الشعور بالخطر شيء، والعمل على مواجهته شيء آخر، فجميع الأطراف الإقليمية والدولية تدرك أن خطر الإرهاب الداعشي والتطرف الأصولي بات يهدد مصالحها، لكن هل وصلت إلى قناعة في أن الوقت قد حان للعمل المشترك للقضاء عليه. مسار الأحداث لا يدل على ذلك. عزيزي القارئ في هذا العدد من إصدار (العراق في مراكز الأبحاث العالمية) ستطلع على خمسة مقالات مهمة: المقال الأول (إعادة التفكير في الحرب ضد “داعش” واستراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب والتمرد)، للكاتب (أنطوني كوردسمان)، نشره (مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي)، ويتحدث كاتبه عن تورط الولايات المتحدة في حملة واسعة لمكافحة الإرهاب في دول إسلامية تعاني من فشل بناء الدولة وفشل تجارب التنمية الاقتصادية، فضلا على دور العامل الخارجي في زيادة حدة الظاهرة الإرهابية، مما يجعل الهزيمة العسكرية للحركات المتطرفة لا تكفي لوحدها لتحقيق الأمن والاستقرار الدائمين، ما لم تكن هناك استراتيجية مدنية – عسكرية توظف المساعدات الخارجية في بناء نظام حكم صالح في البلدان التي يمزقها الإرهاب.
المقال الثاني (إيران وتنظيم “داعش”: التصرف الحالي يمكن أن يعكس مسار استيلائهما على السلطة في العراق)، للكاتب (روبرت اس . فورد)، نشره (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، ويتطرق كاتبه إلى الوضع العراقي بنظرة متفائلة على الرغم من الصعوبات التي يمر بها البلد، فهو لا يرى أن العراق الآن أو في المستقبل دولة فاشلة، بل الوضع العراقي – من حيث تعامل السنة العرب العراقيين مع الدستور ونظام الحكم في العراق – أفضل بكثير مما كان في السابق، كما أن العراق فيه حكومة منتخبة، ومجلس تشريعي منتخب، لكن العلاقة بين المكونات ما تزال تعاني من توتر، ويعتقد الكاتب أن وقوع العراق في منطقة صراع النفوذ الإيراني – الداعشي يجعل تفكك هذا البلد يصب في مصلحة الطرفين على حساب المصلحة العراقية، كما أن حصول هذا السيناريو سيدخل منطقة الشرق الأوسط في أتون حرب طويلة مدمرة.
المقال الثالث (ما بعد باريس)، للكاتب (ريتشارد هاس)، نشره (مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي)، ويشير كاتبه إلى تنامي خطر تنظيم “داعش” الإرهابي في الشرق الأوسط والعالم، مما يستدعي استراتيجية شاملة عسكرية واقتصادية وسياسية وفكرية يشترك فيها الجميع، مع التحلي بروح الواقعية في تحديد طبيعة خطر “داعش” لهزيمته في المكان والزمان المناسبين.
المقال الرابع (المعركة العراقية الكردية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”: تقارير من الجبهة)، للكاتبين (مايكل نايتس ولاهور طالباني)، نشره (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، ويحاول الكاتبان التطرق إلى طبيعة المعركة ضد تنظيم “داعش” ودور الأكراد المحوري فيها حسب اعتقادهما؛ لأنهم القوة الوحيدة المؤهلة للقيام بالمهمة وبما يحقق مصالح التحالف الدولي، وعندما يتم التطرق إلى استقلال الأكراد المحتمل عن العراق يستبعدان هذا الخيار في الوقت الحاضر على الأقل؛ بسبب مشاكل الإقليم الاقتصادية من جهة، وعدم توفر البيئة الإقليمية المساعدة من جهة أخرى.
المقال الخامس (لجوء الأكراد إلى حلفائهم في كي ستريت في الحرب ضد تنظيم “داعش”)، للكاتب (بيل ألسن)، نشرته (مجلة الفورين بولسي)، ويخصصه كاتبه لبيان مقدار الجهد الجيد المبذول من قبل حكومة إقليم كردستان العراق في سبيل إيجاد لوبي داعم لقضاياهم داخل واشنطن ونجاحهم في هذا المسعى، ولا سيما من خلال مكتب التنسيق التابع لهم هناك، وتنصبّ جهود الأكراد في الوقت الحاضر على الضغط على واشنطن والتحالف الدولي الذي تقوده لتسليحهم بشكل مباشر دون المرور بالحكومة المركزية، ويبدو أن أصدقاء أربيل في واشنطن قد عقدوا العزم على تحقيق هذا الهدف الكردي.