موضوع استراتيجي مهم يشغل بال صانعي القرار في العراق ومنطقة الشرق الأوسط وخارجها، ألا وهو سيناريو ( تقسيم العراق ) في ظل الظروف السياسية والأمنية التي يشهدها العراق وتشهدها المنطقة.
عزيزي القارئ والمتابع الكريم، بين يديك ملف يتضمن آراء لمجموعة باحثين وخبراء مختصين – (24) باحثا – من دول وجامعات عدة استطلعهم موقع (http://musingsoniraq.blogspot.com) حول الموضوع.
ترجمة : د. حسين أحمد السرحان
يخوض العراق في الوقت الحاضر حربا طويلة مع التمرد النشيط والمتصاعد. ومع استمرار العنف توترت العلاقات بين المكونات العراقية، فعلى سبيل المثال، هناك حديث عن إقامة جمهورية سومر في جنوب العراق، كما أن الخطاب الإعلامي تحول في مضمونه من كون العراقيين ككل ضد تنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”) إلى مضمون آخر مفاده هو أن الشيعة ضد المتشددين وأنصارهم. بعد سقوط الموصل في 11 / حزيران / 2014، برز حديث في إقليم كردستان عن اجراء الاستفتاء حول استقلال الإقليم مع إنه خفت منذ ذلك الحين. هذا التوتر في العلاقات بين المكونات لم يكن واضحا في مدياته بهذه البساطة إلا أن أكثر الناس في الوقت الحاضر لهم اطلاع على الانترنت، كما أن هناك تغييرا حقيقيا في الرأي العام العراقي.
ولمناقشة هذا الموضوع معنا مجموعة موقرة من المراقبين والخبراء في مؤسسات مختلفة، ساهموا بأفكارهم حول ما إذا كانت البلاد ستستمر بالاتجاه نحو الأزمة والتقسيم أم ستبقى موحدة.
1- أحمد علي (Ahmed Ali): كبير المحللين ورئيس الفريق العراقي في معهد دراسة الحرب (Institute for the Study of War ) / الولايات المتحدة الأمريكية.
سيبقى العراق موحدا، وتدرك كل المكونات العراقية المختلفة أن المحافظة على وحدة العراق سيكون لفائدتها جميعاً. هذا الإدراك لا يستند إلى عاطفة، فالبلاد مترابطة سوية عبر الثروة النفطية ووجود عدو مشترك وهو تنظيم “داعش” الإرهابي. وتهديد هذا التنظيم الإرهابي هو الأخطر الذي شهده العراق في مرحلة ما بعد نظام صدام. يهدف تنظيم “داعش” إلى تفكيك البلاد. العراق الموحد هو وصفة مهمة لهزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي والمحافظة على الاستقرار المحلي والإقليمي. والعكس بالعكس، تقسيم العراق هو التهديد الأمني الذي سيعزز الذهاب باتجاه الحرب الأهلية ويجعل البلاد أكثر دموية. وعلى بغداد أن تقاوم سيناريو التقسيم بتعزيز الحكم المحلي. فالعراق تجاوز عواصف شديدة طوال (93) سنة وحدوده أكثر من كونها خط في الرمال. لا توجد اليوم قوة استعمارية في الشرق الأوسط تفرض حدود جديدة. في النهاية سيقرر العراقيون مصير بلادهم.
2- د. ليام أندرسون (Dr. Liam Anderson): برفسور في العلوم السياسية في جامعة ولاية رايت (Wright State University) /الولايات المتحدة الأمريكية.
بداية، لا يمكن إنكار أن الوضع الحالي في العراق قاتم، واحتلال تنظيم “داعش” الإرهابي لمساحات واسعة في شمال وغرب العراق أثبت وجود ضعف أساسي فيه كدولة وكأمة. ومن وجهة نظري، إن البلاد تسير نحو تفكك وشيك، إلا أنه بعيد المنال. ما يسمى بمشروع جمهورية “سومر”، الذي يهدف إلى انفصال الأراضي التي يسيطر عليها الشيعة لم يبدأ بعد. والتأييد لهذا المشروع موجود بين السكان المتضررين في مناطق الشيعة. ويبدو غير قابل للتصديق، أن انفصال شيعة العراق سيعيد رسم الحدود الدولية، وعليه سيتطلب ذلك الاعتراف الدولي. وبصرف النظر عن إيران نفسها، ليس من مصلحة أحد أن يتشكل إقليم غني بالنفط جديد مجاور لإيران، ومصير بغداد والنسبة الكبيرة من السنة فيها ما يزال حجر عثرة أمام تحقيق ذلك. إما أن تكون بغداد من ضمن جمهورية سومر الجديدة، وهذا سيخلق تمردا يكون مدعوما من قبل القوى السنية في المنطقة، أو يستثني بغداد منها، وفي هذه الحالة يترك السكان الشيعة والإمامان العسكريان في سامراء تحت رحمة تشكيل الدولة السنية التي ستنشأ فيما تبقى من العراق. باختصار، سيكون السكان الشيعة في العراق أسوأ حالا بكثير في مرحلة بعد الانفصال من قبلها، وهذا هو السبب في أن ذلك لن يحصل.
في الطرف المقابل من البلاد، ينبغي أن لا يؤخذ خطاب رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني في تموز / 2014، حول استفتاء إقليم كردستان على محمل الجد. حتى لو حصل التصويت – وهو أمر مشكوك فيه – فإن أي إعلان رسمي للاستقلال سيلاقي معارضة من قبل الدول الإقليمية والدولية وبشكل أساس الولايات المتحدة الأمريكية. كما أن التقدم السريع لتنظيم “داعش” الإرهابي داخل الأراضي المسيطر عليها من قبل القوات الكردية يُضعف القوة العسكرية للدولة الكردية في المستقبل، في الوقت الذي ما يزال الإقليم يعتمد في نفقاته على بغداد بشكل كبير لتمويل نشاطاته للحفاظ على الوضع السياسي الراهن في المنطقة، وتدرك جميع القيادات الكردية أن الانفصال غير صحيح في ظل الظروف الحالية. ويجب العمل على تقليل المشاكل التي يواجهها العراق في المستقبل المنظور. مع ذلك، فإن الحدث الأبرز في هذا السياق لعام 2014، ليس ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي وتنامي قوتها، بل إزاحة المالكي من السلطة. ومثل كل الجماعات التي على شاكلة تنظيم “داعش” الإرهابي، فإن الأخير سينتهي عاجلاً أم آجلاً، وأكثر ما يهم العراق هو نوعية القيادة السياسية التي ستتشكل في أعقاب ذلك.
وخلال مدة وجيزة قضاها في الحكم كرئيس لمجلس الوزراء، عمل حيدر العبادي على تطهير الجيش من العناصر الغير كفوءة وأذناب وأتباع المالكي، وفكك القوة الأمنية الخاصة بالمالكي، وثبت وزيري الداخلية والدفاع في مناصبهم (ولم يكون هو الوزير في الوزارتين وكالةً)، واتفق مع إقليم كردستان حول صادرات النفط. نعم هذه خطوات صغيرة ربما، لكن أي شيء يساعد على تبدد المناخ السلبي والأجواء المتوترة التي كانت محيطة بالعلاقات السياسية، سيمكّن من بقاء العراق موحدا.
3- دكتور اماتيزا بارام (Dr. Amatzia Baram): برفسور في قسم التاريخ في الشرق الأوسط، ومدير مركز دراسات العراق في جامعة حيفا / إسرائيل.
هل يستطيع العراق أن يبقى متماسكا ؟. أي إجابة لهذا السؤال تحتاج إلى مناقشة دقيقة لمناهج كل من السنة والأكراد والشيعة.
بالنسبة إلى الأكراد: ربما التقييم أسهل فيما يخص الأكراد. ويرى المتابع لاحتلال الموصل وأغلب مناطق وسط وشمال العراق من قبل تنظيم “داعش” الإرهابي، أن لدى الأكراد فرصة ذهبية لإعلان الاستقلال، فقد وصلت علاقاتهم مع بغداد إلى طريق مسدود مع توقف إرسال الأموال إلى الإقليم من قبل بغداد آنذاك؛ ولهذا أعلن رئيس الإقليم مسعود برزاني أن الاستفتاء حول الاستقلال سيجرى قريبا. على أي حال، عندما جعل الائتلاف (الولايات المتحدة، إيران، شيعة العراق) رئيس الوزراء نوري المالكي خارج السلطة واستبدله بسياسي شيعي جديد، فقد بدء الأكراد إعادة التفكير. كما أن اتفاق النفط والعوائد النفطية بين بغداد وأربيل في بداية كانون الأول / 2014، كان سببا كافيا لأن يضع الأكراد ملف الاستقلال على الرف، أو ربما كان الغرض من الاستقلال هو الضغط على بغداد لتبدي مرونة أكثر في التعامل مع الإقليم.
بالنسبة للأكراد، فإن الاعتماد على ضعف بغداد مهم أكثر من الاعتماد على قوة النوايا الحسنة لأنقرة. وبهذه الطريقة يمكن أن يضمن كل من دعم بغداد المالي من جهة، والأعمال التجارية لأنقرة والنية السياسية الحسنة من جهة أخرى. ويبقى الاستقلال بالتأكيد هو الحلم الكردي، لكن المآسي والصعوبات المرتبطة به تجعل الأكراد أن يكونوا براغماتيين (نفعيين) ويحسبوا مستقبلهم بحذر، وأن لا يعتمدوا كثيرا على العاطفة والآيديولوجيا. وإذا قاد السوء إلى الأسوء، فهم مازالوا قادرين على إعلان الاستقلال. إذا استمرت سيطرة الأكراد على كركوك – مثلما يفعلون ذلك الآن – سيحصلون على عوائد نفطية مرتفعة، كما أن خط الأنابيب الذي يمر عبر تركيا شغال. وعلى أي حال، ليس لدى الأكراد قدرة للوصول إلى البحار، فهم يحتاجون إلى حليف لتحقيق هذا الهدف. وعليه، فإن حلم الدولة الكردية الكبيرة التي ستصل إلى البحر المتوسط عبر تركيا سيتحقق قريباً، ولكن إذا أعلنت بغداد معارضتها لذلك فمن غير المحتمل أن يعلن الأكراد الاستقلال التام.
أما بالنسبة إلى المكون السني: فليس لهم جبهة سياسية موحدة ولا منطقة واحدة. ولكن إذا استطعت أن ألخّص مطالب كل الجماعات والفئات السنية عمليا، فإنها تتلخص في الرغبة في إقامة الإقليم السني، الذي يشمل الأنبار وصلاح الدين ونينوى أو أي محافظة فيها وجود لهم. هذا الإقليم سيكون له نفس السلطات المستقلة والامتيازات في إقليم كردستان. وبشكل أكثر تحديداً، يعني ذلك أن الإقليم أو الأقاليم لا تستلم حصص متساوية من عائدات النفط فقط ،بل تستلم حصص في الحرس الوطني المحلي أيضا، والذي سيُجهز ويُمول من قبل بغداد ولكن قيادته ستكون قيادة سياسية محلية. ولا يمكن السماح للجيش الاتحادي لدولة العراق بالدخول إلى الإقليم إلا بدعوة من القيادة السياسية للإقليم. كذلك هناك مطالب سنية عدة للقضاء على القوات الشعبية الشيعية. كما يطالب المكون السني – مع إنه غير عملي – بعدم السماح نهائياً للقوات الشيعية أن تعمل في المناطق ذات الأغلبية السنية، فضلاً عن أن كل الجماعات السنية تطلب إنهاء العمل بقانون اجتثاث البعثأو المساءلة والعدالة لضمان مشاركة متساوية في الوظائف الحكومية في المركز. كما يطالبون بإصدار عفو عن السجناء الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء.
مع ذلك، فإن أفراد المليشيات الشيعية الذين قتلوا السنة لم يُعتقلوا أبدا وما زالوا أحرارا. إذا قبلت بغداد هذه المطالب أو قبلت الأكثر أهمية منها، ستكون فرصة معقولة لأن يحبذ أغلب السنة البقاء ضمن عراق موحد فيدرالي. وهناك سببين لذلك، الأول وهو الأهم: ضخامة العوائد النفطية لمناطق البصرة والعمارة ومناطق الجنوب عموما التي تمثل مصدرا قويا للنشاط الاقتصادي، وبُعد الأقاليم السنية عن خارطة احتياطيات النفط والغاز في البلاد. ثانياً: السنّة مثل الأكراد، لا يمكنهم الوصول مباشرة إلى البحار الكبيرة. فهم يتوقعون تعاونا من الأردن لكن بثمن. كما أن الوصول إلى الموانئ السورية سيكون صعبا جدا ومكلفا على المدى الطويل. هذه الحالة تؤشر أن أغلب السنة ما زالوا يحلمون بالمركزية (عراق موحد تحت هيمنتهم)، لكنهم يدركون تماما أن ذلك مستحيل.
أما بالنسبة للشيعة: يرغبأغلبهم البقاء كجزء من العراق الكبير. ويرون أنفسهم كعراقيين وعرب، وهذا الانتماء ليس أقل من انتمائهم كشيعة. العراق الشيعي الصغير – أو كما اقترح البعض تسميته بـ ” جمهورية سومر “، التي تمتد من البصرة إلى بغداد – ستعتمد بشكل كبير على طهران في مواجهة العالم العربي السني. غالبية العراقيين ليسوا أنصارا لإيران، و سيترددون- مثلما حدث منذ حزيران / 2014 – بطلب الحماية الإيرانية عندما يضطرون لذلك. على أي حال، يمكن أن يقبل الشيعة تقسيم بلادهم بسهولة جداً. هذا هو الحال؛ لأن لديهم احتياطيات نفطية كبيرة، ولديهم خطوط الأنابيب الضرورية (واللازمة) للوصول إلى الخليج. فضلا عن ذلك، في العراق الفيدرالي – إذا تحقق ذلك – الاجزاء الغنية بإنتاج النفط ( الناصرية، البصرة، العمارة، والكوت ) ربما تقرر تشكيل منطقة خاصة بهم تعزيزا لمصالحهم. وسيطلبون الحقوق ذاتها التي يطالب بها الأكراد لتوفير الخدمات والبنية التحتية. في الوقت الحاضر، وعلى الرغم من العوائد الضخمة (حوالي 100 بليون دولار في 2013)، إلا أن هذه الأقاليم مهملة من قبل الحكومة الاتحادية، والبنية التحتية فيها مُهملة، والسكان في وضع صعب جداً.
الاستنتاج: لوجود الاستياء المشترك والنقص في الثقة بين المكونات الاثنية والدينية الثلاث؛ فإن فرص بقاء العراق اتحاديا قليلة جدا، وفقا لما ذكرنا في أعلاه. ومع ذلك، يبدو أن هذا سيكون الحل الأمثل، وأن مثل هذا الحل ما يزال ممكناً. إذا القوات العسكرية العراقية مع الدعم الأمريكي والإيراني ستستعيد السيطرة على الموصل والأنبار بدون التوصل إلى اتفاق بين السنة والشيعة سيكون هذا التحرير بمثابة الاحتلال، كما سيضمن وضع أزمة طويلة الأمد ويُزيد تفكك الواقع الحالي للعراق أكثر مما هو عليه الوضع الآن، مع سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي على أغلب المناطق السُنية.
4- كمال كوماني (Kamal Chomani): صحفي ومؤسس مشارك لمؤسسة السياسة الكردية (the Kurdish Policy Foundation) / إقليم كردستان العراق / جمهورية العراق.
منذ تأسيسها، لم تكن جمهورية العراق قادرة على أن تكون لكل العراقيين على أساس المواطنة والمساواة في الحقوق، وهذا سبب نجاة العراق من الانفصال في مراحل مختلفة. ورغم أننا (أي الأكراد) أول مكون في العراق سعى إلى الاستقلال، فإن الآخرين فكروا بذلك خصوصاً بعد عام 2003، وأدرك الكرد – من وقت قريب – أن الحكومة المركزية القوية التي اعتمدت على القومية العربية ستكون دائما على حساب الآخرين . ويدرك الشيعة أيضا ذلك، لكنهم يفكرون بالفوز بالنظام مثلما فعلوا ذلك بعد عام 2003، بعد أن حصل معهم من قمع مستمر من قبل نظام صدام حسين. وحتى وإن حصلوا على الحكومة المركزية، إلا أنهم يدركون أن شكواهم ومعاناهم لم تنته. كما وأدرك السُنة أيضا عدم إمكانية الاستمرار في حكومة يهيمن عليها الشيعة، وبذلك أصبح الحديث عن الانفصال بين كل العراقيين. الشيعة، والأكراد، والسنة، جميعهم شهدوا نوعا من الاستقلال، ولكن لم يتم معالجة مشاكلهم. بالتأكيد، أكثر من (90%) من الأكراد يريدون الاستقلال، والسنة يفضلون الاستقلال في دولة (سنيستان) بدلاً من حكومة عدوانية يسيطر عليها الشيعة، والشيعة من الجنوب أيضاً يفكرون بأن مواردهم وسياساتهم الحكومية ستجعلهم إقليما مزدهرا إذا ذهبوا باتجاه الاستقلال، لكن هل هذا حل لمشكلة العراق؟. بالتأكيد لا، وأنا لا أعتقد أن هذا سيحدث في المستقبل القريب.
إبقاء العراق موحداً لم يكن من اختيار العراقيين وقرارهم، ولكنه بالأحرى كان مشروعا دوليا لأن يبقى هذا البلد موحداً، خصوصا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. فإذا تقسم العراق، ستفقد الولايات المتحدة اليد العليا في المنطقة، حيث سيختار الأكراد تركيا وإيران، وسيكونون تحت تهديدهما. وبالتأكيد ستصبح دولة (شيعستان) دمية بيد إيران، وستبقى دولة (سنيستان) عالقة بهذه السياسات، ولن تولي الولايات المتحدة أهمية كبيرة بـدولة (سنيستان)؛ كون المنطقة السنية ليست غنية بالنفط.
أنا أعتقد، أن كلا من التقسيم، والحفاظ على النظام الحالي، لا يخدمان العراق في هذه اللحظة. العراق يجب أن يبقى عمليا لا مركزيا، واحتواء حلم تقسيم العراق، يكون عبر السماح للنظام الاتحادي والعراقيين معا لوضع نهاية لمعاناتهم. ثلاثة أقاليم أو حتى أكثر في عراق فيدرالي لامركزي سيكون هو الحل لأن يبقى العراق موحداً، وإذا لم يحدث ذلك، فإن حلم الاستقلال سيستمر، وفي النهاية سيقسم العراق.
وعلى العموم، الإصلاحات، المصالحة، اللامركزية، الديمقراطية، ستجلب خدمات عامة أفضل. كما أن الاستقرار والمساواة هي أسباب بقاء العراق موحداً. وإذا لم يحصلذلك، سيذهب الأكراد إلى الاستقلال، وسيقود استقلالهم الحتمي إلى استقلال السُنة والشيعة كذلك.
5- دكتور أريك ديفس (Eric Davis): بروفسور في العلوم السياسية في جامعة روتجرز (Rutgers University) / نيو جيرسي / الولايات المتحدة الامريكية.
إن احتمال تقسيم العراق على أسس عرقية وطائفية بعيد. ومع أن الإعلام يروج لفكرة التقسيم – منشورات ومؤتمرات – إلا أنه ليس هناك محفزات أو مقومات من شأنها أن تؤدي إلى أن يختار أغلب العراقيين تقسيم بلدهم.
الأكراد لوحوا دائما بأن الاحتمال الأكثر هو الانفصال والاستقلال. على أي حال هناك – على الأقل – ثلاثة أسباب لعدم حدوث ذلك، الأول: هناك أموال كثيرة ستفقدها قيادات حكومة إقليم كردستان من النفط إذا انفصل الأكراد، خصوصاً في ظل الاتفاق النفطي الأخير مع بغداد (ودعونا لا ننسى شراكة صدام – مسعود، وتهريب النفط أثناء نظام عقوبات الأمم المتحدة خلال عقد التسعينات من القرن الماضي). وبينما يسعى عدد كبير من الأكراد إلى دولة مستقلة، فإن القيادة الكردية لن تسمح لذلك أن يحدث. الثاني: الأكراد في المناطق غير الساحلية لا يريدون الانفصال عن العراق ليجدوا نفسهم رهينة لنظام حزب العدالة والتنمية السلطوي الاستبدادي وغير الموثوق به في أنقرة. الثالث: أثبتت أزمة تنظيم “داعش” الإرهابي الضعف العسكري للأكراد، وستكون الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أقل استعدادا لتقديم المساعدات – خلافا للرغبات الغربية – إذا أعلن الأكراد استقلالهم.
المواجهة الإقليمية القوية للشيعة، الطبقة الاجتماعية، الانقسامات الآيديولوجية، جميعها تجعل البصريين والشيعة في الجنوب البعيد غاضبين من الطريقة التي استغلت فيها حكومة نوري المالكي ثروتهم النفطية، وفشلت في تقديم الخدمات لهم، وأفشلت محاولة إقامة إقليم سياسي شبه مستقل مثل إقليم كردستان. مع (60 %) من الثروة النفطية في الجنوب، الشيعة هناك لا يثقون بالشيعة في المدن المقدسة في وسط العراق أو في بغداد لحماية ورعاية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية. هناك طبقة اجتماعية مستفيدة بين الشيعة الفقراء، متمثلة بجماعة التيار الصدري، والمليشيات مثل عصائب أهل الحق، والأحزاب الشيعية مثل حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى الإسلامي العراقي. ولأن التقسيم يقود إلى تقليص قوة الشيعة، فسيعارض الصدريون ذلك بشدة. فالتيار الصدري – وإدراكاً لقوته التي تقلصت – يعارض بشدة تقسيم العراق. وآية الله علي السيستاني والمرجعية يناضلون في معركة بقاء أو موت مع إيران (روح التشيع)، لمنع فكرة تحويل التشيع إلى آيديولوجية سياسية، والتي إذا حصلت ستمنح إيران مزيدا من القوة في العراق. وأخيراً، كل من العلمانيين والمتدينين الشيعة يرون بأن تشكيل دولة (شيعستان) ستكون أكثر عرضة لهجمات الوهابية في المملكة العربية السعودية والخليج العربي وجميع أنحاء العالم العربي.
ويرفض أغلب السنة تقسيم العراق لأنهم يرون أنفسهم مدافعين عن وحدة البلاد. المجتمع السني تكتنفه الانقسامات الداخلية وقياداته تدرك بأن دولة (سنيستان) ستكون سببا للصراع وعدم الاستقرار المستمر. هناك انقسامات قبلية وإقليمية في الطبقة الاجتماعية فضلا عن الانقسامات الآيديولوجية الحادة بين السُنة، إذ مازال بعض السنة متعلقين في الدفاع عن نظام حزب البعث، بينما انضم الآخرون إلى المجموعات المتطرفة مثل تنظيم “الدولة الإسلامية”. ويعود العنف في المجتمع السني – في جزء كبير منه – إلى هذه الاختلافات السياسية والآيديولوجية الأساسية. ومع النتائج الكارثية لحكم تنظيم “داعش” الإرهابي، أصبحت هذه الاختلافات أكثر وضوحا يوما بعد يوم، فهناك رغبة قليلة بين السنة لرؤية العراق مقسما.
يواجه العراق مشاكل هائلة لتأكيد وجوده،. مع ذلك، أنا أتكهن بأن ذلك تشويش. بالمختصر، أنا أعتقد بأن العراق سيبقى موحدا (وأراهن على وحدة العراق).
6- ستيف دونلي (Steve Donnelly): عضو مؤسس لفريق إعادة إعمار محافظة صلاح الدين، وعمل في وزارة الخارجية الأمريكية.
في كانون الثاني 2008، توغلت قافلتنا إلى داخل مقر محافظة تكريت. وعندما أبطأنا المسير سجلت ملاحظة على عائلة أرسلت أطفالها الثلاث إلى مدرسة مجاورة. توجهت إلى اثنين منهم لأرى الأصغر، وجميعهم يرتدون ملابس متهالكة نتيجة الحرب لكنها نظيفة. فكرت كيف يكون هذا المشهد “طبيعيا جدا” في جميع أنحاء العالم، وكيف تقاتل العائلات – بعد كل كارثة – بيأس لإعادة تأسيس حياتهم الطبيعية اليومية؟. مع ذلك – وكأحداث تجري خارج العراق – هناك فجوتان عميقتان في جهودنا، الأولى: لا توجد عملية مصالحة تقود إلى منافسة عملية في المستقبل، وكذلك إشراك للمجتمع المحلي. الثانية: إن القوات العسكرية الأمريكية مستعدة للعمل مع “القيادات”، بينما وزارة الخارجية عملت مع “المسؤولين”، لكن ماذا يحدث عندما لا يستطيع القادة والمسؤولون – بعد المصالحة – تحرير المجتمع ؟. الجواب، هو ما لاحظناه في العراق في السنوات العديدة الماضية.
7- دكتور جون فرانزين (Johan Franzen): محاضر أقدم في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة أيست أنجليا (University of East Anglia) / المملكة المتحدة.
إذا ركزنا على الإعلام سيتضح بأن العراق على وشك التقسيم. الأكراد اليوم أكثر قوة بالازدهار الذي حققوه، بينما في الجنوب أصبح الحديث حول مستقبل جمهورية “سومر” أكثر ثقةً. في نفس الوقت، تعصب تنظيم “الدولة الإسلامية” يشهد تراجعا، لكن علاقاته مستقرة ومستمرة مع العديد من القبائل السنية العراقية. مع استثناء عامل “داعش”، فإن الوضع الحالي مختلف قليلاً عن الوضع السابق عندما كان موضوع التقسيم محل اهتمام، وفي الأقل على الورق. لكن البعد الآيديولوجي لاحقا، هو أن تنظيم “داعش” جاء بمعادلة تجعل المشكلة أكثر تعقيداً وخطراً. في مناسبات سابقة، كنت أعتقد أن الانفصال كان مستبعدا جدا؛ لأن القوى التي تفضل التماسك أكثر هيمنة. إلا أنه في هذا الوقت، أنا لست متأكدا تماماً. على الرغم من ذلك، أنا ما زلت أعتقد بأن تقسيم العراق في المستقبل القريب مستبعد جداً، وأعتقد أن القضية في النهاية ستعتمد على نجاح تنظيم “داعش” في بناء مشروع الدولة.
وبينما يبدو ذلك ضربا من الخيال في هذا الوقت، فإن التفكير بأن إرهاب تنظيم “داعش” سيكون قادرا على بناء شيء دائم ومستقر يحصل على الاعتراف الدولي مستبعد جدا. إذا أدرك أي فرد كيف نشأت السعودية في عقد العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، يبدو مشابهتقريبا لما تحاول فِعْله “داعش” اليوم. فالحركة المسلحة المتطرفة التي تقودها الآيديولوجية المتعصبة تحالفت مع القبائل السنية المهمة لتعزيز قوتها. اليوم، ومع أن القوة العظمى – بريطانيا – يمكن أن تقبل في نهاية المطاف بما يجري وتقبل بالأمر الواقع، إلا أن هناك توقفا مؤكدا لدعم مشروع تنظيم “داعش”، فضلا على أنه من المؤكد أن السعودية وقطر ودول الخليج الأخرى جنبا إلى جنب مع تركيا لا تنوي إنشاء دولة سنية ملهمة إسلامياً في غرب العراق وشرق سوريا، والتي إذا تشكلت فإن العناصر المحافظة والقبلية ستكتسب اليد العليا في تطرف تنظيم “داعش” المتهور، والذي قد يتحول إلى كيان منافس داخل دولة إقليمية هي الأكثر إسلاما. وأنا متأكد أن النخبة السعودية تتجنب ذلك.
مفتاح المستقبل – بدون شك – سيكون بأيدي الولايات المتحدة الأمريكية. فالسياسة الأمريكية اتجاه تنظيم “داعش” واضحة، وتحولت من الدعم الحذر في سوريا – بهدف إسقاط نظام بشار الأسد – إلى اضطرارهم على مضض لإعلان تنظيم “داعش” كعدو. إن بدء حملة التحالف الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية بالقصف الجوي، خلال الأشهر القليلة الماضية – والمستمرة إلى الآن – يؤكد بأن الالتزام الأمريكي بقتال تنظيم “داعش” الإرهابي غير فاتر وغير ضعيف في أحسن الأحوال. ربما يكون التقسيم المستقبلي (المستبعد جدا) جيدا، حيث يُعلن استقلال “جمهورية سومر”، وتتعهد بالولاء لإيران، فضلا عن أن الأكراد يعملون الشيء ذاته، ولكن يتخوفون من الغزو التركي المحتمل، كما أن الأمريكيين وحليفتهم الرئيسة (السعودية)، سيدركون أن وجود الدولة السنية في غرب العراق وشرق سوريا رصيد مهم لهم.
هذه كلها مجرد تكهنات. أنا أعتقد أن تنظيم “داعش” هُزِم عسكرياً من قبل القوات العراقية المشتركة، والجيش السوري، والبيشمركة الكردية، والاستخبارات الإيرانية، ومساهمين آخرين، فضلاً عن القصف الأمريكي والخليجي. المشكلة الأساسية للحكومة العراقية – التي لا تمثل الشعب ككل – أنها تحابي السكان الشيعة بدون خجل، وما تزال الحكومة في صميم المشكلة.
8- فنار حداد (Fanar Haddad)، باحث مشارك في معهد الشرق الأوسط / الجامعة الوطنية في سنغافورة National University of Singapore
المرة الأولى التي أُخذ فيها الحديث عن تفكك العراق على محمل الجد كانت في العام 2014، وإقليم كردستان كان دائما يعد موضوعا آخر.وما هو جدير بالملاحظة،كيف تضاءلت أساطير الوطنية العراقية بين العراقيين العرب، إذ كان الحديث عن المناطق فيدرالية من المحرمات، أما اليوم، فلدينا أناس تناقش علنا موضوعة التقسيم وترفض علناً الدولة الوطنية العراقية (على سبيل المثال مبادرة جمهورية سومر الحرة)، وهذا يمثل خطا أحمر على الجانب النفسي. ويقر العراقيون عموما بعدم إمكانية تخطي هذا الخط الأحمر، وهذا ما يجعل التحولات الأخيرة في الحديث عن العراق والوطنية العراقية ملحوظة، إلا أن ذلك لا يعني القول بأن تقسيم العراق في هذه اللحظة لا مفر منه أو حتى ممكن تحقيقه حتى إذا كان العراق يتجه للتقسيم. هناك العديد من العقبات المحلية والإقليمية والدولية، وعلى كل جزء يريد الانفصال أن يعمل على تجاوزها قبل تحقيق الاستقلال (فضلاً عن قضية الثروة). شخصيا ما زلت أعتقد أن دولة كردية في نهاية المطاف ستكون موجودة، مع بقاء وجهات النظر ضد تقسيم العراق العربي. لكنني أعتقد – بعد (11) سنة من التردي الأمني – أن عام 2014، قد يكون القشة التي قصمت ظهر القومية العراقية. أما العراق العربي، سيقاوم التقسيم ولكن ليس لإيمان العراقيين بقدسية العراق أو أسطورة العراق كما كان الحال بالماضي فحسب، بل أيضا بسبب المصلحة الذاتية ونقص البدائل الواضحة.
والتقسيم وصفة لمستقبل غير سعيد. واحد من العوامل الأكثر أهمية لجدوى وجود دولة قومية، هو أيمان الناس بها. وأنا أعتقد أنها تآكلت بشكل خطير في العراق العربي. وهل سيكون ذلك شيئا عابرا أم دائميا ؟. هذا سيعتمد على إمكانية الطبقات السياسية في العراق على إيجاد بدائل من عدمها، والتي ستكون في النهاية قادرة على بناء وظيفة الدولة العراقية، والتي من شأنها أن تخلق قبولا لها، وتُعد مشروعة من قبل شريحة واسعة من العراقيين. بدون تغييرات كبيرة في السياسة العراقية، وتطورات مهمة في بناء الدولة العراقية، وبدون حل القضايا طويلة الأمد في المنطقة، فلن يكون هناك تباطؤ في تحول الهويات الطائفية العراقية فيما بعد إلى شيء أقرب إلى السباق الاثني أو سباق على ماهو أبعد من الأمة العراقية. وإذا كانت هذه العملية قد بدأت بالفعل أم لا، فهي مسألة مفتوحة للنقاش.
9- سرهانك حاماسيد (Sarhang Hamasaeed)، من كبار مسؤولي شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في معهد الولايات المتحدة للسلامThe United States Institute of Peace
أدى تطور الأحداث في العراق على مدى العامين الماضيين إلى أن تكون قضية وحدة العراق موضع نقاش حتى من قبل المؤمنين به (العرب السُنة). في الأشهر القليلة الماضية، التهديد الوجودي الذي شكله ما يُعرف بتنظيم (الدولة الإسلامية “داعش”) للمكونات العراقية كافة، قاد إلى اتفاقات ممانعة وتحدٍ لهذا التهديد، وقاد أيضا إلى تعاون بين الأحزاب السياسية العراقية والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وأصبح الفاعلون الدوليون والإقليميون سويا ضمن التحالف المهزوز لقتال تنظيم “داعش” ودعم العراق ودفع نخبهِ السياسية نحو التعاون.
الأداء الإيجابي للحكومة الجديدة بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي داخل وخارج العراق، والاتفاق الأخير بين بغداد وأربيل، وتعاون القوات الأمنية العراقية وقوات البيشمركة، كلها مؤشرات إيجابية، ولكن حصلت تحت الضغط الدولي والإقليمي الشديدين. ومن المبكر جدا أن نعد أيا منها على أنها انفراج سياسي. في أفضل سيناريو، ربما يبقى العراق محافظا على وضعه مع نفس حدوده الخارجية، ولكن على ما يبدو أن داخل العراق مختلف تماما، وما يزال يتغير، إلا أن الجبهات المشتركة ضد تنظيم “داعش” تعطينا بعض الأمل.
ومن نظرة فاحصة على تجذر عدم الثقة بين الكتل السياسية، والتشكيلات العسكرية المتنافسة، ونزوح نحو مليوني فرد لمدة طويلة، وزيادة آفاق التغييرات الديموغرافية، وآفاق الانتقام في سيناريوهات مرحلة ما بعد “داعش”، جميعها تقود إلى أن بقاء العراق موحدا في المستقبل صعب جدا. إن الشرخ الذي حدث بين المكونات (الطوائف) العراقية حقيقية، وبطء التقدم على الأرض ضد تنظيم “داعش” يُبعدان التركيز عن القضايا الرئيسة التي حصلت في العراق في الوقت الحاضر، وطبيعة المشكلة ستأخذ مستوى عالٍ من النفعية (البراغماتية) بين القادة العراقيين.
10- حيدر حمودي (Haider Hamoudi)، أستاذ مشارك في القانون في جامعة بيتسبرغ / كلية القانون (The University of Pittsburgh / School of Law) / الولايات المتحدة الأمريكية.
التنبؤ السابق بزوال العراق، غير دقيق. وأنا أثق به سيبقى دولة موحدة رغم أنه حالياً بعيد عن المركزية التي حصلت مؤخراً. التحدي الأكثر وضوحا سيكون الحفاظ على كردستان داخل حدود الأمة العراقية – ومثلما علمتنا الأشهر الماضية – أن الاستقلال الكردي ليس بقريب. هناك بالطبع حقيقة مفادها، أن البيشمركة غير قادرة على الدفاع عن أربيل ضد تنظيم “داعش” بدون الدعم الجوي الأمريكي، والولايات المتحدة لن تدعم الاستقلال الكردي. على أي حال، الشيء المهم الآخر هو أن الجهود الكردية لتصدير النفط رغم معارضة بغداد صعبة جدا إلى حد كونها غير مجدية تقريباً.
ليس صعب الفهم لماذا أرسلت حكومة إقليم كردستان ناقلات النفط إلى خليج المكسيك، ومن ثم تسعى حكومة العراق لاستحصال أمر قضائي لمنع بيع ذلك النفط كونه يخص البلد ككل وهو ثروة للعراق. ثم إن المشكلة التي تواجه كردستان أكثر عمقا من التفسير المفترض على أنه (صحيح ) للمواد الدستورية غير الواضحة حول استغلال النفط والغاز. المشكلة هي أن المهمة صعبة بالنسبة للأكراد ليكونوا قادرين على تمويل أنفسهم من مبيعات النفط دون موافقة بغداد. تبقى كردستان – كما هي لبعض الوقت – تعوّل على حصتها (17%) من عوائد النفط لتمويل نفسها، ولا أرى وجودا لمؤشرٍ بأن التغيير سيحصل قريبا وفي الأمد المتوسط.
وأود أن أشير إلى أنني أرفض بصورة قاطعة أي تصور لوجود دولة سُنية مستقلة، على الأقل حتى يتم التأكد بأن تنظيمها وإدارتها لن يكون من قبل جماعات آيديولوجية متطرفة معادية للولايات المتحدة الأمريكية. وسيكون للغرب كله ولع واهتمام بالأمن القومي لوضع نهاية لتلك الدولة (الدولة السُنية). أخيراً، أنا أعتقد أنه ليس من المستحيل أو الغريب لدولة منقسمة على نفسها بشدة مثل العراق أن يغادر أغلبية سكانه (الشيعة) البلاد، مما يقلل من السيطرة الفعلية على الدولة والتي تمارسها الأغلبية (الشيعة) لصالح الجماعات الطائفية المتطرفة. ومع ذلك، يبدو مثل هكذا نتيجة مستبعدة تماماً.
11- فالح جبار ( Faleh Jabar )، مدير معهد الدراسات العراقية The Iraq Studies Institute ، بيروت / لبنان.
تكرر موضوع تقسيم العراق كثيراً. في ظل نظام صدام والحرب العراقية – الإيرانية، تصورت الدكتاتورية بأنها الضامن لوحدة العراق. وقد تم وضع تصورات لمرحة ما بعد الصراعات، على أن تلك الصراعات تنذر بتفكك العراق كدولة قومية، وهذه الفكرة أغفلت عاملين:
1- المجتمع العراقي غير مجزّء على امتداد مكوناته العرقية والطائفية، ولكن المكونات الدينية والاثنية منقسمه على نفسها، مما يجعلها غير قادرة ليس فقط على توفير القيادة للعراق، ولكن أيضا على توفير قيادة واحدة لكل مكون. وعلى أي حال، فإن ذلك معروف.
2- التقسيم، وبمعنى آخر، تشكيل حكومات جديدة غير الحكومة القديمة، يتطلب سيادة على الجانبين المحلي والدولي. هذا يعني خلق كيان وطني مبتكر، ولكن ذلك لا يعتمد على أرادة وموافقة قيادات المجتمع الساذجة فحسب بل أيضاً يعتمد على الاعتراف الدولي. وبصرف النظر عن الأكراد، لا توجد قوة سياسية في المحافظات ذات الأغلبية السُنية تفكر بتقسيم العراق. على المستوى الدولي، لا يوجد استعداد للاعتراف بدولة جديدة خارجة من عباءة العراق القديم.
هذان العاملان لا يعنيان بأن التقسيم لن يأخذ طريقه، فبدلاً من حرب الجميع ضد الجميع، والتي ستصل حتما إلى نقطة الدمار التام، فإنه يفتح النافذة لتسوية الخلافات، وهذا قد يستغرق عقدا من الزمن أو نحو ذلك. ويعني تسوية الخلافات الطائفية، أن كل الفئات لديها قبول للانخراط في الحكومة والمشاركة فيها. وفي الواقع، شاركت هذه الفئات في الحكومة والقوات العسكرية والمؤسسات الاقتصادية للدولة. ولأن العراق مخزن كبير لبيع النفط، فإن الانخراط في مؤسسات الدولة هو أيضا توزيع للموارد الاقتصادية التي تتركز في بعض المحافظات. وهنا، نجد أن الميل للتسويات المعتدلة والاتفاقات الأخرى موجودة في المجتمع العراقي بشكل عام، مثلما يفكر قليل من القادة العراقيين البارزين بذلك. نذكر هنا تعاون الصدر، البرزاني، علاوي، لعزل المالكي في عام 2012، وتقاربهم لمنع المالكي من الحصول على ولاية ثالثة. وأدرك أن المراقبين ركزوا على التقسيم والتفكك، لكني أحاول التركيز أيضا على الميول المضادة التي تنمو في كل مكان. وأخذت مبادرات عدة معادية للطائفية، تكتسب شعبية وتنمو ببطء وثبات.
12- سجاد جياد (Sajad Jiyad)، باحث مشارك وعضو في المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي / بغداد.
أنا أعتقد أنه في الأمد المتوسط ليس هناك شك بأن العراق سيبقى كما هو؛ بسبب الوضع الأمني الهش جدا، والذي لايشجع أي خطوات باتجاه الاستقلال لأي منطقة في العراق. قادة حكومة إقليم كردستان وقادة البصرة كلاهما يدفعان إلى مزيد من الحكم الذاتي لتخفيف ضغط مكوناتهم، لكني أعتقد أن حكومة كردستان فقط جادة في السعي للاستقلال في الأمد الطويل. لا أستطيع أن أرى كيف سيبقى العراق موحدا بدون إصلاحات جادة، والتحرك باتجاهات التطبيق الصحيح للفيدرالية. ليس هناك حافز حقيقي أو رغبة لدى الأقاليم الأخرى – بصرف النظر عن إقليم كردستان – للسعي إلى الاستقلال. والحديث عن “جمهورية سومر” غير واقعي ولن يحظى باهتمام كبير لا من السكان المحليين ولا من الحكومة المركزية، وينطبق الشيء نفسه بالنسبة للمحافظات الشمالية والغربية. لكن الحفاظ على الوحدة الإقليمية أسهل عبر تحقيق المصالحة وتلاحم المكونات المنقسمة. والقضية الحقيقية بالنسبة لي، هي ما إذا كانت الهوية العراقية ستبقى أو ستجبر مناطق الانقسام الطائفي على العيش تحت تسمية العراق.
13- دكتور عباس كاظم (Dr. Abbas Kadhim)، باحث أقدم في الشؤون السياسية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جون هوبكنز (Johns Hopkins University) / الولايات المتحدة الأمريكية.
أنا أعتقد بأن العراقيين يحتاجون إلى سؤال أنفسهم سؤالين مهمين حول مستقبلهم: هل يستطيعوا التعايش بدون نزاعات عنيفة والتي تقود إلى سفك الدماء ؟، و هل تستحق الوحدة الجغرافية خسارات الماضي والأخطار المستقبلية المحتملة ؟. إذا لم يستطع العراقيون الإجابة على كلا السؤالين بـ”نعم”، فيجب عليهم أن يأخذوا بعين الاهتمام ترتيبا جديدا. لا توجد خارطة – مهما كانت ثمينة – أكثر قيمة من حياة بشرية واحدة. في ضوء ما سُجّل في الماضي، والسنوات الأخيرة بالخصوص، فإن إجابتي على كلا السؤالين وبشكل مؤكد “لا”.
14- إبراهيم المراشي (Ibrahim al-Marashi)، أستاذ مشارك في تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ولاية كاليفورنيا، سان فرانسسكو / الولايات المتحدة الأمريكية.
اعتقادي بأن الدولة العراقية ستبقى على حالها ليس بسبب الحنين إلى الماضي أو أن شعب موطن الأجداد يمكنه التوحد على الرغم من الصراعات فحسب، بل أيضا بسبب آراء المحللين على السواء، والتي تتوقع هذا السيناريو بدون دراسة وتفحص الاحتمالات الأخرى. ويبدو أن هناك قضيتين منفصلتين تم الخلط بينهما في مناقشات موضوع تقسيم العراق فيما إذا كان العراق قد تهاوى بعد هجوم تنظيم “داعش” الإرهابي في حزيران / 2014 أم لا.
القضية الأولى ترتبط ببقاء العراق موحدا في ظل وجود تهديد “داعش” الذي كسر ظهر الدولة. وتتناول الثانية ما إذا كان العراقيون أنفسهم يريدون للأمة العراقية أن تبقى موحدة أم لا ؟. والسبب في فصل هاتين القضيتين، هو تكوين رؤى متميزة لتقييم مستقبل العراق في حالة بقائه موحدا مع إعلان تنظيم “داعش” دولته الخاصة. واجهت الحكومة في بغداد سيناريوهات مماثلة من قبل، فبعد حرب الخليج 1991 – حصلت انتفاضة في (15) محافظة عراقية لإسقاط نظام صدام حسين – كاد أن يتقسم العراق على أسس شيعية، وسنية، وكردية. استطاع صدام إعادة فرض سلطة بغداد خلال أشهر، وإن كانت تلك الحملة الأكثر وحشية لمكافحة التمرد في تاريخ الشرق الأوسط. كما أن الدولة الكردية على أرض الواقع موجودة في شمال العراق لأكثر من عقد من الزمن أعقبت تلك الانتفاضة، وتم حمايتها من خلال منطقة حظر الطيران، ولكن الدولة العراقية بقيت رسميا على حالها. هناك تاريخ طويل من بقاء الدول على الرغم من تشكيل دويلات ضمن حدودها ، سواء في المنطقة مثل إيران – التي كانت قادرة على سحق ولايتين أقتطعِت من قبل السوفيت في أذربيجان الإيرانية وكردستان – أم خارج المنطقة مثل قتال كولومبيا ضد القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (FARC) Revolutionary Armed Forces of Colombia.
القضية الثانية: هي ما إذا كان الشعب العراقي سينقسم وكل طرف يسعى لإقامة دولة خاصة به داخل حدود الدولة العراقية أم لا. في هذه الحالة، لم يُركّز النقاش على قضية السعي للاستقلال (مثلما سعى الأكراد خلال صيف عام 2013) أو حالة تفويض سلطات الحكومة المركزية إلى الحكومات المحلية. ويمكن النظر إلى الاتفاق النفطي بين بغداد وحكومة إقليم كردستان مؤخراً كمثال للتفويض الناجح، ويشجع كل من الجهات المحلية والولايات المتحدة لدفع بغداد للسماح بتشكيل قوات الحرس الوطني في مناطق مثل الأنبار ونينوى، وسيُجسد ذلك حال نقل الصلاحيات في المستقبل . وإذا فشلت هذه الجهود في التفويض أو نقل السلطات، ربما سيكون – بعد ذلك – سيناريو تفكك العراق مجديا، إلا أنه من الواضح أن الجهات الرسمية العراقية ستركز على استراتيجية نقل السلطات بشكل أساس أكثر من مواجهة المستقبل المجهول للبلاد. وفي حين يرغب بعض العراقيين بتكوين دوله لهم، إلا أن تحقيق ذلك في النهاية يبقى من اختصاص النخب السياسية. وحاليا يبدوا أن النخب السياسية – حتى تلك المعارضة للحكومة المركزية – ستسعى أولا للعمل على تنفيذ استراتيجية نقل السلطات في الوقت الحاضر.
15- رمزي مارديني (Ramzy Mardini)، باحث غير مقيم في المجلس الأطلسي / واشنطن.
مر أكثر من عقد على سقوط صدام حسين، ومايزال العراق الجديد يخوض مرحلة انتقالية غير مستقرة تجاه نهاية غير معروفة. و طرحت العديد من الحجج والحجج المضادة – جميعها مع أو ضد تقسيم العراق على أسس اثنية – إما باتجاه “عراق واحد” أو باتجاه “عراق مقسم”، هو هدف السياسة الواقعية التي فُرِضت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. الأزمة الحالية – مثل كثير من الأزمات التي مضت – ليست سببا مهما لعدم الاستقرار، إلا أنها أحد الأعراض السامة لنظام الحكم في العراق وهي تنسخ نفسها.
السؤال هو: هل وصل العراق إلى مرحلة التقسيم ؟. هذه المرحلة سندركها عند وقوعها بعد فوات الأوان. وعليه، فالتحدي المنطقي للحكومة الجديدة في بغداد هو أن تستطيع إعادة كتابة قواعد اللعبة لتعزيز الوحدة، أو ستكون ببساطة مرآة لقواعد التقسيم القديمة. اليوم، الحكمة التقليدية في واشنطن هي أن وحدة العراق يمكن أن تكون محمية فقط عبر اعتماد اللامركزية في إدارة السلطة. ولسوء الحظ، فإن آلية نقل السلطة – من دون تبني القضايا الاجتماعية الأكثر عمقا من عدم الثقة والمصالحة الوطنية ومعالجتها – قد تُسهِم في تفتيت البلاد أكثر من الحفاظ عليها موحدة.
16- د. حارث حسن الكروي (Dr. Harith Hasan al-Qarawee)، زميل في معهد رادكليف للدراسات المتقدمة (The Radcliffe Institute for Advanced Studies)، جامعة هارفرد / الولايات المتحدة الأمريكية.
ما يمر به العراق نتيجة طبيعية لمأسسة الهويات الطائفية والعرقية. وكنتيجة للصراعات الطائفية والمنافسات، بدأت النخب داخل كل مكون أو طائفة بوضع رواية حول استحالة المحافظة على وحدة العراق والتركيب الحالي له. والصرعات الداخلية مثل التي حصلت بعد احتلال تنظيم “داعش” للموصل، عززت هذه الروايات؛ لأنها تُغذي المخاوف والتضامن الطائفي. ومع ذلك، أعتقد أن الجماعات السياسية مازالت تميل إلى استخدام التضامن الطائفي لزيادة قدرتها على المساومة؛ لأنهم يدركون أن تقسيم العراق لن يكون مجديا من دون دعم دولي وتوافق داخلي. وأعتقد أن أكثر المواطنين الشيعة يرون فائدة في التقسيم، لكن هذا الرأي غير مدعوم من أي من الأحزاب الشيعية الكبيرة، ولا من المرجعية الدينية في النجف. والسبب الرئيس في مشكلة العراق، هو الحكم السيء والذي من المرجح أن يستمر. وستكون الاختلافات الإقليمية أو المناطقية أكثر بروزا، وسيستمر التنافس على السلطة والموارد داخل كل طائفة أو مكون.
ببساطة نحن نتحدث هنا عن تشكيل ثلاث دول، وهو ما يعني التخلي عن هياكل وبنية إدارية واقتصادية كانت موجودة لمدة طويلة سابقة. بعض السُنة العرب يعتقدون خطأً بأن حصولهم على الإقليم السُني سيعطيهم حكما ذاتيا من الحكومة المهيمن عليها من قبل الشيعة كما هو الحال مع كردستان. هذا مستبعد جدا. وبالمقارنة مع كردستان، فالعرب السُنة يفتقرون إلى الوحدة والقيادة التي تأسست في كردستان ولديهم مقومات أقل للمساومة مع الحكومة المركزية. علاوة على ذلك، ليس هناك إطار واضح المعالم يحكم العلاقات بين كردستان وبغداد. وبالتأكيد هذا الإطار ليس النظام الفيدرالي على الرغم من أنه يُعرف رسميا باسم الفيدرالية. أعتقد أن المكون العربي في العراق يحتاج إلى لامركزية إضافية، ويفضل عدم تغيير حدود المحافظات. قد يكون هذا أكثر واقعياً وأقل صعوبة لتحقيق ما نص عليه الدستور بالفعل.
17- د. باباك راهيمي (Babak Rahimi)، أستاذ مشارك في الاتصالات والثقافة والدين في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو / الولايات المتحدة الأمريكية.
هل يستطيع العراق المحافظة على وحدته في ظل تهديد تنظيم “داعش” وتفكك البلاد إلى اتجاهات اثنية وطائفية ؟. في رأيي، فإن الثقافة السياسية الأقل نمواً لمرحلة ما بعد نظام حزب البعث كانت تشكيل القومية المدنية. هذا هو نوع من القومية التي تكون شاملة للجميع. كما أن ثبات الديمقراطية الناشئة تحتاج إلى نظام سياسي هادف. في قلب القومية المدنية هو شكل الدولة التي تستمد الشرعية السياسية من السيادة الشعبية، والانتماء للقومية المدنية سيقود إلى تجاوز الهويات المحلية والقبلية والعرقية والطائفية. هذا لم يحصل بعد غزو 2003. وكان التركيز كثيرا على بناء المؤسسات، مثل النظام الانتخابي (بدلا من بناء الثقافة السياسية).
وفي الوقت نفسه، فإن الخطابات عرضت “الحكم الديمقراطي” كحل لكل مشاكل العراق، إلا أنها لم توفر رؤية ديمقراطية لأمة تشهد – وعلى نحو متزايد – صراعات مدنية وعسكرية. بعد الغزو الأمريكي عام 2003، فإن التحدي الأكثر صعوبة في بناء عراق ما بعد نظام البعث كان مسودة الدستور العراقي الدائم ومأسسة النظام السياسي ليشمل كل العراقيين. ومع ذلك، تأسس النظام الانتخابي سريعا لأسباب داخلية وخارجية معززاً الانشقاقات العرقية والأخرى الأكثر إشكالية ألا وهي الانشقاقات الطائفية. كما أن حكومات ما بعد الحرب برئاسة الجعفري ونوري المالكي لم تعمل الكثير لمواجهة السياسات الفئوية الصاعدة دافعةً العراق إلى قوميات عرقية وطائفية والمستمرة إلى اليوم في عرقلة النظام السياسي للبلاد، خاصةً مع تهديد المتشددين السنة بقيادة تنظيم “داعش” الإرهابي. والذي صنع الوضع السياسي السيء للعراقيين في الوقت الحاضر هو حكومة المالكي التي عززت القومية العراقية وهي ليست مدنية ولا وطنية. ونؤكد هنا أن الأزمة الحالية والتفكك الذي يواجه العراق ليس بالأمر الجديد، بل مضت سنوات على تكوينه وتطوره تدريجياً.
18- الكولونيل جويل رايبورن (Colonel Joel Rayburn)، ضابط في الجيش، وخبير عسكري في جامعة الدفاع الوطني للدراسات الاستراتيجية الوطنية، ومساهم في فريق معهد هوفر حول الإسلام والنظام الدولي.
أفكر عادة حول ديناميكيات الوضع السياسي والاجتماعي والأمني من حيث القوى الجاذبة أو النافرة. القوى الجاذبة تسحب الأشياء سوية باتجاه المركز، بينما القوى النافرة تدفعها بعيداً عن المركز. في عامي 2008 و2009 بدا لي أنها كانت لحظة جذب: اتجهت الحركة الشعبية إلى الهوية العراقية الوطنية، والتي تجلت بفوز الأحزاب التي هرعت باتجاه القومية في انتخابات مجالس المحافظات في كانون الثاني / 2009 على حساب الأحزاب التي تبنت أجندات إسلامية طائفية. ولكن منذ عام 2010، تم التراجع عن تلك اللحظة القومية من قبل مجموعة متنوعة من الاتجاهات. المالكي كان سببا كبيرا في ذلك عبر العودة إلى النهج الإسلامي الشيعي المتحالف مع إيران لكسر تحالف القائمة العراقية في 2011-2012.
كما أن الحرب الأهلية السورية قادت إلى مزيدٍ من الضرر عن طريق تخندق كل المكونات العراقية الرئيسة ومن ثم تغذية التشدد مرة أخرى داخل العراق. وتحولت حركة الاحتجاجات السنية عام 2012 إلى صراع طائفي ضد حكومة المالكي في عام 2013، قاد مباشرة إلى دخول تنظيم “داعش” الإرهابي إلى العراق. ومن ثم كانت الضربة الأخيرة للهوية الوطنية، بعد تمكّن الجماعات الشيعية المتشددة المدعومة من النظام الإيراني كرد على المتشددين السُنة منذ حزيران 2014.
ويظهر لي اليوم أن العديد من القيادات السُنية في بغداد – والتي تتفاوض مع حكومة العبادي والشيعة الآخرين والأحزاب الكردية – ليس لها شعبية انتخابية في محافظاتها. وهذا يعني أن الكتلة الواسعة للناخبين السُنة معزولة عن الحكومة المركزية وممثليهم فيها. ولا أرى أي طريق في القريب العاجل يُنبئ بأن هؤلاء سيتكاملون ويتوحدون. بينما في كردستان العراق يبدو لي في الأمد الطويل أنها باتجاه الانفصال عن الدولة العراقية في كل الجوانب ماعدا الجانب المالي والاشتراك في عوائد النفط. وأخيرا، ومنذ حزيران / 2014، سمعت شيعة العراق يتحدثون للمرة الأولى بأنهم – مثل السُنة والأكراد – لا يرغبون بالبقاء كجزء من الدولة العراقية، بل يريدون أن يكوّنوا إقليما يضم بغداد وديالى وجنوب العراق وسامراء في “إقليم سومر الكبير”.
وأرى أيضا المؤيدينلفكرة وحدة العراق. وتبدو أصواتهم مهمله من قبل أولئك الذين قرروا لطائفتهم ومكونهم العرقي العيش بعيدا عن باقي الشعب العراقي. وحسب رأي، هذه العوامل بمجموعها تعني أن القوى التي تنفر من وحدة العراق هي أقوى من تلك التي تنجذب لوحدته، والفرق بين الاثنين ينمو باستمرار. وما لم تتغير الظروف بشكل كبير في العام أو العامين المقبلين، فأنا أشكك بأن يبقى العراق موحدا في الأمد الطويل.
19- دكتور مايكل روبن (Dr. Michael Rubin)، باحث مقيم في معهد المشروع الأمريكي (American Enterprise Institute).
إن موضوع زوال العراق مبالغ فيه بشكل كبير . فمنذ بدء الحرب على العراق عام 2003، توقع المتشائمون بأن تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق على أساس الهويات الطائفية أو العرقية لا مفر منه. وبدون شك، يحلم العديد من الأكراد العراقيين باستقلال كردستان، ولكن العديد من القادة العراقيين يقفون مع الشعب، والقيادة الكردية ليس استثناء. ربما يستخدم رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني الخطاب القومي الكردي لحشد الناس حول عائلته وعلم الإقليم، ولكن على الرغم من الثروة النفطية المكتشفة حديثا في كردستان العراق، إلا أنه غير مستعد هو وحكومته للتخلي عن الأموال التي يحصل عليها من حكومة بغداد المتأتية من الجنوب الغني بالنفط. وإذا أرادت القيادة الكردية الاستقلال فعلا سيكون إعلانهم للاستقلال بعد استيلائهم على المناطق المتنازع عليها في وقت سابق.
أما بالنسبة للعرب السنة، فلا يرغبون كثيرا بالتخلي عن العراق. وعند وضع موضوع “الدولة الإسلامية” جانباً، فالشكوى التي عبر عنها أهل السُنة ليس رغبة في الاستقلال وإنما رغبة في التأثير في ما تبقى من العراق. وأما بالنسبة للشيعة العراقيين – مع قوة مهيمنة في بغداد – لماذا يضحون بسيادتهم لتبديد الرغبة الانفصالية لدى الآخرين؟.
قد لا يقسم العراق إلى دول متعددة ولكن اللامركزية ستعم البلاد. واقع العراق هو الفيدرالية الإقليمية. ويجب على القوات العراقية هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي. وسوف تستند المصالحة وإعادة الإعمار في المناطق السُنية على الفيدرالية الإدارية من أجل إعطاء الحكومات المحلية صلاحيات أوسع. وقد يبقى حلم القوميين الأكراد بالاستقلال، ولكن نظراً لحقيقة الجيران – إذ حذرت السلطات الإيرانية الأكراد العراقيين بأنها لن تسمح لهم بالانفصال عن العراق – تحولت القضية من الاستقلال إلى الاتحاد الإقليمي، ليس فقط ضمن العراق بل أيضا بين المناطق الكردية المجاورة. (وفي الواقع أشار الانفصاليون السابقون إلى قضية الاتحاد الإقليمي، مثل زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان). وأكثر ما نخشاه، هو الصلاحيات المحلية الأوسع، فالحكومة هي أقرب إلى الناس، وبذلك يمكن للحكم أن يكون أكثر ديمقراطية. وأخيرا أقول: مرحبا بكم في العراق الجديد، والذي يختلف عن العراق القديم.
20- دكتور ثابت عبد الله (Dr. Thabit Abdullah)، أستاذ مشارك في التاريخ، جامعة يورك (York University) / المملكة المتحدة.
بينما الخطوط العامة للتاريخ تبدو أحيانا واضحة، إلا أن العراق في الوقت الحاضر يمر بمرحلة من المستحيل التوقع بشأنها. ومن المهم أن نتذكر بأن المجتمع العراقي لا يمكن تجزئته بسبب الانقسامات السابقة والحدود الاصطناعية التي وضعها الآخرون. والأهم من ذلك، مرت عقود زمنية من حكم فاش دمر المجتمع المدني وخلق ثقافة الخوف، حيث خاض العراق ثلاث حروب (وخاصةً مع إيران)، وهذه الحروب دمرت البنية التحتية وأشاعت ثقافة العنف. وثلاثة عشر عاما من العقوبات الاقتصادية الشديدة التي أهلكت الطبقات الوسطى. والاحتلال الأمريكي الذي دمر الدولة. ومثل هذه الضربات، تخلق تصدعات اجتماعية عميقة في أي بلد حتى داخل المؤسسات الاجتماعية المدنية. وبالرغم من هذا، فإن البلاد ما تزال تحرز بعض التقدم في استقرار العملة وتنظيم الانتخابات وتطوير وسائل الإعلام النابضة بالحياة. ومع ذلك، فإن قوة الطائفيين مبالغ فيها، ووضعت البلاد في حالة حيث لا يوجد شيء حتمي. وسياسات المالكي وضعت البلاد على طريق التقسيم الكامل. وشجع صعود تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي – على الجانب الآخر – حكومة العبادي الجديدة على السعي من أجل تطوير العلاقات مع حكومة إقليم كردستان وتطوير علاقات مع السُنة الأكثر وطنية. وهذا أعطى شريان الحياة إلى العراق الموحد، ولكن لن تعرف النتيجة النهائية للمرحلة القادمة، وربما في نهاية المطاف يصبح العراق مثل لبنان ويكون موحدا بالاسم فقط.
21- كريستينا فاندن تورن (Christine van den Toorn)، مدير معهد الدراسات الإقليمية والدولية في الجامعة الأمريكية في السليمانية / العراق.
من جانب الأكراد أنا لا اتفق نهائيا مع المحللين والباحثين والسياسيين الذين يقولون بأن العراق سوف يقسم وأنه سيكون أفضل حالاً بذلك. لن يكون هناك صوت واحد لا سني ولا شيعي سيدعم عدة دول في العراق، والهويات الدينية والعرقية لا تبني دولة، وتقسيم العراق سيخلق مشاكل أخرى تكون أسوأ من المشاكل في الوقت الحاضر.
ومع وضوح أخذ تنظيم “داعش” الإرهابي الطائفي دور أكثر جدية وأصبح يشكل خطرا كبيرا، فإن الاختلافات والانقسامات بين السنة والشيعة كانت أعمق قبل حزيران 2014، وخصوصا على المستوى الشعبي . قبل حزيران 2014، نستطيع القول بأن العديد من العراقيين لم يكترثوا بالتقسيم السني الشيعي، وإذا فعلوا ذلك فقد كانت فرصة جيدة يمكنهم التحرك خلالها لتجاوز الانقسام في السنوات القادمة مع الاستقرار والوظائف والحكومة الممثلة للجميع. لكن تنظيم “داعش” جعل الشيعة والأكراد أكثر ريبة من السُنة. كما أن الميليشيات الشيعية تعمق الانقسام. وفي حين أصبحت الهويات أكثر بروزا وتضادا من أي وقت مضى إلا أنها أضحت تتضاءل مع مرور الوقت. ومع الحكومة الشاملة التي تضم الجميع والاقتصاد القوي ونظام التعليم، يمكن للعراقيين تجاوز الهويات الطائفية.
أما كردستان، فهي قضية منفصلة. وبما أن الأحزاب الكردية والجهات الفاعلة موحدة بأي حال من الأحوال، فإن حكومة إقليم كردستان – على الرغم من الفساد والمحسوبية الشديدة – لديها بداية في ما يخص تعزيز أساس الدولة، على سبيل المثال لديها وزارات، واستثمارات، وبنية تحتية، وممثلون في الخارج. ومع أن الاقتصاد الكردي غير مؤهل للاستقلال، إلا أن زيادة صادرات النفط وتنويع الاقتصاد يمكن أن تغير وضع الاقتصاد. والأكثر أهمية من ذلك، هو أن كلا من كردستان والعراق سيكونا أفضل حالا إذا انقسما عن بعضهما، ويفهم الأكراد أهمية تعزيز مصالحهم في بغداد بدلا من الاهتمام ببناء العراق القوي .
22- ريدار فيسر (Reidar Visser)، باحث عراقي مستقل وكاتب في موقع تحليلات حول منطقة الخليج والعراق (Iraq and Gulf Analysis). (https://gulfanalysis.wordpress.com/)
ظهرت أشكال مختلفة من الانشقاقات بين الشيعة العراقيين في المراحل المختلفة في التاريخ الحديث، لكنه من الإنصاف القول أن هذه الظاهرة قليلة جدا. وعند مفترق طرق في التاريخ العراقي – تمثل بانهيار الامبراطورية العثمانية والثورة العراقية عام 1958 – فشلت الحركات الانفصالية الشيعية في تحقيق أهدافها. وساد هذا الاتجاه أيضا بعد سقوط البعث عام 2003.
الدعوة إلى تشكيل إقليم فيدرالي يغطي كل المحافظات الشيعية فشلت بعد وقت قصير من إعلانها عام 2005. وبالمثل فشل مشروع تحويل المحافظة الشيعية الرئيسة (البصرة) إلى وحدة اتحادية مستقلة عام 2009 في الحصول على المستوى المطلوب من الدعم الشعبي حتى على إجراء الاستفتاء. كما أن أغلب السياسيين الشيعة والأحزاب السياسية تتنافس للهيمنة على الحكومة العراقية المركزية في بغداد.
ويمكن القول أن الدعوات الحالية للشيعة للانفصال عن العراق تبدو مضطربة؛ بسبب مضايقة الأكراد والسُنة المنحازين لتنظيم “داعش” الإرهابي، وهذا يمثل النزعة الأكثر دراماتيكية في هذه المرحلة التاريخية. ومنذ ظهور تنظيم “داعش” خلال عامي 2013-2014، أصبحت هذه الدعوات أكثر تواتراً، خصوصاً بين الأصوات الجديدة التي تدعو إلى إنشاء نوع من الجمهورية الشيعية الطائفية، والتي سيكون لها الأساس الجغرافي لمناطق العراق ذات الأهمية الخاصة للشيعة من البصرة في الجنوب إلى سامراء في الشمال، وفي نظر البعض الأراضي التي كانت تغطيها حضارة سومر ما قبل الإسلام. في وضع غير مسبوق، فقد أيّد هذه الدعوات بعض أعضاء الأحزاب السياسية التي لديها أجندة مركزية بما فيها حزب الدعوة. والجديد في ذلك، هو الدعوة للانفصال (وليس الفيدرالية). ويتبع ذلك موجة من الدعوات المشابهة غير المسبوقة للأقاليم الفيدرالية لسنّة العراق خلال المدة 2011-2013، والتي مثلت جزءًا من ردة فعلهم على ما أسموه السياسات المركزية للحكومة المهيمن عليها من قبل الشيعة التي عمل بها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي .
ومع ذلك، إن الحركات الشيعية تعاني من عدة مشاكل لتغيير الجغرافية الإدارية للعراق في الماضي ومستمرة في فرض قيود على هذه المشاريع الأخيرة. ومن أهم هذه المشاكل، هو استمرار الانقسام بين الشيعة في بغداد، وسعي النجف إلى تشكيل وحدة إقليمية جديدة من جهة، والشيعة في جنوب العراق الغني بالنفط (البصرة) والذين سيكون لهم سيطرة كاملة على إدارة شؤونهم الخاصة، والفصل بين بغداد والنجف على حد سواء من جهة أخرى. وبعد وقت قصير من طرح خطة جمهورية سومر، عادت الحياة إلى الحركة التي تعمل على تشكيل وحدة فيدرالية في البصرة عام 2009. فضلا عن ذلك، ما زال عدد كبير من القيادات الشيعية يتمسك برؤية الدولة العراقية الموحدة. فالعديد من الأفراد في مناطق الشيعة لديهم أقارب وروابط شخصية في المناطق الأخرى (خارج الدويلة الشيعية المتوقعة). وإذا استمرت محاولة فرض التقسيم بالمضي قدما، فإنها ستطلق العنان لمشاكل محتملة عديدة. فضلا عن ذلك، لا يوفر الدستور إطارا قانونيا متكاملا للانفصال، ومن المرجح أن يضعف ذلك من الدعم للعديد من الدوائر السياسية الشيعية القائمة.
ومن المفارقات، فإن واحدا من العوامل الرئيسة لتحديد النتيجة ربما تكون خارج الطائفة الشيعية. فموقف العراقيين السنة – وهم حاليا بين تنظيم “داعش” وحكومة بغداد – قد يكون المفتاح للحل. كيف سيردون على محاولات حكومة بغداد لوضع سياسة دفاعية جديدة تعتمد على دمج القبائل السُنية في القتال ضد تنظيم “داعش” ومن المرجح أن يكون موقفهم هذا حاسما في تشكيل موقف القيادات الشيعية الذين أصبحوا يترددون – على نحو متزايد – في إرسال الجنود الشيعة إلى مناطق يشتبه بها أنها تدعم تنظيم “داعش” الإرهابي. إذا نجحت إعادة تعريف السياسة الدفاعية العراقية ضد التنظيم في تأسيس روابط بين القيادات السُنية والشيعية أكثر صلابة من تلك التي شهدتها مرحلة المالكي، فاحتمالات بقاء العراق على ما هو عليه تكون قد تعززت أيضا.
23- جوديث يافي (Judith Yaphe)، بروفسور زائر في الشؤون الدولية، معهد دراسات الشرق الأوسط ، كلية إليوت، جامعة جورج واشنطن / الولايات المتحدة الأمريكية.
سيبقى العراق على ما هو عليه ولن يتأثر بكونه ضعيفا ومنقسما ودولة مختلة وظيفيا، والسبب هو العراقيون أنفسهم. العراقيون هم الناجون . فقد نجوا (فرديا أو جماعيا)، إذ مرت عليهم قرون من الغزوات والاحتلال الأجنبي الذي فرض عليهم السيطرة، وكذلك عقود من الحكم الشمولي وحروب مدمرة مع جيرانهم، وهم من أنشأ الحضارة وسيادة القانون والثقافة العربية والإسلامية وحتى ثقافة ما قبل الإسلام، وقاموا بأعمال التطهير العرقي وأعمال القتل الانتقامية في ظل الحكام العسكريين والقانون القبلي والحماس الديني من أجل مصلحة زعيم الحزب أو زعيم القبيلة أو رئيس البلدة، ومع كل هذا فهم باقون والعراق باقٍ. ونتيجة لكل هذه الأحداث، أكد البعض أن العراق لن يكن في يوم من الأيام دولة، بينما يقول البعض أنه لن يصبح دولة قائمةأبدا. ومع ذلك، كثير منّا يتذكر بلد وشعب التعليم والتسامح وخفة الظل والتسامح. فالعراق لم يسمع بالحرب الطائفية ولم يشهد، حيث الاندماج بين السنة والشيعة، واشتراك العرب والأكراد، وعيش المكونات والعمل سوية. فأي بلد في هذه المنطقة الضعيفة لم يشهد حربا أو تهديدات واختلال المجتمع المدني؟.
فالعراق اليوم منشغل في ما يمكن أن نسميه أزمة وجود نهائية. فالحرب الأهلية تحولت إلى حرب بين قبيلة وقبيلة، والسنة ضد الشيعة، والعرب ضد الأكراد، والجيران ضد الجيران. ويبدو أن قادة العرب والأكراد يدركون حقيقة بديهية نسبت إلى زعيم الحرب الثورية الأمريكية بنيامين فرانكلين، هي: “إذا لم نشنق سوية، بالتأكيد سنشنق فرادا”. وفي اللغة الانكليزية، هذا النص فيه معنيان لـ”الشنق”، الأول: يعني “نتعاون”، والثاني: يعني “قُتِلنا”. واتخذ رئيس الوزراء العبادي خطوات أولية أساسية لحل الخلافات بين حكومة إقليم كردستان وبغداد. وكان على استعداد لتلبية مطالب الكرد في الموازنة العامة للدولة، والاتفاق على مبيعات النفط والعقود وفقا لشروط محددة، وتعيين مجموعة أكبر من الأكراد بمناصب حكومية مهمة. وتراجع الكرد – في هذه اللحظة – عن تهديدهم بإعلان الاستقلال. ولا يبدو واضحا ما هو مصير المناطق المتنازع عليها، والتي احتلها الأكراد بسرعة عندما سقطت الموصل بيد تنظيم “داعش” الإرهابي. وإذا ساد الأمر كذلك كيف سيكون العراق؟.
المهمة الوحيدة لرئيس الوزراء العبادي هي الحفاظ على العراق موحدا لهزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي. وتحقيق ذلك سيتطلب ذكاءً ودهاءً واستعدادا لتحمل المخاطر، وأن يكون لدى جميع العراقيين استعداد للعمل سوية. ومهمة السيد البرزاني هي حماية مكتسبات الأكراد التي صنعوها، وحماية شعبه. وفي رأي المتواضع، لا يستطيع السيد البرزاني النجاح من دون الآخر (الحكومة المركزية).
24- أكيكو يوشيوكا (Akiko Yoshioka)، باحث كبير في معهد اقتصاديات الطاقة في اليابان.
السنوات الأربع القادمة لإدارة العبادي هي الفرصة الأخيرة لإعادة بناء العراق. ومن دون استعادة سيطرة الدولة على المدن الغربية والوسطى من البلاد، لن تتمكن الحكومة الحالية من إجراء أي انتخابات، وكذلك ستفقد العملية السياسية التي بدأت منذ 2003 شرعيتها. وأحد الإجراءات القليلة الممكنة لتحقيق الاستقرار في العراق سيكون التوجه نحو نقل السلطة وتطبيق قانون التعديل الثاني لقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم لعام 2013 – الذي يزيد من الصلاحيات الأمنية والإدارية للمحافظات – من بين المقترحات للتعامل مع سخط المكون السني. وربما لا يكون ذلك خيارا سهلا لأن تطبيق الفيدرالية لتحقيق اللامركزية في الدولة هو بالتأكيد أكثر صعوبة من اتحاد دول منفصلة، فضلا عن أن التقدم والتطور في ملفات الأمن وإعادة الإعمار يتطلب أيضا إدخال تحسينات على نمط الإدارة المحلية والتقليل من الفساد، هذا من جانب. ومن جانب آخر، فإن تقسيم البلاد أكثر فيه إثارة للصراعات، وجزء من ذلك يعود إلى الجدل حول الحدود والتوزيع المتفاوت للموارد الطبيعية. وسيكون تطبيق القانون المذكور مفيد للعراق لحفظ وحدته وإصلاح نظامه السياسي الحالي، ومع ذلك، لا يُستبعد – على أرض الواقع – تقسيم الدولة.
وفيما يتعلق بكردستان، فإن الإقليم لديه سبب ليكون جزءًا من العراق، وإلا فالاستقلال من جانب واحد (الاقليم) سيكون الخيار، والقرار السياسي الحاسم بهذا الشأن يعتمد على مقدار الدعم الذي يتحقق في المجتمع الدولي بما فيها دول الجوار.
http://musingsoniraq.blogspot.com/2014/12/24-voices-on-unity-of-iraq.html