ننشر في هذا العدد ترجمة ملخصة لمقالتين استراتيجيتين مهمتين تتعلقان بأحداث الموصل، وتم نشرهما في صحيفة النيويورك تايمز بعد هذه الأحداث بأيام قليلة، ومن المعروف أن هذه الصحيفة تعبّر عن رأي الإدارة الأمريكية عادة لأنها – مثلما هو حال صحيفة الواشنطن بوست – وثيقة الصلة بهذه الأوساط وكثيراً ما تسرّب هذه الإدارة الأخبار والسياسات والإشاعات من خلالهما.
ففي مقال “الحل العسكري لن يحل أزمة العراق” هناك الكثير من العبارات التي من خلالها نستطيع معرفة ماذا تريد الولايات المتحدة من العراق وما هي السياسة التي يراد اتباعها هناك، ولنتأمل بهاتين العبارتين:
[ينبغي على إدارة أوباما مساعدة الحكومة العراقية في استعادة مدينة الموصل من الإسلاميين ووقف مسيرتهم نحو بغداد. ولكن المساعدات العسكرية وحدها لن تكون كافية، لذا يتوجب على الولايات المتحدة إجبار القيادات المتنازعة في العراق على السعي للمصالحة وبشدة لغرض تحقيق النصر في المعركة].
[وعلى الولايات المتحدة أيضاً الإصرار على أن توفر قوات المالكي الحماية لسكان الموصل أثناء أي هجوم معاكس، وأن تقدم حكومته تنازلات للسنة في العراق، الأمر الذي يراه غير مستساغاً الآن، فعليه العمل على التخفيف بشكل جذري من قانون اجتثاث البعث الذي يراه السنة تمييزياً، وإطلاق سراح السجناء السنة المحتجزين دون تهمة، ومنح صلاحيات للسياسيين السنة الذين تعرضوا للتهميش، وإسقاط التهم ضد الزعيم السني رافع العيساوي، والتحرك باتجاه السماح للمناطق السنية بأن تصبح أراضٍ اتحادية تدار محلياً. وقد لا تحظى هذه الإصلاحات بشعبية من قبل غير أهل السنة، ولا بديل عنها سوى موجات متتالية من العنف الناتج عن الاستياء والقنوط لدى السنّة].
فنلاحظ في العبارة الأولى التهديد بالزحف صوب بغداد، وإجبارالقيادات المتنازعة في العراق على السعي للمصالحة وبشدة لغرض تحقيق النصر في المعركة. ونلاحظ في العبارة الثانية ما هو مطلوب تنفيذه وتقديمه من تنازلات بلغة طائفية واضحة، عملت كل الكتابات من دون استثناء وطيلة السنوات الماضية على ترويجها وبشكل متعمد، تمهيداً لإقامة الإقليم السني وتحت تهديد الاستيلاء على بغداد واستعادة السلطة من الشيعة الذين فرطوا بهذه الفرصة التاريخية للحكم، كما ورد في المقالة الثانية“الشيعة يشكلون مليشيات للدفاع عن مكاسبهم“، وبالشكل الآتي:
[ملايين الشيعة العراقيين يعرفون ذلك جيداً، إن الغزو الأمريكي والاحتلال أتاح لهم فرصة للحكم، وهم في غضون خمس أو ست سنوات، على وشك إهدارها، كما هُددت مراقدهم المقدسة في سامراء وكربلاء والنجف من قبل داعش، وأقسم قادته على تسويتها بالأرض].
ونلاحظ كذلك في العبارة الأولى التهديد بموجات قادمة من العنف، إذا لم تتم الاستجابة لهذه الإصلاحات، التي يراد من خلالها التمهيد لإقامة الإقليم السني وتجزئة العراق.