الكاتبة: كيت برانن (KATE BRANNEN)
ترجمة: هبة عباس
مراجعة: د. حسين أحمد السرحان
مجموعة الضربات الجوية التي وُجهت لعناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا من شأنها أن تقود إلى حرب
عالمية يمكن من خلالها رؤية عمليات عسكرية أمريكية في أماكن مثل نيجيريا وليبيا.
بداية تُشير الكاتبة إلى ملاحظة مهمة، وهي أن الضربات الجوية التي وُجهِت لعناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا من شأنها أن تقود إلى حرب عالمية يمكن من خلالها ملاحظة عمليات عسكرية أمريكية في أماكن أخرى مثل نيجيريا وليبيا. وبانتقال مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى بلدان مختلفة من العالم، فإن الولايات المتحدة تطالب بترخيص لملاحقتهم أينما ظهروا. ويعد بعض المشرعين في الكونغرس الأمريكي هذا الترخيص بمثابة شيك على بياض غير مستعدين لإصداره.
وقال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي لولاية كنتاكي (راند بيل) في جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في 11 من شهر آذار: “إذا طُرح موضوع المشاركة بحرب في ليبيا في مجلس الشيوخ، فأنا سأصوت لصالح الحرب في ليبيا، وإذا طرح موضوع المشاركة بحرب في نيجيريا فأنا سأصوت لذلك”.
ومن جانبه، أعرب المرشح الجمهوري لمنصب رئاسة الولايات المتحدة لعام ٢٠١٦ عن قلقه إزاء طلب البيت الأبيض الحصول على ترخيص ينص على القيام بعمليات عسكرية وعلى نطاق واسع في جميع أنحاء العالم.
فيما عبر رئيس مجلس النواب الأمريكي (جون بينر) عن نيته إجراء نقاش لمنح ترخيص جديد للبيت الأبيض لاستخدام القوة العسكرية في الربيع القادم، لكن قد يستغرق ذلك وقتا أطول حسب توقعات مجلس الشيوخ.
وتؤكد الكاتبة أن (راند بيل) ليس الشخص الوحيد الذي لديه تحفظ بشأن التدخل، إذ إن ما قام به تنظيم “الدولة الإسلامية” من عمليات الخطف، والهجوم على حقول النفط في ليبيا والإعدام الموثق لـ ٢١ مسيحيا هناك، والقرار الأخير لجماعة “بوكو حرام” في نيجيريا بانضمامها إلى المتشددين، عززت موقف البيت الأبيض في التعامل بمرونة مع المجاميع التي يمكن أن تشكل تهديدا لمصالحها في أي مكان من العالم.
وكانت الولايات المتحدة قد حاربت تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق لمدة سبعة أشهر، إذ قامت بتوجيه ضربات جوية ابتداءً من شهر أيلول 2014 حتى ٢ / آذار 2015 وبلغ عدد الضربات الجوية التي قامت بها في العراق وسوريا حوالي (٢,١٤١) وبكلفة (١,٥مليار دولار). وتشير تقديرات القيادة المركزية الأمريكية إلى قتل (٨,٥٠٠) من مقاتلي التنظيم منذ بدء الغارات الجوية.
ومن جانبه، اقترح البيت الأبيض على التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” عدم تحجيم العمليات المستقبلية في هذين البلدين (العراق وسوريا)، وفتح الباب على مصراعيه لملاحقة عناصر التنظيم (والأشخاص والقوى المرتبطة بها) في أماكن تواجدها.
وفي يوم الأربعاء 4 / آذار، التقى وزير الخارجية جون كيري، ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي، ووزير الدفاع آشتون كارتر بجلسة أمام مجلس الشيوخ للحث على تمرير مقترح البيت الأبيض على التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي. وأشار كارتر إلى “أنه من الحكمة عدم وضع قيود جغرافية في التصريح؛ لأن هناك علامات على انتقال تنظيم “داعش” إلى مناطق خارج العراق وسوريا”.
وأضاف كارتر: “إن المقترح يأخذ بعين الاهتمام أن تنظيم “داعش” منظمة يمكن أن تتطور استراتيجيا أو تتحول إلى تنظيم أكثر شمولية وتستقطب جماعات إرهابية أخرى، ويبقى تهديدها للولايات المتحدة وحلفائها قائما”.
وتؤكد الكاتبة أن علامات هذا الانتقال قد بدأت واضحة في نيجيريا، إذ تحاول جماعة “بوكر حرام”، المجموعة الإسلامية المتطرفة التي أعلنت ولاءها لتنظيم “الدولة الإسلامية” إقامة (الخلافة الإسلامية) في الشمال الشرقي، ويعتقد أن تكون هذه الجماعة أكبر مجموعة جهادية موالية لتنظيم “داعش”، لكن خبراء مكافحة الإرهاب يرون أن من السابق لأوانه الكشف عن قرب تحقيق هذه العلاقة.
وعندما سُئل كارتر عما إذا كان للولايات المتحدة حق في ملاحقة (بوكو حرام) حسب الاتفاق مع التحالف الدولي قال: “إن قرار جماعة بوكو حرام بالولاء لـ(الدولة الإسلامية) ليس سببا كافيا لتوجيه الولايات المتحدة ضربة جوية” وأضاف: “إن الجماعات المسلحة تتساءل، هل تحتاج إلى تهديد الأمريكيين”.
وأشار السيناتور كريس ميرفي – وهو ديمقراطي من ولاية كونيتيكت – في وقت لاحق من الجلسة إلى “أن مقترح التحالف الدولي يتحدث عن المجاميع الضالعة في الأعمال الإرهابية ضد الولايات المتحدة أو شركائها في التحالف”، وهذا تعريف أوسع من الذي جاء به كارتر ويمكن أن يشمل “بوكو حرام”.
وقد اتفق كارتر مع وجهة نظر مورفي بخصوص مشروع القانون، وأضاف: “إن الولايات المتحدة لديها حق ملاحقة جماعة بوكو حرام وفق ترخيص استخدام القوة العسكرية الذي تمت صياغته عام ٢٠٠١ لملاحقة المسؤولين عن هجمات ٩/١١، وقد استخدم التشريع منذ عهد بوش لتبربر العمليات العسكرية الأمريكية ضد جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة في كل من الصومال واليمن وباكستان”.
وتؤكد الكاتبة أن القانون هذا يمثل الأساس القانوني للعمليات ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” على الرغم من إعلان القاعدة براءتها من تنظيم “داعش” منذ سنة، ويعني هذا إذا قررت الولايات المتحدة توجيه ضربة جوية إلى المجاميع المرتبطة بتنظيم “الدولة الإسلامية” في ليبيا قبل أن يتوصل الكونغرس إلى اتفاق بشأن التشريع الجديد، فإن إدارة أوباما لديه السلطة الفعلية للقيام بذلك.
كما يعني هذا أنه حتى لو تم إدراج الحدود الجغرافية في تفويض استخدام القوة العسكرية الجديد، يبقى للبيت الأبيض حق ملاحقة المجاميع الملتحقة بالقاعدة بحرية في جميع أنحاء العالم طالما بقي القانون المتفق عليه سنة ٢٠٠١ قائما.
وتشير الكاتبة إلى أن هناك دعوات لإلغاء تفويض سنة ٢٠٠١، ولكن القانون المقترح من قبل البيت الأبيض لا يمكن تمريره ولا يمكن للكونغرس مناقشته، وأن مشروع القانون الذي تقدم به البيت الأبيض سوف يلغي تفويض عام ٢٠٠٢ الذي أجاز الحرب في العراق.
وقال ريتشارد فونتين رئيس مركز الأمن الأمريكي الجديد: “لأن البيت الأبيض يملك حق محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” بموجب تفويض عام ٢٠٠١، فإن مشروع قانون التفويض الجديد يتعامل بشكل أكبر مع الرسائل السياسية”.
ويحاول الرئيس أوباما وأعضاء من الكونغرس إعلام ناخبيهم أن لديهم تفويضا لمهمة معينة لا تمت بصلة للحروب الطويلة والدموية في أفغانستان والعراق، وفي الوقت نفسه التعامل بمرونة مع الجيش لتحقيق النجاح.
و طالب عضو مجلس الشيوخ الأمريكي وأعضاء آخرين الكونغرس بالاستشارة قبل القيام بعمليات ضد تحركات تنظيم “الدولة الإسلامية” في أي بلد أو إعطاء وصف للعدو الجديد.
وأضاف: “لو أردنا الذهاب إلى أماكن أخرى، فلابد من الحصول على تصريحات أخرى. لا أقول إني لن أصوت على هذه التصريحات لكننا نحتاج فقط الحصول عليها”.
وتشير الكاتبة إلى معارضة الكثير من الجمهوريين لذلك، وعدوا تقديم القادة العسكريين شيئا أكثر مرونة. بينما شعر الكثير من الديمقراطيين بالقلق إزاء تصريحات الحرب غير المنتهية.
وقد أعرب نائب كاليفورنيا في الحزب الديمقراطي آدم شيف عن رغبته في “رؤية بضرورة تحديد الحدود الجغرافية والمناطق التي يحصل فيها التدخل الجوي في الصيغة النهائية لمشروع القانون”.
وقال في تصريح له لصحيفة فورين بوليسي: “أنا أؤيد تحديد الوقت والمنطقة الجغرافية والقوات المقاتلة المستخدمة في مشروع القانون، لكن يمكن العمل به بعد الحصول على موافقة الأغلبية في الكونغرس. كما عبر عن عدم رضاه عن المدة التي استغرقها هذا النقاش وهي النصف عام من الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأن أي تأخير من قبل الكونغرس في إدراج أو التصويت على تفويض مشروع القانون أمر لا يغتفر ولا يمكن السكوت عنه”.
عرض كل من شيف، وبول مسودة مختلفة بشأن تفويض مشروع القانون من شأنها أن تقّيد العمليات في العراق وسوريا لكن لم تلق الدعم الكافي من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.
وأشار مجموعة من الباحثين القانونيين البارزين إلى أن حجم الرقعة الجغرافية قد أُدرجت بنسبة ٦٠٪ في الترخيصات السابقة، وأضافوا: إن الترخيص الجديد لاستخدام القوة يجب أن يقتصر في مناطق النزاع المسلح الدائر بين تنظيم “الدولة الإسلامية” والعراق والولايات المتحدة وفي أي مناطق ينشط فيها التنظيم أو يخطط لشن هجوم ضد الولايات المتحدة والعراق”.
ويبدو أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن تحديد الرقعة الجغرافية للعمليات، لكن هناك مخاوف من انتشار تنظيم “الدولة الإسلامية” أو استقطابها لجماعات في بلدان أخرى، وتأخذ ليبيا ونيجيريا اهتماما أكثر، لكن هناك الكثير من القلق حول نجاح إقامة “دولة إسلامية” في أفغانستان وبخاصة بعد استمرار مغادرة القوات الأمريكية للبلاد.
في كانون الأول / 2014، مررت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ مسودة ترخيص لا تشمل تحديد الرقعة الجغرافية، وهذه إشارة إلى تفضيل فتح الخيارات حتى بين الديمقراطيين.
وصرحت ستيفاني سانوك كوسترو، التي عملت مسبقا في السفارة الأمريكية ببغداد قبل انضمامها إلى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن “أن مشكلة الحصول على تحديد المساحة الجغرافية تعتمد على مدى حصول الخصم على تسهيلات للتحرك بالمنطقة”. وأضافت: إننا عندما نتكلم عن المجاميع العابرة للحدود وغير التابعة لدولة معينة كـ”الدولة الإسلامية”، فإن وضع حد جغرافي يشكل خطرا من المنظور العسكري”.
http://foreignpolicy.com/2015/03/11/fighting-isis-here-there-and-everywhere-aumf/