إن التنظيمات الإرهابية التي على شاكلة “داعش” وأخواتها لا يمكنها التمدد وتحقيق مكاسب على الأرض بدون وجود قوى إقليمية تسندها في الخفاء وتحاربها في العلن، فضلا على وجود عجز خطير في الاستراتيجية الموضوعة من قبل القوى الوطنية والدولية المنخرطة في جهود مكافحتها. القارئ الاستراتيجي الكريم، في هذا العدد من إصدار (العراق في مراكز الأبحاث العالمية)، ستطالع أربع مقالات: المقال الأول (النتائج المستخلصة من التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب (الجزء الثاني): تنامي تنظيم “الدولة الإسلامية“)، للكاتبين (ماثيو ليفيت، وريان يوكيليس)، نشره (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، وفيه يستعرض الكاتبان تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن حالة التطرف في العالم لعام 2015، ويتوصل التقرير إلى أن تنظيم “داعش” تفوّق على تنظيم “القاعدة” في حجم التهديد الإرهابي في العالم، وأن هذا التنظيم يستند في قوته إلى ثلاثة عناصر هي: تمويله المالي الضخم، وتوافد المقاتلين الأجانب عليه من مختلف دول العالم، وقدرته على نشر عقيدته المتطرفة بشكل فاعل، وتشير هذه العناصر إلى أنموذج جديد من التنظيمات الإرهابية أكثر قدرة ومرونة في خلق التهديدات.
المقال الثاني (عائلة أردوغان وتنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي)، وهو تقرير نشرته (غلوبال ريسيرج)، يسلط الضوء على الدور التركي في دعم تنظيم “داعش” من خلال توفير الرعاية الصحية لجرحى التنظيم في المستشفيات التركية، كما يتطرق إلى دور سمية، الابنة البكر لاردوغان، وابنه بلال في دعم التنظيم من خلال جهود الإغاثة المقدمة له في سوريا ودعم عمليات بيعه للنفط المهرب من الحقول الخاضعة لسيطرته.
المقال الثالث (تصعيد أوباما في العراق: التدرّج ليس باستراتيجية)، للكاتب (انتوني كوردسمان)، نشره (مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي)، ويرى الكاتب أن إرسال الإدارة الأمريكية المزيد من المستشارين إلى العراق لا يمثل استراتيجية واضحة؛ لأن الاستراتيجية الواضحة تقتضي معالجة ملف الأزمة السورية، ورسم صورة واضحة لما بعد تحرير الموصل، ودمج العشائر السنية في القتال ضد “داعش”، والعلاقة بين السنة والشيعة، ودور الأكراد في العراق. وينصح الكاتب الحكومة العراقية بضرورة اتخاذ القرارات المناسبة في القضايا الملحة مع الاستفادة من الدعم والاستشارة الأمريكية، وينصح الحكومة الأمريكية بضرورة العمل على دفع وحدات قتالية أمريكية إلى ساحة الحرب في العراق.
المقال الرابع (الرمادي عام 2015 مقابل بورما عام 1942: العزيمة مقابل التحكم بالصورة)، للكاتب (جيمس جيفري)، نشره (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، وحاول كاتبه عقد مقارنة بين سقوط مدينة الرمادي العراقية في أيار عام 2015 بيد تنظيم “داعش” وسقوط بورما عام 1942 بيد القوات اليابانية لينتهي من هذه المقارنة إلى تقديم نصائح إلى واشنطن بضرورة عدم التحكم في كيفية إظهار الأحداث، والتضامن مع حلفاء الولايات المتحدة، والتعلم من خسارة واشنطن في تجارب عسكرية سابقة. ويرى الكاتب أن واشنطن إذا كانت عاجزة عن هزيمة “داعش”، فعليها أن تغير استراتيجيتها لتكون احتواءًا للتنظيم بدلا من هزيمته.
إقرأ في هذا العدد :