لن تتردد القوى الكبرى في لعب كل الأوراق من أجل حماية مصالحها، وإن الدول الصغرى والدول الهشة بحاجة إلى إدراك أي الأوراق تكون مناسبة لها؛ لضمان الحفاظ على مصالحها، على أن تلعبها في الزمان والمكان المناسبين. القارئ العزيز، ستطلع في هذا العدد من إصدار (العراق في مراكز الأبحاث العالمية) على ثلاثة مقالات مهمة: المقال الأول (العناصر الرئيسة لاستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط – الجزء الثاني) اشترك في إعداده مجموعة من الخبراء الاستراتيجيين، نشره (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، وفيه يتم التركيز على ضرورة وضع واشنطن لما يسمى بـ(استراتيجية متعادلة المصادر) تمتد حتى كانون الثاني 2017، تستهدف في ثناياها مواجهة الإرهاب في الشرق الأوسط من خلال تحرير المدن الرئيسة من سيطرة تنظيم “داعش”، ودعم الدور السني بواسطة إنشاء الحرس الوطني، وحماية بغداد، وزيادة إنتاج النفط العراقي وتوقيع صفقة دائمة بين بغداد وإقليم كردستان، وتحفيز جيران العراق على دعمه في مواجهة الإرهاب. كما يتحدث المقال عن أهمية حل الأزمة السورية، وتحديد سبل تعامل الإدارة الأمريكية مع كل من إيران ودول الخليج ومصر والأردن وإسرائيل، وهذا يجعل منه مقالا مهما جديرا بالاطلاع عليه وفهم مضامينه.
المقال الثاني (ترويض الميليشيات: بناء الحرس الوطني في الدول العربية المتصدّعة – الجزء الأول)، للكاتبين (فريديرك ويري، وأرييل أ.آرام)، ونشره (مركز كارنجي للشرق الأوسط)، ويحاول كاتباه تقديم عرض تاريخي لتجربة الحكم في البلدان العربية؛ لبيان طريقة استعانة الحكام في هذه الدول بقوى غير نظامية لقهر شعوبهم ومعارضيهم؛ خدمة لمصالحهم، مع ضمان توفر الأرضية القانونية للتملص من المسؤولية عن الأفعال التي يمكن أن ترتكبها هذه القوى. وقد ركزا أثناء الحديث على دراسة الأوضاع في العراق وسوريا وليبيا واليمن، حيث إن تحلل المؤسسة العسكرية في هذه الدول قاد إلى توسيع دور الميليشيات التي عملت على ملئ الفراغ، وأحيانا مع الوقوع في أخطاء كثيرة، مما يجعل مقترح تشكيل الحرس الوطني طريقة لدمج هذه الميليشيات في جهاز الدولة، وإخضاعها لرقابته وسيطرته، وهذه فكرة جيدة، لكن يحتاج تنفيذها بذل جهود واسعة لضمان عدم حصول نتائج معاكسة للهدف المنشود منها.
المقال الثالث (الجنرال الأمريكي الأعلى: يعتقد الكثير من العراقيين أن الولايات المتحدة تدعم تنظيم “داعش”)، للكاتب (سين تايلور)، نشرته (مجلة السياسة الدولية) الأمريكية، وهو يعرض آراء عدد من الخبراء العسكريين الأمريكيين بالقصص التي تتحدث عن دعم واشنطن لتنظيم “داعش” في داخل العراق وخارجه، وفي الوقت الذي يتم فيه نكران هذه القصص من قبل الإدارة الأمريكية، يتم الاعتراف بأن “داعش” أفضل من واشنطن على مستوى الإعلام والآيديلوجية، مما يجعل الانتصار عليه إعلاميا وآيديلوجيا السبيل الوحيد أمام واشنطن لدحره وهزيمته، قبل أن تتحول قصص دعمه إلى حقائق في أذهان المتحدثين بها.
إقرأ في هذا العدد :