الكاتبة: كيم غطاس
ترجمة وعرض: مركز الدراسات الاستراتيجية/جامعة كربلاء
يعد التأسيس لإدارة جيدة ولسلطة القانون في الدول المفككة وإنشاء أنظمة تعليم أفضل بداية ناجحة، وتم تداول هذه الأفكار في نقاشات
منتدى “آسبين” حول كيفية منع انتشار التطرف. وينـــادي قليلون فقط بضرورة بناء الدولة، إلا أن جهود مواجهة التطرف العنيف تحدث في تربة تتجاهل الحقيقة القائلة بأن بعض الدول العربية تستخدم حجة التطرف من أجل تضييق الخناق على المعارضة المحلية بموافقة صامتة من قبل واشنطن كما هو الحال في الأردن ومصر. حقيقة الأمر، إن القمع الذي تمارسه الدول وعدم وجود الحريات المدنية ارتبط ارتباطا مباشرا بتصاعد التطرف.
إذا كان العقد الماضي هو عقد الحرب العالمية على الإرهاب، فنحن نعيش حاليا في عصر التصدي للإرهاب العنيف. وكما لدينا تكتيكات مضادة لحرب العصابات وخبراء متخصصون في الحرب العالمية على الإرهاب، فقد انطلقت بوادر من أجل التصدي للتطرف العنيف، وعقد البيت الأبيض قمة بشأن الحرب على الإرهاب في وقت سابق من العام الحالي، لكن لم تنتج توصيات عملية.
إن فكرة منع الرجال والنساء من الانزلاق في طريق التطرف ليست بجديدة، إلا أن هذا الاصطلاح يطفو على السطح مجددا بسبب تدفق الشباب الغربي إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم “داعش”، فضلا على مجموعة الهجمات التي شنها مسلمون أمريكيون داخل أمريكا.
وبحسب ما جاء في الموقع الرسمي لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية بشأن تكتيكات القضاء على التطرف، فإن “التهديد الذي يفرضه التطرف العنيف ليس مطوقا بحدود دولية ولا يرتبط بأي آيديولوجية”، وبالرغم من ذلك فإن المختصين في واشنطن عندما يناقشون تكتيكات القضاء على الإرهاب فإن معظمهم يفكرون بما يسمى تنظيم “داعش” ومجموعات متطرفة أخرى.
وبالنظر إلى جهود مواجهة تنظيم “داعش”، فإن هناك أربعة أسئلة تخص تكتيكات مواجهة التطرف العنيف، تحتاج إلى أفضل أجوبة وإلا من الأفضل عدم السؤال عنها؟
ما هو السياق المضاد؟
يبدو أن الكثير من تكتيكات مواجهة التطرف العنيف تركز على مواجهة السياق الذي أوجده تنظيم “داعش”. وبالنظر إلى الفيديوهات التي ينتجها التنظيم والتوظيف الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي فما الذي يقدمه الغرب كرؤية للعالم؟. اقترح أحد المشاركين في منتدى “آسبين” أن بإمكان الغرب نشر رسائل ضد التنظيم وإقناع الناس بعدم الانضمام إليه.
وما لم تقدم الولايات المتحدة وأوروبا عرضا للوصول إلى حياة مستقرة وسعيدة في الغرب ما عدا الحديث عن كيفية وصول عدد قليل من اللاجئين السوريين إلى دولهم، فإن من الأضمن افتراض أن العرض لا يوافق أي أحد. وفشلت السياسة العامة للترويج للقيم الغربية أو أنماط الحياة بشكل ذريع تحت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وبالكاد يمكن وصفها الآن بالناجحة.
ويعد التأسيس لإدارة جيدة ولسلطة القانون في الدول المفككة وإنشاء أنظمة تعليم أفضل بداية ناجحة، وتم تداول هذه الأفكار في نقاشات مؤتمر “آسبين” حول كيفية منع انتشار التطرف. وينـــادي قليلون فقط بضرورة بناء الدولة، إلا أن جهود مواجهة التطرف العنيف تحدث في تربة تتجاهل الحقيقة القائلة بأن بعض الدول العربية تستخدم حجة التطرف من أجل تضييق الخناق على المعارضة المحلية بموافقة صامتة من قبل واشنطن كما هو الحال في الأردن ومصر. حقيقة الأمر، إن القمع الذي تمارسه الدول وعدم وجود الحريات المدنية ارتبط ارتباطا مباشرا بتصاعد التطرف.
من هم الجمهور؟
هناك اختلاف مابين محاولة إقناع النساء البريطانيات من الطبقة الوسطى بالسفر إلى سوريا والزواج من مقاتلي تنظيم “داعش” والذي سيجعل حياتهن جحيما لا يطاق، وبين إقناع الأردنيين من مدينة الزرقاء مسقط رأس أبي مصعب الزرقاوي بأن حياتهم من دون العمل ومن دون زواج أفضل من العيش تحت سيطرة الخليفة البغدادي. هناك طرق يمكن من خلالها معالجة هذه القضايا والتصدي لهؤلاء الناس وتوضيح كيف يمكن للتطرف أن يدمر الحياة.
هناك من انضم عـــن قناعة عميقة إلى تنظيم “داعش” بمن فيهم مواطنون من الغرب وأوروبا، وقد انضموا إلى التنظيم قبل بضع سنين فقط كردة فعل غاضبة على أن الغرب لم يفعل المطلوب لدعم المتطرفين.
هل تعمل تكتيكات مواجهة التطرف العنيف إذا كانت لكل شخص أولويات مختلفة في السياسة الخارجية؟
يعد بعض المحللين الغارات الجوية الأمريكية الموجهة ضد تنظيم “داعش” ضرورية لتحقيق استراتيجية مكافحة الإرهاب، إلا أن الحملة العسكرية تعرضت للانتقاد من قبل الجمهوريين الذين قالوا أن هناك عددا قليلا من الأهداف وضعفا في الحل السياسي الذي يجب أن يصاحب الجهود العسكرية. وقالت مارثا مك سالي، النائبة عن ولاية أريزونا معبرة عن وجهة نظرها: إن الحملة المستمرة ضد “داعش”، وممارسة الضغط لإيجاد حل سياسي، من الممكن أن يساعد جهود التصدي للإرهاب العنيف من خلال التوضيح للمجندين أن المجاميع المتطرفة ليس لها سلطة البقاء، وبعد أربع سنوات من الحرب في سوريا ما يزال القول أسهل من الفعل.
ويظل السؤال المحوري هو: كيف ستثمر الجهود في حال ركزت الولايات المتحدة على مواجهة ما يسمى تنظيم “داعش”، بينما كثير من حلفائها يركزون على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد؟. وفي الوقت الذي يحاول فيه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قصف مواقع التنظيم، اتهمت حكومات المنطقة بغض الطرف عن تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا.
إن عدم التوافق بين أولويات الحلفاء المختلفين هو من ضمن الأسباب التي سمحت لتنظيم “داعش” بالسيطرة على الأراضي واستمرار تجنيد المقاتلين وإرغام تركيا بعد أكثر من عام على سقوط الموصل على الانخراط في الحملة الدولية المعادية للإسلام، وهذا لا يعني أنها بدأت تقلق بشأن تداعيات تنامي التنظيم في أراضيها فقط، بل باتت تأمل في الحد من تقدم الأكراد في شمال سوريا. وربما ما تزال المملكة العربية السعودية تفضل إسقاط نظام الأسد قبل التعامل مع تنظيم “داعش”.
هذه هي مشاكل العالم الحقيقية التي تعرقل الجهود الرامية إلى تقليل جاذبية ما يسمى بـ”الدولة الإسلامية”. لكن حدثت الكثير من المناقشات حول جهود التصدي للإرهاب العنيف منها: مناقشات السياسة الخارجية حول كيفية التعامل مع الشرق الأوسط.
هل تعمل مواجهة التطرف العنيف في سياق الشرق الأوسط بصراعاته العديدة؟
أشار المبعوث الخاص للإدارة الأمريكية لشؤون مكافحة الإرهاب رشاد حسين ” إن من المهم معرفة أن التطرف ينطلق من آيديولوجية، وإن لم يتم التصدي له فسوف يظهر في أماكن مختلفة”. ربما كان حسين يحاول التطرق وبدقة إلى مذهب الوهابية المتشدد الذي انتشر عن طريق المملكة العربية السعودية، والمسألة الأخرى التي حاول التطرق لها هي أن الكثير من السنة يشعرون بأن مذهبهم معرض للهجوم سواء من قبل الغرب أم من قبل إيران، وهم حريصون على الدفاع عنه.
وقال أحد المسؤولين في الولايات المتحدة أن جهود مكافحة الإرهاب العنيف سوف تكون غير مجدية إذا لم يتم وضع حد للصراع في سوريا بطريقة تجعل السنة يشعرون بأنه تم أخذ شكواهم بعين الاعتبار.
لا يمكن الاعتقاد بأن إسقاط نظام الأسد سوف يؤدي إلى زوال تنظيم “داعش”، لكن التنظيم تنامى وازدهر في ظل السياسات المحطمة لدول مثل العراق وسوريا، واحتل المناطق غير الخاضعة لسيطرة الحكومة، كما عزز الاستياء الذي نتج عن قلة الاهتمام الواضح من قبل الغرب فيما يخص موت أكثر من 200000 سوري. ولكن يمكن للجهود الجديدة التي تحاول إنهاء الصراع السوري أن تسحب البساط من تحت أقدام التنظيم.
إن إحدى مشاكل جهود مكافحة الإرهاب العنيف هي التركيز على مكافحة انتشار تنظيم “داعش”، لكن في الحقيقة لم يعطِ أي أحد تفسيرا شاملا ومقنعا حول تنامي التنظيم واستمرار قوته، إلا أن بعضها بدأ يظهر من خلال التفكير بالأسئلة السابقة.
http://foreignpolicy.com/2015/08/04/four-problems-with-obama-countering-violent-extremism-cve-isis/