حلقة نقاشية
عقد مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء يوم الخميس الموافق: 26 / 2 / 2015م حلقة نقاشية بعنوان (حرية التعبير والإساءة إلى الأديان) من أجل الوقوف
على الأسباب والتداعيات المترتبة على ما يتعرض له الدين الإسلامي من إساءة مقصودة من بعض الجهات السياسية والإعلامية المحسوبة على الغرب. وقد أدار الحلقة الدكتور خالد عليوي العرداوي، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء، والتي حضر فيها عدد من الأكاديميين المختصين، وجرى فيها تقديم ثلاث أوراق بحثية :-
- الورقة الأولى، قدمها الدكتور سامر مؤيد عبد اللطيف، الباحث في مركز الدراسات القانونية والدستورية في جامعة كربلاء. وقد بين في بداية حديثه أهمية موضوع الحلقة على مستقبل العلاقة بين الحضارات والأديان، ولاسيما الإساءة التي نشرتها الصحيفة الفرنسية (شارلي ايبدوا)، التي لم تكن الأولى وليست الأخيرة، مثلها مثل الصحيفة البريطانية والفلم المسيء للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيرها، ولا يمكن فهم هذه الأعمال على أنها مجرد حوادث عرضية فقط. كما تطرق الدكتور سامر إلى تاريخ العلاقة بين المسلمين والغرب وما شابها من صراعات ومصالح، ثم وضح حقيقة أن المسلمين في الغرب يعانون اليوم من الملاحقات الأمنية، وهذا أدى إلى شعور مواطنيهم المسلمين بعدم الانتماء، مما فتح المجال مشرعا للتطرف، وأن المستفيد من هذا التطرف هو اليمين المتطرف في أمريكا وإسرائيل، يسنده في مخططاته الخطاب الغربي الذي يتّسم بكونه خطاب استعلاء وإقصاء في تعامله مع الآخر .
- أما الورقة الثانية فقد طرحها الدكتور علاء إبراهيم الحسيني، معاون عميد كلية القانون للشؤون الإدارية في جامعة كربلاء. وبدء ورقته بتوضيح بعض المصطلحات كالحرية: وهي السلطة على الذات بعيداً عن القيود الخارجية وأن يمتلك الإنسان زمام نفسه. أما المعتقدات: فهي مجموعة القيم التي يؤمن بهاالإنسان، والتي تظهر على شكل طقوس معينة وتظهر قيمتها الداخلية على شكل ممارسات خارجية. وأكد الحسيني أن جميع النظم القانونية لا توجد فيها حرية مطلقة؛ لأنها تعد مفسدة مطلقة. يقول روسو “إن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين”، ولابد من وجود قانون يصدر ويحدد الأفق الذي تتحرك بها هذه الحرية، فضلا عن وجود الآداب العامة التي تعد هي المحدد الثاني لهذه الحرية، إما القيد الثالث فهي حرية الآخرين التي لا يجب تجاوزها. وعن نظرة القانون الدولي للحرية، ذكر الدكتور علاء أن هناك عددا من الاتفاقيات والقوانين التي تحدد ذلك وأبرزها:
1-ميثاق الأمم المتحدة.
2-الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
3-العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام 1966. علماً أن فرنسا كانت أحد الأعضاء المنظمين لهذا العهد.
4-الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان.
5-في عام 2000م، صدر ميثاق أوربي أشار إلى أن شعوب أوربا الحرة يجب أن تتمسك بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي.
وبالنسبة للقانون الفرنسي المنظم لحرية التعبير، فقد أكد الدكتور علاء على أن دستور الجمهورية الخامسة الفرنسي لعام 1958م، أشار في مقدمته على تبني دستور 1946م، الذي أشار إلى حرية التعبير وعدم الاعتداء على الحريات، ووفق المادة الأولى (إن الجمهورية الفرنسية علمانية ديمقراطية دون تمييز في العرق أو الجنس وتكفل لهم ذلك)، وفي المادة الخامسة والخمسين (المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تم المصادقة عليها ونشرت تتغلب على القانون الداخلي الذي أقره البرلمان)، فكيف تكون هذه قوانين فرنسا وهي تطبق عكس ذلك كلياً؟! ، مما يجعل هذه الدولة تخالف منظومتها القانونية بصورة تثير الريبة عندما تسمح بالإساءة إلى الدين الإسلامي، وتنتهك – في الوقت نفسه – المعتقد الديني لشريحة من مواطنيها المسلمين.
- أما الورقة الثالثة، فكانت من نصيب م.م. حيدر رضا، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء، أوضح فيها أن هذه الرسوم المسيئة للإسلام في فرنسا لها تقليد داخل المجتمع الفرنسي يعود لما قبل الثورة الفرنسية، والمفروض أن تكون العلاقة بين المسلمين والمسيحيين علاقة مودة ورحمة متبادلة وفقا للنص القرآني، ومثل هكذا رسوم تدق إسفين بين الديانتين وتثير الاستفزاز والعداوة، ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه الأعمال الإرهابية لكل الجماعات المتطرفة سواء كانت مسلمة أم غير مسلمة كذلك نستنكر ونشجب الإساءة إلى الدين تحت أي مسمى؛ لأن ذلك يجعل العلاقة بين الأديان علاقة صراع لا حوار، وهو صراع سيهدد مصير الإنسانية…
وبعد تقديم الأوراق البحثية، فتح مدير الجلسة باب الحوار والنقاش أمام الحضور، الذين كانت مداخلاتهم وتعقيباتهم رافضة للتطرف من جهة، وللاعتداء على مقدسات المسلمين وعقيدتهم من جهة أخرى. وطالب الجميع – في نهاية الحلقة النقاشية – المجتمع الدولي والأمم المتحدة والعالمين الإسلامي والغربي بضرورة تغليب لغة الحوار والاحترام المتبادل بين الأديان والأمم والشعوب، وعدم الإساءة إلى معتقدات وأفكار الآخرين؛ لأن في ذلك تخريبا لروح الأخوة الإنسانية وفتحا لباب الجدل والصراع بشكل يهدد السلم والأمن الدوليين.