حلقة نقاشية
14/9/2015
أقام مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء حلقة نقاشية متخصصة تحت عنوان (تأثير إقرار قانون الأحزاب على الحياة السياسية في العراق)، وذلك في تمام الساعة العاشرة صباحاً يوم الاثنين الموافق 14/9/2015 .
وافتُتحت الحلقة بكلمة ألقاها مدير المركز د.خالد العرداوي، ثم عرضت ورقة بحثية واحدة قدمها د.حسين أحمد دخيل، الباحث في المركز، وتناولت الآتي:
إن نشأة الأحزاب السياسية ترتبط بالسلطة وآليتها في المجتمع، وهذا أمر طبيعي؛ لأن الحزب السياسي هو الأساس الذي يقوم عليهالنظام السياسي. وفي محاولتنا لتعريف الحزب السياسي، فإنه لابد لنا من توضيح المقصود من مفهوم (الحزب)، ثم الصفة التي يُنعت بها وهي “السياسي”.
فـ”الحزب” يعني: تجمّع منظم ودائم من الأشخاص تجمعهم آيديولوجية معنية، يسعون من خلال هذا الحزب إلى جعل آيديولوجيتهم محل تطبيق، ويحاولون بواسطته الوصول إلى السلطة.
أما اصطلاح “سياسي” فيقصد به: التنظيم الذي يصنع القرارات في داخل الجماعة. وبناءا على ما تقدم يتضح لنا أن الحزب السياسي هو تنظيم سياسي دائم ومنظم لقوى اجتماعية معنية توحدهم آيديولوجية أو فكرة واحدة، هدفهم الوصول إلى السلطة والبقاء فيها.
وتكلم بعدها عن أهمية الأحزاب السياسية، ويمكن إجمالها بالآتي:
- أصبحت الأحزاب السياسية طرفا مهما وركنا أساسيا في النظام السياسي الديمقراطي، ويقع على عاتق الدولة مسؤولية جعل تشريعاتها تحدد مكانتها وتمهد الطريق في تقرير أمر مشاركتها لإدارة وظائفها المتعددة داخل الدولة.
- الأحزاب السياسية عنصر أساسي وضروري في النظام السياسي الديمقراطي، مشارك بحرية في تشكيل الإدارة السياسية للشعب في جميع المجالات وخاصة في تشكيل الرأي العام، من خلال الحث على التعلم السياسي وتشجيع المشاركة في الحياة السياسية ليكون الشعب في النهاية قادرا على تحمل المسؤوليات العامة (شعب سياسي)، ويكون ذلك تحت غطاء ومظلة القانون الدستوري.
- عليه، فإن التعددية في الرأي واحترام الرأي الآخر تتم عبر إطلاق الحريات الأساسية وفي مقدمتها حرية تأسيس الأحزاب وحرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي، والتي تعد من متطلبات النظام الديمقراطي.
وأعطى نبذة عن تاريخ العمل الحزبي في العراق قبل عام 2003:
- بعد انقلاب شباط عام 1963ألغيت كل مظاهر الحياة الديمقراطية ومنها الحياة الحزبية ولم يسمح بالنشاط السياسي سوى للحزب الحاكم ونقصد بذلك حزب البعث المنحل. واستمر الحال على كبت الحريات طيلة مرحلة الحكم العارفي وكذلك بعد عودة حزب البعث ثانية إلى السلطة في تموز 1968. إلا أن الحزب المذكور وفي السنوات الأخيرة من تسلمه السلطة التي امتدت لأكثر من أربعة وثلاثين عاماً شرّع قانوناً للأحزاب السياسية هو (قانون الأحزاب السياسية) رقم (30) لسنة 1991 الذي بقي حبراً على ورق بسبب عدم إيمان قيادة الحزب المذكور بالنظام الديمقراطي وانتهاجها للنظام الدكتاتوري.
أما عن سلبيات القانون الحالي:
- فمن الناحية الشكلية:
- من حيث التسمية، أطلق على القانون في المسودة التي صوت عليها البرلمان (قانون الأحزاب السياسية)، وفي المادة 2 / أولاً وباقي مواد القانون سمي الحزب أو التنظيم السياسي في حالة المفرد وفي حالة الجمع الأحزاب أو التنظيمات السياسية. وفي الدستور – كما بيّنا – أطلق عليها الجمعيات والأحزاب السياسية (المادة 39 / أولاً).
- التعريف كما في المادة (2 اولاً) فيه إسهاب.
- الكثير من الصياغات ركيكة وغير دقيقة، إذ تكررت عبارة (الأحزاب أو التنظيمات سياسية أو السياسية) وعبارة (الأحزاب أو تنظيمات سياسية) عدة مرات.
ومن الناحية الموضوعية:
- بالتأكيد يعد كقانون مثيرا للجدل، وخاصة من معارضي أحزاب المحاصصة التي سوف تفقد امتيازاتها التي حصلت عليها في زمن الغفلة السياسية.
- لم يضع القانون فقرة ملزمة على الأحزاب تمنعهم من الارتباط بالقوى الخارجية لتجنب إفشاء أسرار الدولة العسكرية والسياسية.
- يستبعد المراقبون السياسيون إمكانية الأحزاب بتطبيق (حظر النشاط العسكري) الذي يتمتع به الحاضر السياسي والعسكري عندما يبدو لبعض الكتل والأحزاب امتلاكها أجنحة عسكرية أو ما تسمى بالميليشيات، وأخرى لها نفس الأجنحة ولكنها اليوم لها مشاركة فعلية في (الحشد الشعبي)ضد تنظيم “داعش” مقدمة الضحايا للوطن بسخاء.
وفي جانب الإعانات التي تقدمها الدولة للأحزاب :
من جانب التمويل المقدم للأحزاب في الموازنة العامة للدولة: إذ يمنح القانون (قانون الأحزاب) إعانة مالية للأحزاب (م42)، ويتم تحويلها إلى حساب كل حزب من قبل وزارة المالية، وهذا أمر لا يوجد في قوانين الأحزاب في دول عدة تعتمد نظام التعددية الحزبية.
– إن هذه الإعانة تمثل بابا آخر يضاف إلى الإنفاق العام في موازنة الدولة العراقية، مما سيرهق هذه الموازنة بشكل أو بآخر.
– هذا الأمر يتعارض مع سياسات الإصلاح التي تقوم بها الحكومة العراقية، ويزيد من الغضب الشعبي.
– نصت (م44 / أولا وثانياً) على توزيع الإعانة المالية للأحزاب وفق النسب الآتية:
أولاً: 20% توزع بالتساوي على الأحزاب أو التنظيمات السياسية المسجلة بموجب هذا القانون.
ثانيا: 80% توزع على الأحزاب أو التنظيمات السياسية الممثلة في مجلس النواب وفقا لعدد المقاعد.
والأحزاب الموجودة حاليا في السلطة ستستحوذ على النسبتين في (أولا وثانياً)، ولاسيما الأحزاب الكبيرة.
وانتقل الحديث إلى السادة الحضور وهم حسب تسلسل الحديث:
د. عمران كاظم الكركوشي، رئيس قسم الإعلام في جامعة كربلاء:
ويرى أن القانون أقرّ على عجالة بسبب ظروف البلد. وفي معرض حديثه أثنى على التعريف. أما في مسألة تكرار بعض الألفاظ، فهو يرى أن القضية مقصودة لغرض التمييز بين الأحزاب والتنظيمات التي تمارس نشاطا سياسيا بحتا ونشاطا آخر. وعدّ الكركوشي تخصيص مكونات مالية للأحزاب حالة إيجابية، فهو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية. أما قانون الأحزاب، فلم يأخذ حيزا في وسائل الإعلام، وإن هناك اختيارا دقيقا لزمان الإعلان عنه.
الأستاذ باسم عبد عون، الباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية:
يرى أننا في العراق بحاجة إلى قوانين جامدة. وفي معرض تعليقه على المادة 17، حيث خصصت هيئة خاصة للأحزاب، يعتبر هذا الأمر تحييدا لباقي مؤسسات الدولة.
الأستاذ حسين الحسني، كلية التمريض/جامعة كربلاء:
تسائل عن مستقبل امتلاك الأحزاب لأجنحة عسكرية، التي تركت دون تنظيم.
الأستاذ علي فاهم:
بدأ حديثه عن الآيديولوجيا التي هي ليس من العيب أن يمتلكها أي حزب، فتدخل د.عمران الكركوشي بالقول: إن الأفكار مفتوحة، وعند اعتماد الآيديولوجيا فسنعني بها مجموعة أفكار مغلقة. ويرى الأستاذ فاهم أن وجود قانون الأحزاب مسألة مهمة جداً، وأكد بضرورة تعديل قانون الانتخابات، وعدّ المفوضية بأنها غير مستقلة تماماً.
وفي مداخلة للدكتور خالد العرداوي في موضوعة دراسة القوانين قبل إقرارها، كإطار للتعاون بين الأكاديمي والسياسي، التي طرحها الأستاذ علي فاهم، أشار د. خالد إلى أن الملاحظات الأكاديمية ترسل لذوي الشأن لكن القانون يصدر بنفس الهفوات دون الأخذ بتلك الملاحظات.
أستاذ ماجد عزيز، وركز على دور الأكاديمي في توليد الضغط على البرلماني.
الأستاذ حسين باسم، باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية:
تحدث عن المادة(5) البند (2)، التي تلزم الحزب بعدم التعصب الطائفي والقومي، لكن واقع حال الأحزاب الموجودة أنها تمثل طائفتها وقوميتها، فكيف يتم التعامل معها؟ وتساءل أيضا عن الجهة المحايدة التي ستقرر ماهو طائفي وقومي في هذا أو ذاك من الأحزاب؟
أستاذ ثائر عبد جفات، أمين عام حزب الفضيلة في كربلاء المقدسة:
عدّ أن لكل قانون إيجابيات وسلبيات، وهو وضع لتقنين موضوع الأحزاب. ويلاحظ وجود تدخلات خارجية، ووضح أن المسألة تكمن في السلطة المستقلة التي لا تخضع لجهة. وركز على أن الأكاديمي له دور في ترتيب البرامج السياسية وغيرها. ودعا المركز إلى مؤتمر النجف للإصلاح يوم 10 /10 / 2015. وأقر بوجود نواقص كثيرة في القانون.
د. سامر مؤيد عبد اللطيف، باحث في مركز الدراسات القانونية والدستورية/جامعة كربلاء:
كانت لديه بعض الملاحظات، مع الإشارة إلى أهمية هذا القانون وما تضمنه من أخطاء، وتوقع أن هذا القانون يستخدم من قبل الأحزاب بشكل يخدم مصلحتها. وفي مسألة المعونات، توقع الدكتور أنها ضمنت لتغطية ما تتلقاه تلك الأحزاب من مساعدات. وأشار إلى عدم تضمين القانون مسألة دفع الضرائب بالنسبة للأحزاب السياسية.
أستاذ خالد الجبوري، مدير قصر الثقافة في كربلاء:
يعتقد أن القانون وضع على عجل، وأنه حسن فعل في وضع تعريف الحزب. وتسأل هل أن جميع الأحزاب تعترف بالديمقراطية؟ وأشار إلى وجود تكرار في فقرات القانون. وفي موضوع الإعانات، يجب أن تضاف فقرة مهمة حول عقد لوعود الحزب السياسي.
د.خالد العرداوي في مداخلته:
رأى أن هناك ملاحظات كثيرة يؤاخذ عليها البرلمان، ومن بينها وجود الأخطاء اللغوية في القانون. وركز على الرؤية المستقبلية وأهميتها في مستقبل العراق. ففي موضوع الإعانات (80% لمن في البرلمان و 20% للموجود من الأحزاب المصادق عليها)، أي أن الحزب الكبير يأخذ الحصتين (80% و 20%)، يتعارض مع ضعف الإيرادات في الميزانية العراقية. ورأى أيضا أن الاستعجال في إقرار القانون يخلق لنا مشاكل كثيرة.