الكاتب: مايكل روبن
ترجمة: هبة عباس
مراجعة وعرض: ميثاق مناحي العيساوي
يعد الادّعاء الكردي الذي يذهب إلى أن حكومة حيدر العبادي ترفض نقل الأسلحة إلى الأكراد كذبا صريحا؛ لأن بغداد هي نفسها لا تملك الأسلحة الكافية، وفي حال حصلت عليها سوف تشارك بها (الإقليم).
وفي حقيقة الأمر، أدركت حكومة الولايات المتحدة بشكل أو بآخر أن حكومة إقليم كردستان أفضل تسليحاً من بغداد. لقد حان الوقت أن يجري الكونغرس محادثات حقيقية حول استراتيجية العراق والبحث عن سبل أفضل لمساعدة كردستان وكيفية هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأن لا يسمح لنفسه أن يخدع من قبل عائلة ليس لها ثقل (مجرد عائلة وليست دولة).
تعهدت حكومة إقليم كردستان بزعامة مسعود بارزاني بالضغط بكامل قوتها على واشنطن من أجل الحصول على حكم مباشر بالتسليح. وقد استأجرت حكومة الإقليم حوالي أربع شركات من أجل الضغط، وأنفقت ملايين الدولارات، كما مكنت العديد من المسؤولين السابقين ورجال الأعمال الذين يأملون إبرام عقود مع حكومة إقليم كردستان لكي يمارسوا أعمالهم بشكل غير رسمي، وبصراحة: جماعات ضغط تعمل بشكل غير قانوني مع الكونغرس.
إن جوهر حملة ضغط الأكراد يكمن في إقناع الكونغرس على ما يأتي:-
كردستان تفتقر إلى الأسلحة اللازمة لمحاربة الدولة الإسلامية
قد تطلب كردستان العراق المزيد من الأسلحة لكن المشكلة الأعظم تكمن في أن المشاحنات السياسية داخل الحكومة هي التي تمنع الحصول على الأسلحة التي يريدونها بشكل مباشر. لقد كان هدف “الدولة الإسلامية” بعد سقوط الرمادي هو مدينة كركوك ذات الأغلبية الكردية، ومازال مسعود بارزاني وأبناؤه – مسرور بارزاني (رئيس جهاز المخابرات)، ومنصور بارزاني (القائد العام) – يرفضون تسليح البيشمركة في كركوك؛ بسبب عدم تصويت كركوك لصالح حزب بارزاني السياسي، إذ حصل الأكراد على الأسلحة بصورة مباشرة من إيران والعديد من البلدان الأوربية، وبفكرة افتقاره إلى الأسلحة، وجد بارزاني كذبة فعّالة (استفاد منها بشكل كبير). وللأسف بدلا من أن يستخدم الأسلحة ضد “الدولة الإسلامية” قام بتخزينها لكي يستخدمها ضد خصومه من السياسيين الأكراد.
بغداد لم تدعم تسليح كردستان
على غرار النقطة المذكورة أعلاه، يعد الادّعاء الكردي الذي يذهب إلى أن حكومة حيدر العبادي ترفض نقل الأسلحة إلى الأكراد كذبا صريحا؛ لأن بغداد هي نفسها لا تملك الأسلحة الكافية، وفي حال حصلت عليها سوف تشارك بها (الإقليم). وفي حقيقة الأمر، أدركت حكومة الولايات المتحدة بشكل أو بآخر أن حكومة إقليم كردستان أفضل تسليحاً منبغداد، كما جاء في المؤتمر الصحفي لوزارة الخارجية: “تقوم (الدولة الإسلامية) بارتكاب هذه الأمور “تفجير السيارات والشاحنات المفخخة”، حيث أنهم على إطلاع كامل على كثير من أنظمة الأسلحة التي يحاول العراقيون استخدامها، وهذه إحدى المطالب الرئيسة للعبادي عندما كان هنا (في الولايات المتحدة الأمريكية)، هو يحتاج إلى نظام تسليح لكي يتمكن من خلاله إحباط الهجمات الانتحارية، وقمنا باتخاذ القرار مباشرة عندما كان هنا ليحصل على ألف سلاح مضاد للدبابات نوع AT4 لقوات الأمن العراقية، وهي على وشك الوصول إلى العراق”.
ومن خلال هذا ، يبدو أنه على الرغم من شكوى عدم امتلاك الأسلحة، يمتلك الأكراد صواريخ نوع AT4 لكن لم يشاركوا بها بغداد لمساعدتها على هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”، ولا يعطونها إلى كركوك، كما رفضوا تزويد الأيزيديين بها قبل سقوط سنجار.
كردستان مؤيدة للولايات المتحدة وحصنا منيعا ضد إيران
على الرغم من حب الأكراد لأمريكا، إلا أن حكومة كردستان انتهازية، فهي لا تتفق مع الولايات المتحدة من الناحية الفكرية ولا الثقافية. فالبعض من أعضاء الكونغرس الأمريكي يعتقدون أن هناك جماعات ضغط لديها قلقة أزاء التقارب الإيراني – الكردي، والمضي قدما إلى إقامة علاقات عميقة ووثيقة مع كردستان العراق. وأي عضو يؤمن بهذا الاعتقاد – إقامة علاقات بين إيران وكردستان العراق – يجب أن يقدم طلبا للحصول على تقرير من قبل المخابرات، وقد اخترق الأكراد القيادة الكردية بشكل عميق كما حدث في بغداد ويعد قاسم سليماني قائد فيلق القدس و رئيس وحدة النخبة في الحرس الثوري الإيراني مسؤول عن قتل العديد من الأمريكيين ، والذي قضى وقتا طويلا كضيف على مسعود بارزاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني التابع لجلال الطالباني ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي. لم تنجح الولايات المتحدة في تقديم معلومات إستخباراتية لحكومة إقليم كردستان تفيد بعدم قدرتها على الوصول إلى سليماني في غضون ساعات، وبالفعل فقد خان بارزاني المخابرات الأمريكية سابقًا ووضع خططًا لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، وعندما أبلغ القادة الأكراد المعلومات الصحيحة لوفود الكونغرس الأمريكي في اربيل أو خلال الزيارات إلى واشنطن قالوا عكسها تماماً في إيران أو إلى الوفود الإيرانية. ولنتذكر أن القادة الأكراد قد قضوا سنوات في المنفى داخل إيران مما وطد العلاقة حتى وأن لم تربطهم علاقات قوية من القلب وباتوا متقبلين نتائج الابتزاز والتهديد الإيراني.
كردستان ديمقراطية
يبحث أغلب الأكراد عن الديمقراطية في الوقت الذي يرفض فيه قادتهم تلك الديمقراطية، حيث رفض الدكتاتور مسعود بارزاني التنحي عن منصبه في نهاية مدة حكمه، إذ وضع خيارين: إما أن يكون مثل نيلسون مانديلا أو مثل بشار الأسد، فاختار الخيار الثاني. والاختلاف الوحيد بينهما هو أن المسؤولين الأمريكيين مازالوا يعلقون أمل الإصلاح على بارزاني، ولكن في حقيقة الأمر إن بارزاني قام بتشكيل الحزب الديمقراطي الكردستاني التابع له بعد تحجيم حزب البعث التابع للأسد والقومية العربية، وهذا كل ما يعرفه، في حين أن أي صحفي يحاول انتقاد بارزاني تكون نهايته السجن أو ما هو أسوأ من السجن. وترى جماعات الضغط والمسؤولين في حكومة إقليم كردستان بأن “كردستان هي إسرائيل الجديدة”. كردستان مثل إسرائيل، فهي لا تحترم حرية الأديان، لكن وجه التشابه يتوقف هنا، حيث أن كردستان ليست ديمقراطية ولا تحترم سيادة القانون وتقيد حرية الصحافة. فقد علمتها الشركات الأمريكية والأوربية عدم الالتزام بالالتزامات التعاقدية مثلما تفعل الصين وتركمانستان، ولا تحمي مواطنيها من “داعش”.
يجب أن يحصل كل عراقي على أسلحة لمحاربة تنظيم “الدولة الإسلامية”، لكن كذب الأكراد كان له تبعات (عواقب)، ليست فقط في استعداد الكونغرس على قبول الفشل الكردي السريع في تصحيح المشاكل الحقيقية التي حالت دون انتصار الأكراد على تنظيم “الدولة الإسلامية”، ولكنه أعطى نتائج عكسية، فضلا عن مساعدة الإيرانيين. وقد تراجع عزم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على استيعاب مصالح الولايات المتحدة والمضي بتقريب العراقيين من إيران. إن رغبة الكونغرس في تزويد الميليشيات السنية بالأسلحة بشكل مباشر (بدلا من احترام حقيقة أن السنة يقاتلون جنباً إلى جنب مع الشيعة في قوات الأمن العراقية)، أو معاملة كردستان كدولة مستقلة سواء كانت تستحق ذلك أم لا, كانت تكمن في تعزيز موقف أغلبية العناصر المؤيدة لإيران والأكثر راديكالية في بغداد، والتي كانت تقول: إن العبادي قد منح ثقته للأمريكيين، بينما اكتفى الكونغرس بالرد على تجاوزاته بتحجيم دور العراق. لقد حان الوقت أن يجري الكونغرس محادثات حقيقية حول استراتيجية العراق، والبحث عن سبل أفضل لمساعدة كردستان، وكيفية هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأن لا يسمح لنفسه أن يخدع من قبل عائلة ليس لها ثقل (مجرد عائلة وليست دولة).
http://www.aei.org/publication/have-the-kurds-lied-to-congress /