يبدو أن الدب الروسي بدأ يخرج من عزلته؛ ليطالب بحقه في القيادة الدولية للعالم، متحررا من كبوته بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق، وعازما على إعادة تشكيل العلاقات الدولية بسلسلة من الأحلاف التي تحفزها المصالح والآيديولوجيا والبحث عن دور ما تحت الشمس. فهل سينجح في جعل دوره الجديد إيجابيا يصب في مصلحة السلم والأمن الدوليين؟ أم سيفتح الباب لصراعات متنامية تدفع العالم لحرب عالمية ثالثة؟. في هذا العدد من إصدار (العراق في مراكز الأبحاث العالمية)، سيجد القارئ العزيز ثلاثة مقالات: المقال الأول (السنة الأولى لحيدر العبادي في الحكم: ما هي الآفاق المحتملة – الجزء الثاني)، لكاتبه (يزيد الصائغ)، نشره (مركز كارنيغي)، ويبين كاتبه أن العراق يعاني من غياب خطة شاملة للإصلاح في الجيش؛ تمنع هذه المؤسسة من أن تكون أداة حزبية طائفية معرضة للتمزيق، ويتطلب الحال إنشاء جيش عراقي مستقل عابر للطوائف، من خلال الاهتمام بسلك القيادة والضباط، ومحاربة الفساد الإداري والمالي، ومراعاة المعايير الدستورية في تولي المناصب العسكرية، والعمل بشكل سريع لإقرار قانون للحرس الوطني يدمج قوات المتطوعين وأبناء العشائر في هيكل قيادي موحد تديره وزارة الدفاع أو الداخلية. وبالنسبة لأجهزة الأمن العراقية (وزارة الداخلية)، فهي بحاجة إلى إصلاح يبعدها من الاستيلاء والتسييس، والفساد الإداري والمالي، وعدم انتهاك حقوق الإنسان، وعدم الإفلات من العقاب؛ لجعلها أجهزة خاضعة بشكل كامل لقيادة الحكومة العراقية. ويرى الكاتب أن تغلغل دولة المحسوبية في العراق منع هذا البلد من إعادة إعمار بنيته التحتية، وخلق تنمية مشوهة، مما جعل العراق بين أكثر دول العالم فسادا وفقرا، ويتطلب الأمر من حكومة العبادي إعادة بناء دولة عراقية قابلة للحياة، وصياغة ميثاق اجتماعي جديد، مع توفر الدعم الإقليمي والدولي المساند لتحقيق النجاح.
المقال الثاني (التحرك الروسي نحو سوريا: السياقات والنتائج)، لكاتبه (بول سالم)، نشره (معهد الشرق الأوسط)، ويعتقد الكاتب أن التدخل العسكري الروسي في سوريا سيصعد من الحملة الدبلوماسية الساعية الى إيجاد حل للأزمة السورية. ولكن مع غياب شروط ومتطلبات نجاح هذه الحملة، فقد ينتهي الأمر إلى صراع محموم يقود إلى تقسيم هذا البلد، لينتهي من قراءته لأبعاد وغايات الدور الروسي الجديد في سوريا إلى القول: “فقط تسوية سياسية واقعية تتضمن رحيل أو عدم تمكين الأسد سوف تمكن كلا من النظام وقوات المعارضة من التحول من الاقتتال فيما بينهم إلى مقاتلة تنظيم داعش”.
المقال الثالث (الضربات العسكرية العراقية في إطار اتفاقية الشراكة مع روسيا وسوريا وإيران)، لكاتبه (ايلياس كرول)، نشرته (مجلة السياسة الخارجية الأمريكية)، ويذهب كاتبه إلى تحليل أهداف وغايات ما أعلن عنه من تحالف رباعي بين روسيا وسوريا والعراق وإيران، وأنه جاء كرد فعل على عجز التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من تحقيق شيء ملموس على الأرض. وتطرق إلى دور الدعم الروسي والإيراني في بقاء بشار الأسد في منصبه خلال السنوات الماضية، ولكن ينتهي المقال إلى التأكيد على أهمية التنسيق الدولي المشترك في هزيمة الإرهاب وتحديد نتيجة الحرب في سوريا من خلال تسوية سياسية تتفق عليها جميع الأطراف.