لارا جاكز ، كاتا برانين
ترجمة وعرض : د. حسين أحمد دخيل السرحان
إن بغداد أضاعت شهورا عدة وهي تطلب من الولايات المتحدة المساعدة في قتال تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي،
ولكن واشنطن وقفت موقف المتفرج خلال المعركة لتحرير مدينة صدام حسين، محافظة صلاح الدين ومركزها مدينة تكريت.
يستهل الكاتبان تقريرهما بالإشارة إلى أن بغداد قد أضاعت شهورا عدة وهي تطلب من الولايات المتحدة المساعدة في قتال تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي ولكن واشنطن أخذت تقف موقف المتفرج خلال المعركة لتحرير مدينة صدام حسين، محافظة صلاح الدين ومركزها مدينة تكريت.
يؤكد الكاتبان أن القوات الأمنية العراقية والمدعومة من الفصائل الشيعية المسلحة وأبناء العشائر السنية والمقاتلين من البيشمركة والمستشارين الإيرانيين أطلقت العمليات العسكرية لتحرير محافظة صلاح الدين ومركزها مدينة تكريت لاسترجاعها من سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي في بداية شهر آذار 2015.
وتفيد التقارير بأن القوات البرية وبمساعدة المدفعية والغارات الجوية للطائرات العراقية المقاتلة بدأت العمليات العسكرية في المحافظة ضد التنظيم الإرهابي.
من أصبح على الهامش؟
ويرى الكاتبان أن الولايات المتحدة قادت التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي، ولكن في العمليات العسكرية لتحرير محافظة صلاح الدين أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عدم قيامها بتقديم الدعم لتلك العمليات. وبعد القيام بأكثر من 2000 غارة جوية ضد أهداف التنظيم في العراق وسوريا منذ بدء أعمال التحالف الدولي في آب 2014، فإن غياب الولايات المتحدة عن القتال في المحافظة المذكورة يؤكد لنا ويخبرنا بالتأثير القليل للولايات المتحدة، والذي ربما يجعل هذه المعركة أكثر تعقيدا.
ويشير الكاتبان إلى أن خطط العراقيين لاستعادة مدينة تكريت كانت جيدة مع الآلاف من أبناء العشائر وعناصر الفصائل الشيعية الذين تجمعوا قرب مدينة سامراء للتحضير والاستعداد لمعركة تحرير محافظة صلاح الدين ومركزها مدينة تكريت. ووصف المسؤولون الأمريكان ذلك “بالمفاجأة الصغيرة”للبنتاغون والقيادة المركزية الأمريكية، وتساءلوا عن مدى تأثير ودور قادة الحرس الثوري الإيراني.
وبهذا الشأن يُشير الكاتبان إلى أن الجنرال الإيراني قاسم سليماني – قائد قوات الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس – وصل إلى الخطوط الأمامية في ساحات المعركة بعد يومين من بدء العملية لتقديم النصيحة والمشورة للقادة العراقيين كما أكدت ذلك وكالة أخبار فارس الإيرانية. وكان للجنرال سليماني وللفصائل الشيعية دور كبير في تحرير أجزاء كبيرة من محافظة صلاح الدين مدينة صدام حسين، وهذا ما أقلق بعض المسؤولين الأمريكان والمحيط السُني للعراق.
وقال مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كالبرمتحدثا لمجلس العلاقات الخارجية: “إن إيران – وبكل وضوح – لديها مصالح كبيرة في نتائج الأمور وما ستؤول إليه الأوضاع في العراق”، وتنبأبأن “إيران ستستمر في ممارسة نفوذها على الفصائل الشيعية في العراق لاستهداف تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي والقضاء عليه”.
ويؤكد الكاتبان أن كالبرعلى معرفة بأن إيران ليس لها سيطرة كلية على جميع رجال الفصائل الشيعية المسلحة وكثير منهم هم عراقيون وطنيون استاؤوا كثيراً من الوجود الأمريكي في بغداد وخارجها.
وينقل الكاتبان عن كالبر قوله أيضا: “فضلا عن الفهم الإيراني بأن ما تعمله الولايات المتحدة ينسجم مع أهدافها وهي القضاء على “داعش”، وطالما إيران والولايات المتحدة على خطوط موازية في الوقت الحاضر، فإن إيران ستعمل كل ما باستطاعتها للسيطرة على جميع الفصائل الشيعية المسلحة”.
وفيما يخص القوات العراقية التي شاركت في العملية، أكد الكاتبان أن القوات العراقية التي بدأت عملية تحرير محافظة صلاح الدين ومدينة تكريت هي مزيج من قوات الأمن العراقية وأبناء القبائل السُنية ولكن غالبية تلك القوات هي من الفصائل الشيعية المسلحة، وهذا ما أكده مسؤول أمريكي رفيع في حديثه حول الخطوط العامة لتلك العملية.
ودعا كالبر إلى أن هذا المزيج “يسبب القلق”في معركة ينشط فيها التوتر والتخندق الطائفي. فمدينة تكريت وباقي مدن محافظة صلاح الدين فيها أغلبية سُنية ساحقة. وأكد أيضا أن بعض الشيعة قد انتقلوا لمحافظة صلاح الدين للقتال فيها قادمين من ديالى المحاذية لإيران.
المسؤول الأمريكي (كالبر) لا يعرف فيما إذا كانت بغداد وضعت خطط عسكرية متكاملة وواضحة للعملية العسكرية قبل القيام بها أم لا، إلا أنه أكد على “أن القادة العراقيين ناقشوا لأسابيع عدة مضت طرق وخطط تحرير مدينة تكريت واستعادتها من قبضة تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي. وقال إنه لم يكن يتوقع أن تنجح العمليات العسكرية بهذه السرعة في تحرير مناطق محافظة صلاح الدين ومحاصرة تكريت، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية التي تسعى لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين ستتطلب أياما عدة إن لم يكن أسابيع”.
ويؤكد الكاتبان أن هذه العملية هي المحاولة الثالثة لتحرير مدينة تكريت واستعادتها من سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” التي سيطر عليها في حزيران 2014. وأشارت التقارير الأولية بأن بعض مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” اضطروا للهرب من مواقعهم في ضواحي مدينة تكريت بفعل تقدم القوات التي عانت كثيرا وقدمت ضحايا نتيجة العبوات الناسفة على جوانب الطرق.
وأخبر المتحدث باسم البنتاغون (كول . ستيف وارم Col. Steve Warren ) الصحفيين في البنتاغون: “كنا مدركين للعملية العسكرية لتحرير محافظة صلاح الدين قبل أن تبدأ” إلا أنه لم تقدم أية تفاصيل بشأن مستوى التنسيق الذي قد يحصل بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية. كما أكد على “أن العراقيين لم يطلبوا أي دعم جوي من الولايات المتحدة في تحرير محافظة صلاح الدين، لذلك لم تقدم الولايات المتحدة أي دعم بهذا الشأن”.
وقال وارم: “هذه دولة – ويقصد العراق – ذات سيادة وحكومة ذات سيادة. فالعراق حصل على صلاحية تقرير إذا كان يريد التنسيق مع طرف معين أو لا في هذه العملية”. وحول ما إذا كانت هناك طائرات استطلاع أمريكية بدون طيار تحلق فوق المدينة، أكد وارم “بأنه لا يستطيع التعليق فيما يخص المهام الاستخبارية المحددة”.
يقال أن هناك ما يقارب 30000 مقاتل التحقوا بالقتال من أجل تحرير محافظة صلاح الدين وتكريت مع ما يقارب 15000 من القوات الأمنية العراقية. وفيما يخص الموصل، أكدت الولايات المتحدة أنها تحتاج من 20000 – 25000 مقاتل لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل شمال العراق، وهي أكبر بأربعة أضعاف من محافظة صلاح الدين.
وأوضح مسؤول أمريكي لمجلة الفورن بولسي (Foreign Policy) بأنه “من غير الواضح كم عدد المقاتلين المعنيين بتحرير محافظة الموصل وما إذا كانت الفصائل الشيعية تمثل الأغلبية في تلك القوات أم لا ؟”،وأشار إلى أن هناك ما يقارب 2500 مقاتل من القوات الأمنية العراقية موجودة حاليا لهذا الغرض، والتي دربتها القوات الأمريكية. ويرى الكاتبان أن هذا يثير بعض الشكوك فيما إذا كانت الولايات المتحدة قد حشدت ودربت فعلا عشرات الآلاف من القوات للقتال في تكريت من عدمه.
ويؤكد الكاتبان بأن تحرك واشنطن في معركة تكريت جاء بعد أسبوع من السيطرة أو احتواء الضرر من قبل الولايات المتحدة واحتواء غضب بغداد بعد أن وضعت القيادة المركزية تفاصيل خطط حساسة لمعركة الربيع القادم في الموصل. القيادة المركزية في البداية توقعت أن معركة تحرير الموصل من سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية ” ستبدأ في نيسان أو أيار المقبلين، وهو ما أغضب المسؤولين العراقيين، والذين كانوا حساسين اتجاه قيادة الحملة العسكرية بمجموعها والتحكم بوقت بدايتها.
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أخبر وكالة (ABC’s): “هناك تناقض، وأعتقد أننا نسير إلى الوراء. يوجد عدد من الخيارات المختلفة في هذا الموضوع، لذا لا أحد يمكن أن يعتمد على ما قرأه البعض أو شاهده. هذا – أي تحرير الموصل – سيحصل عندما نكون مستعدين، وسيكون في الموعد الذي يحدده التحالف الدولي. وسيتحدد الموعد عندما نكون على ثقه أن العملية ستنجح”.
يُشير الكاتبان إلى أنه خلال شباط الماضي وفي لقاء مع القيادة المركزية، سأل مراسل صحفي حول دور إيران على الأرض في العراق، وأكد مسؤول القيادة المركزية بالقول: “ليس لدينا أعداد مضبوطة، ولكننا نعرف بأن الإيرانيين موجودون في العراق، ولكن نستوعب ذلك لأن هدفنا مشترك وهناك مصلحة مشتركة”.
وأضاف: “إننا نعمل مع الحكومة العراقية لجعلهم يتأكدون بأننا لا يمكن أن نسمح بالإساءة إلى الميليشيات الشيعية والتعامل معهم بشكل غير لائق”.