في هذا العدد الماثل بين يدي المتابع الاستراتيجي الكريم ست مواد استراتيجية تتناول جوانباً مختلفة من الأحداث الجارية في العراق الآن، تساعد المهتم بالشأن العام على فهم وإدراك ما يجري ويدور وماهو المطلوب من الحكومة العراقية الجديدة وإلى أين يتجه العراق اليوم.
ففي مقال مؤسسة راند للأبحاث “قطع التدفقات النقدية عن داعش” نلاحظ التأكيد، كما في المقالات السابقة، على النظام الفيدرالي وإعطاء المزيد من الصلاحيات للمحافظات وخاصة السنية منها وتخصيص المزيد من الموارد المالية لها، ونلاحظ التأكيد كذلك على القادة والعشائر السنية لتمارس دورها بطرد داعش من مناطقها، الأمر الذي سيمهد لظهور الإقليم السني.
وفي مقال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “الاستراتيجية المناسبة للعراق ولكن ذات المخاطر العالية” نلاحظ التأكيد على تنحية المالكي كشرط لتقديم المساعدة الأمريكية، وهذا ما لاحظناه في كل الكتابات الأخرى تقريباً، الأمر الذي يدلُّ على مدى جدية القرار الأمريكي الاستراتيجي بإبعاد المالكي عن مركز القرار في العراق.
وفي مقال آخر للمركز نفسه المذكور أعلاه “الجوانب السياسية والاقتصادية للأزمة في العراق” نلاحظ التأكيد على المالكي وعدّه السبب لكل المشاكل التي يعاني منها العراق الذي يصفه الكاتب بالدولة الفاشلة، وبذلك أصبح المالكي كبش فداء لوضع البلد الحالي، وهذا ما سنلاحظه في كتابات أخرى كذلك، ونلاحظ كذلك التأكيد على الفيدرالية ومنح صلاحيات أوسع للمحافظات.
وفي مقال مجلس العلاقات الخارجية “السببان الرئيسان لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط” نلاحظ التأكيد على إقامة نظام حكم علماني في العراق وتشجيع إقامة أقاليم تشبه الإقليم الكردي، وهذا يدل على أن كل هذه الكتابات تعزف على الوتر نفسه، ألا وهو وتر تشكيل الأقاليم تمهيداً لتفتيت البلد لصالح إسرائيل والشركات النفطية العملاقة مثل اكسون موبيل. ولربما يدل التأكيد على العلمانيين أن مرحلة الإسلاميين مؤقتة وعابرة.
ومن خلال مقال صحيفة الديلي بيست “عيوب خطة أوباما في العراق والضربات الجوية وحدها قد لا تكفي” نستطيع أن ندرك كيف أن داعش ستوفر الفرصة التاريخية الذهبية لتسليح وتدريب الأكراد، الأمر الذي سيكون بمثابة آخر حلقة من حلقات تهيئة مستلزمات الاستقلال أو شبه الاستقلال الكردي.
ويأتي مقال معهد واشنطن ممثل مصالح اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة “كيف حطّم المالكي العراق؟” في السياق نفسه الذي يريد أن يجعل من المالكي كبش فداء لما يحصل من كوارث في العراق، وبذلك يتم التشويش على الأسباب الحقيقة النابعة من الخطط الأمريكية والإسرائيلية الرامية لتحطيم العراق وتقسيمه.
وفي مقال رئيس مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس “يتعيّن على أمريكا المرهقة حربياً إظهار قوتها في العراق” نلاحظ إشارة الكاتب الواضحة إلى أن استقلال الأكراد هو حقيقة واقعة تحتاج فقط للاعتراف. ومن يستطيع إنكار هذه الحقيقة أو تغييرها، خصوصاً مع انتشار الأمية الاستراتيجة لدى النخب المتصدية للشأن العام، التي صعدت بالصدفة وفي ظل ظروف الفوضى الخلاقة.