لتحريض الشيعة في الإمارات ضد الحكومة والإخلال بالتوازن الطائفي في البلاد، ويعيش أيضاً حوالي 100,000لبناني في الإمارات العربية المتحدة، ونتيجة لذلك، فقد قيَّدت الحكومة مؤخراً التأشيرات وطردت آلافاً من الشيعة بسبب ما يُعتقد من دعمهم لإيران وسوريا وحزب الله والمعارضة في البحرين، كما فرضت السلطات الإماراتية قيوداً على المواطنين الشيعة وأغلقت معهداً دينياً ورفضت منح الرخصة لاستضافة مؤتمر القمة الشيعي الدولي،وفي قطر اتخذت الحكومة تدابير مماثلة، فقيّدت الأنشطة الثقافية والدينية وحدّت من منح التأشيرات للشيعة الأجانب وخاصة الإيرانيين واللبنانيين وعلى ما يبدو انها تمارس الضغط على المهاجرين الشيعة اللبنانيين لمعاقبة حزب الله على دعمه المباشر للنظام السوري، وقد يؤدي الخطاب الطائفي المتصاعد والإجراءات الصارمة ضد شيعة الخليج إلى تطرّف الشباب الشيعي هناك وفتح الباب أمام إيران وحزب الله لتقديم أنفسهم على أنهم حماة للشيعة في المنطقة، وإن التنفيذ الفعلي للعقوبات على إيران يتطلب من الولايات المتحدة تعزيز التواصل مع المجتمعات الشيعية التجارية المستقلة وطلب مساعدتها لمعاقبة الكيانات الفردية التي تعود ملكيتها للحكومة الإيرانية أو المتحالفة معها، وذلك يحتاج إلى زيادة تواجد الاستخبارات الأمريكية في دولة الإمارات للتمييز بين الصفقات المشروعة وغير المشروعة وكذلك بين الحكومة الإيرانية والشركات الخاصة، وفي الختام حثَّ الكاتب الولايات المتحدةعلى أن تعمل بشكل وثيق مع جميع قادة دول مجلس التعاون الخليجي لضمان حصول المواطنين الشيعة والأقليات الأخرى على كافة حقوقهم السياسية والدينية والمساواة مع سائر المواطنين، وفي حال لم تغتنم واشنطن هذه الفرصة فسوف يبقى المجال مفتوحاً أمام إيران، والاحتمال وارد في وقوع تلك الدول الصغيرة فريسة لما يجري من أحداث سيئة في الشرق الأوسط.