من المراكز البحثية التي يهتم بها مركزنا هو “معهد بروكينغز” وتعد كتابات “كينيث بولاك” في بؤرة اهتماماتنا، لقربه من صناع القرار الاستراتيجي الأمريكي، ولأنه ممن يُسمح لهم بالإدلاء بشهاداتهم أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي، وهو يتردد على العراق باستمرار ويكتب عنه بشكل مستمر، ومن خلال تقريره “كيف نفهم هجوم داعش على الأكراد؟” نستطيع أن نفهم كيف أن داعش قد وفر فرصة تاريخية للأكراد باستكمال حلقة مهمة في سلسلة مستلزمات الاستقلال ألا وهي كركوك ونفطها، ووفر كذلك الحلقة الأخرى والأخيرة في هذه السلسلة، ألا وهي الأسلحة الثقيلة والتدريب وإعادة تأهيل القوات المسلحة الكردية، ولم يبقَ – كما يقول أحد الخبراء الاستراتيجيين الأمريكان – سوى الاعتراف الرسمي الدولي.
ويكفي عنوان مقال “مغادرة نوري المالكي تمهد الطريق لدور أكبر للولايات المتحدة في العراق” لكي نفهم سبب الإصرار الأمريكي على تنحي المالكي، وهذا المقال مثال جيد على المقالات الكثيرة التي ربطت بين مشاكل العراق الكبرى وشخص المالكي “ككبش فداء” للتغطية والتشويش على الإرادة الأصلية التي تتجه صوب الفيدرالية والأقاليم ومن ثم التقسيم والتجزئة، وكذلك نلاحظ هنا التركيز – كما في مقالات كثيرة أخرى – على مظلومية وتهميش السنة وضرورة تقاسم السلطة معهم بشكل أوسع وأهمية بناء وحدات الحرس الوطني التي ستكون أساس القوات المسلحة للإقليم السني، بعد منح صلاحيات واسعة للحكومات المحلية، وفكرة الحرس الوطني هذه مذكورة في إحدى دراسات “دورية الفورين افيرز” الأمريكية المرموقة.
ويعد مقال “كيف يجب أن نفهم الخلافة؟” مثالاً جيداً على الموجة الكبيرة من الكتابات التي تسلط الضوء على داعش ونشاطاته وخطره العالمي بشكل مبالغ به، ونلاحظ كيف أن هذا التنظيم يوفر الآن الفرصة الذهبية لتشكيل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة لإعادة رسم خارطة المنطقة على أشلاء اتفاقية سايكس- بيكو المعروفة، بالاستفادة من “الفوضى” التي يسمونها “خلاقة” التي فرضتها أحداث ما يسمى بالربيع العربي، هذا التحالف يذكرنا بالتحالف الذي مهد لتحرير الكويت وبالتحالف الذي مهد لغزو أفغانستان.
وأما مقال صحيفة ناشيونال انترست الأمريكية المرموقة “استعجال استقلال كردستان يعد خطأً كبيراً” فيرسم خارطة طريق منطقية وعقلانية للاستقلال الكردي وينصح الأكراد بعدم استعجال هذا الأمر من دون استكمال المستلزمات الضرورية الأخرى، إذ يؤكد الكاتب على “أن استفتاء البرزاني الموعود هو أمر واقعي، لكن وضع نظام فيدرالي جديد يضمن لحكومة إقليم كردستان استقلالاً أكبر يستحق النضال من أجله، ويجب على واشنطن، في جهدها لإنقاذ العراق، أن تدفع بهذا الاتجاه كجزء من صفقة شاملة، تصمَّم لإرضاء الأقليات، تشمل إصدار قانون النفط الذي مايزال غير مشرّع، وسوف تحقق صفقة كهذه حلًّا قوياً لواحدة من أكثر مشاكل العراق تعقيداً، لذلك فالاستقلال الآن يمثل مقامرة تنطوي على مجازفة كبيرة”.