الانتصار في الحروب لا يقتصر على وجود الجيوش الجرارة والعدة المتفوقة، وإنما يحتاج إلى عنصر أثمن من كل ذلك هو توفر الإرادة الصُلبة لتحمل تبعاتها والعزيمة الواضحة لتحطيم إرادة الخصم وإلحاق الهزيمة الحاسمة به في الميدان. عزيزي القارئ الكريم ستطالع في هذا العدد من إصدار (العراق في مراكز الأبحاث العالمية) مقالين مهمين يوضحان عدم استعداد الإدارة الأمريكية لهزيمة تنظيم “داعش” وبشكل يتناقض مع كل ما تدّعيه هذه الإدارة، المقال الأول (استراتيجية الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا بحاجة إلى التغيير والاستقامة والشفافية)، للكاتب (أنتوني كوردسمان)، نشره (مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي)، وينتقد كاتبه حروب أمريكا في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن واصفا إياها بأنها حروب فاشلة؛ لأنها لم تحقق النصر. ويتهم الإدارة الأمريكية بالكذب وعدم عرض الحقائق بصدق، لذا يدعو إلى اعتماد استراتيجية أوسع في الحرب ضد “داعش” تركز على وحدة العراق، وربط الأحداث فيه بالأحداث في سوريا، وإيجاد حكومة عراقية لديها استراتيجية مدنية وعسكرية شاملة، ويدعو واشنطن إلى تحويل العراق من دولة فاشلة إلى دولة حقيقية، وكذلك الحال في سوريا. ويرى الكاتب أنه لا مانع من التعاون مع إيران في هذا الصدد على أن يكون تعاونا معلنا لا يتجاهل الدور الإيراني السلبي في هذين البلدين، كما يدعو إلى إرسال فرق الاستشارة والمساعدة لمساعدة القوات الأمريكية على كسب الحرب في الميدان، وينتقد بشدة ما يسميه استراتيجية القيادة من الخلف، كذلك يركز على رفع كفاءة الدعم الجوي الأمريكي في محاربة “داعش”، على أن يبقى دعما مشروطا بإبعاد النفوذ الإيراني والمليشيات المسلحة، والوحدة بين السنة والشيعة. وينتهي المقال إلى التركيز على ضرورة إقرار قانون الحرس الوطني كجزء من استراتيجية الحرب على الإرهاب، ونصيحة الإدارة الأمريكية بالقول : “إن الدعوة إلى الاستراتيجية يعني الإصرار على تحقيقها، واستخدام قوة المال لجعلها فاعلة..”.
المقال الثاني (أربع مشاكل كبيرة في خطة أوباما لمكافحة التطرف العنيف)، للكاتبة (كيم غطاس)، نشرته (مجلة السياسة الخارجية الأمريكية)، وتبدأ الكاتبة مقالها بالقول إن هذا العصر هو عصر التصدي للإرهاب، مما يتطلب ضرورة العمل على منع انتشار الفكر الإرهابي داخل المجتمعات، وتحدد أربعة أسئلة رئيسة تخصّ تكتيكات مواجهة التطرف العنيف، هي: ما هو السياق المضاد؟ ومن هم الجمهور؟ وهل تعمل تكتيكات مواجهة التطرف العنيف إذا كانت لكل شخص أولويات مختلفة في السياسة الخارجية؟ وهل تعمل مواجهة التطرف العنيف في سياق الشرق الأوسط بصراعاته العديدة؟، وينتهي المقال بالقول: “إن إحدى مشاكل جهود مكافحة الإرهاب هي التركيز على مكافحة انتشار تنظيم “داعش”، لكن في الحقيقة لم يعط أي أحد تفسيرا شاملا ومقنعا حول تنامي التنظيم واستمرار قوته..”.
إقرأ في هذا العدد :