من المراكز البحثية المهمة التي يهتم بها مركزنا هو “مجموعة الأزمات الدولية” لطبيعته الدولية ولجدية وعمق ومهنية إصداراته ولاعتماد كثير من الدول على توصياته لقربه من صنّاع القرار الاستراتيجي. لذلك فهذه المتابعة تساعد المهتمين بالشأن العام وصنّاع القرار العراقي بمعرفة السياسة الأمريكية والأوربية بشكل عام، وخير مثال على ذلك الدراسة الملخصة المنشورة في هذا العدد “الجهاديون في العراق: المفاجأة المخيفة” التي من خلالها نستطيع تسليط الضوء على ما تريده الولايات المتحدة في المرحلة القادمة. فنلاحظ هنا ما لاحظناه في العديد من الكتابات السابقة التي تعزف على الوتر نفسه، الذي يؤكد على المساعدة المشروطة بالإصلاحات التي ستمهد لإقامة الإقليم السني وتسهيل الاستقلال الكردي وهاكم هذه الفقرة التي تلخص هذه الفكرة: [على الإدارة الأمريكية أن تعرض بوضوح وعلانية ماتنوي فعله لمساعدة العراق في مواجهة داعش، هذه المساعدة تعتمد على قائمة طويلة من الإصلاحات على الحكومة العراقية تنفيذها، وهي: تشكيل حكومة وحدة وطنية وإدراج ممثلي السنة فيها ونقل مسؤولية الإشراف والقرار على الجيش من رئيس الوزراء إلى وزير دفاع موثوق وتطبيق نظام لامركزي في تعيينات قوى الأمن، لمنح المحافظات سلطة اتخاذ القرار بإدارة أمنها الخاص ووضع خطة تنمية للمناطق السنية والتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والسعي لتجديد الجيش بطرق لا طائفية ولا حزبية وإعادة تخويل وكالات الإشراف المستقلة وغلق السجون السرية المدارة من قبل مقربين لرئاسة الوزراء وإبطال قانون مكافحة الإرهاب].
ونلاحظ الفكرة نفسها وهي أسطورة تهميش السنة تتكرر في مقال الباحث في مؤسسة راند البحثية “استراتيجية طويلة الأمد لعراق ديمقراطي” فنراه يقول: [تتطلب الاستراتيجية الأمريكية معالجة الأسباب الجذرية للصراع الحالي، إذ يجب التوقف عن تهميش السنة].
ويسلط مقال “التمرّد والصراع على بحر النفط العراقي” الضوء وبوضوح على أهمية العامل النفطي في الصراع الحالي في العراق ويدعي بأن السنة قلقون من حرمانهم من هذه الثروة البالغة الأهمية، فنراه يقول: [تحت سخط وغليان المحيط السني يكمن أحد العوامل الذي يتم تجاهله، حيث إن المتمردين ليسوا في حالة صراع ضد ما يعدونه اضطهاد الحكومة الشيعية في بغداد وقواتها الأمنية، ولكن أيضاً حول من سيسيطر على “الثروة الوطنية العراقية”، كما بينت ذلك الـ “وول ستريت جورنال”].
ويسلط مقال معهد واشنطن الذي يعبّر عادة عن مصالح اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة “توسع الدور العسكري الإيراني في العراق” الضوء على تداخل المصالح الإيرانية والعراقية وأهمية الدور الإيراني في الساحة العراقية، الأمر الذي لايمكن إنكاره، فنرى الكاتب يشير إلى أن: [إيران قد تعزز وجودها في العراق، وقد يظهر ذلك على شكل انتشار عسكري أكثر تنظيماً، وإذا اتخذ داعش المزيد من الخطوات التوسعية في الجنوب، فقد تقرر طهران حتى إرسال قوات خاصة، ومع هذه القدرات، قد يسعى الإيرانيون إلى خطف الأضواء من واشنطن من خلال توجيه ضربة إلى داعش وتعزيز مصداقيتهم في العراق في الوقت نفسه].