عقد مركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة كربلاء بالتعاون مع كلية الإدارة والإقتصاد في الجامعة يوم الخميس الموافق 17/12/2015م الندوة الحوارية الموسومة (الأقتصاد والنفط في العراق: رؤية استراتيجية). حضر فيها عدد من اعضاء مجلس النواب العراقي والحكومة المحلية فضلاً على عدد من الباحثين في الشأن الاقتصادي والسياسي في جامعة كربلاء.
وفي كلمته الترحيبية أشار السيد مساعد رئيس الجامعة للشوؤن الادارية أ.م.د. قيس السماك الى ان الجامعة وعبر مؤسساتها تراقب القضايا المحلية والاقليمية والدولية ومنها أزمة الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي مُذكرا بأهمية وضع السياسات المناسبة والكفيلة بتصحيح مسار الاقتصاد العراقي ليكون متعدد الايرادات ولايعتمد بشكل رئيس على ايرادات النفط.
من جهته أ.م.د. خالد عليوي العرداوي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في كلمته التي ألقاها باسم اللجنة التحضيرية للندوة أشار الى أهمية موضوع الندوة، وضرورة الاهتمام بمخرجات هكذا نشاطات أكاديمية من قبل صانع القرار العراقي، وكان مما قاله مايلي:(في أواخر عقد التسعينات من القرن العشرين قال رئيس وزراء إسرائيل الأسبق شيمون بريز : ” انه شرق أوسط جديد، لا يقبل المغفلين، ولا يغفر للجهلة” ، واليوم وبعد أكثر من خمسة عشر سنة على هذه المقولة نجد أن الشرق الأوسط الذي نعيش فيه هو أكثر تموجا واضطرابا وفوضى، وأحداثه زاخرة بالمفاجئات والتقلبات، مما يتطلب منا كعراقيين نطالب بحقنا في الحياة أن نمتلك ناصية العلم والمعرفة والمهارة في بناء اسرنا التي عليها قوام مجتمعنا ؛ لتنتج الحب والحياة والثقة، والعلم والمعرفة والمهارة في كافة مؤسساتنا؛ لتزخر بالأبداع والتميز والريادة، والعلم والمعرفة والمهارة في إدارة دولتنا؛ لتكون دولة لا تتخلف قدرتها عن مداها، ولا يتخلف مداها عن طموح وإرادة شعبها، ورغبته في غد أفضل). وأضاف الدكتور العرداوي (ان الوصول الى بناء دولة عراقية بهذه المقومات قد يكون صعبا في ظل التحديات الكثيرة التي تعصف بحاضرنا، ولكنه ليس مستحيلا عندما نمتلك إرادة تحقيقه، وهو يحتاج في مقدماته الصحيحة الى تلاقي العقول والانفس، وتلاقح الآراء والأفكار؛ لتبادل الخبرة والمشورة واختيار المسار الصحيح الى الهدف المنشود، وبخلاف ذلك قد نسير جميعا الى الامام وبسرعة عالية، لكنها مع الأسف قد تكون سرعة في الاتجاه الخاطئ).
ثم بدأت الندوة الحوارية اعمالها برئاسة الاستاذ الدكتور حميد عبيد عبد / معاون عميد كلية الادارة والاقتصاد للشوؤن العلمية، الذي اشار بدوره الى الملاحظات العامة حول الاقتصاد العراقي داعيا السادة الباحثين والمدعوين الى ضرورة الخروج بتوصيات عملية لمعالجة المشاكل الاقتصادية ومشكلة ادارة الموارد المالية للدولة العراقية.
بعدها دعا السيد رئيس الجلسة السيدة إبتسام الهلالي/ عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي والدكتور جلال الهاشمي / المستشار والخبير الإقتصادي الى الحديث عن موضوع الندوة. فاكدت السيدة الهلالي انها عضو اللجنة القانونية وعضو في اللجنة الفرعية لتطوير شركات التمويل الذاتي. واشارت الى ان الحكومة اكدت في برنامجها الحكومي للسنوات 2014-2018 على تطوير القطاع الخاص ودعمه ليكون شريكا قويا في الاقتصاد ولكن للاسف فان موازنة العام 2016 كانت خالية من هذا الهدف. واللجنة الاقتصادية في البرلمان اكدت في تقريرها حول موازنة العام 2016 على ضرورة تطوير القطاع الخاص ومنحه دور اكبر في النشاط الاقتصادي ليتسنى للدولة في موازناتها القادمة الاعتماد على موارد اخرى غير ايرادات النفط؛ لان النفط غير مستقر من ناحية الاسعار لذا كان يفترض على الدولة الاهتمام بالقطاعات الاخرى كالسياحة والصناعة والزراعة لانه كثير من الدول تعتمد كثيرا على ايراداتها من القطاع السياحي. فضلا عن ضرروة تطوير القطاعات الزراعية والصناعية بعيدا عن الايرادات الريعية. الا انه في موازنة العام 2016 شكلت نسب الزراعة والصناعة والموارد المائية نسب متدنية في الموازنة الاستثمارية، وكذلك الحال مع حصص التعليم والتربية والصحة،وهذا يؤشر بقاء العراق بعيدا عن مؤشرات التنمية المستدامة. وفيما يخص شركات التمويل الذاتي استطعنا تفعيل 176 شركة وخرجنا بنتائج طيبة ونسعى الى تشريع مجموعة قوانين للاعتماد على الصناعات المحلية في تلبية الحاجات المحلية لمؤسسات الدولة وغيرها.
اما الدكتور جلال الهاشمي فقد كانت ورقته البحثية بعنوان (الرؤى الاستراتيجية للتعامل مع الثروة النفطية) وطرح فيها تساؤل رئيسي حول امكانية النهوض بالتنمية المستدامة في كربلاء؟ مؤكدا على اعلان وزراء الصناعة السابق والحالي على الاتفاق مع شركات عملاقة لأنتاج مجمع للصناعات البتروكيماوية في العراق وبكلفة 11 مليار دولار وبطاقة انتاجية مليون وثمانمائة الف برميل سنويا، وهذه الصناعات تعتمد على الغاز المصاحب ومع ان هذا يمكن ان يكون برنامج طموح لأستثمارات واعدة في البلاد. الا أن الغاز المطلوب لهكذا صناعات لا يتوفر في الوقت الحالي اذ انه لايكفي في الوقت الحاضر لتشغيل بعض محطات انتاج الطاقة الكهربائية لاسيما وان العتبة الحسينية لديها مشروع لانتاج ابواب وشبابيك المنيوم، ولكن المعمل متوقف نتيجة عدم وجود الغاز. اذن التجربة لا تشجع على ذلك ولايمكن الركون والاعتماد على تصريحات لتمويه الراي العام. اذن لابد من وضع خطط استراتيجية لاقامة الصناعات البتروكيماوية على اسس صحيحة لاسيما وان كثير من موادها الاولية تتوفر مع النفط المستخرج.
التوصيات
بعد الانتهاء من عرض آراء المحاضرين، والتعقيبات التي ابداها الحضور، خرجت الندوة بجملة من التوصيات المقدمة الى صانع القرار العراقي، في المجال الاقتصادي منها:
– الدعوة الى الإعتماد على الكفاءات والخبرات العملية عند التصدي لمعالجة الأزمات في البلد.
– الدعوة الى النظر مجددا في موازنة عام 2016 ؛ بسبب عدم توافق سعر بيع النفط الافتراضي المعتمد في الموازنة بقيمة 45 دولار مع سعر البيع الواقعي في السوق العالمية.
– عدم اثقال كاهل المواطن نتيجة اخفاق السياسات الحكومية في وقت الوفرة المالية، ومن الافضل معالجة مشكلة الفساد الاداري والمالي قبل تنفيذ اية سياسة حكومية تتصدى لمعالجة الازمة المالية.
– ضرورة ان تعتمد الدولة سياسات اقتصادية تقوم على تنويع مصادر الدخل العام، وعدم الركون الى النفط فقط.
– الدعوة الى إصلاح التجارة الخارجية؛ لأن السوق العراقية تعاني حالة الإغراق بالبضائع الفائضة عن الحاجة، وهو ما يعيق النهوض بالأنتاج المحلي من جهة، ويُديم نزوح الأموال والعملة الصعبة الى خارج البلاد من جهة أخرى. لذا تبرز الحاجة الى إجراء اصلاحات موضوعية في التجارة الخارجية وتحديد حجم الاستيراد من قبل المستوردين.
– الدعوة الى النهوض الجدي بقطاعات الزراعة والتعليم والصحة لتوفير مقومات تحقيق التنمية المستدامة في البلد.
– الادارة الجيدة للموارد المالية التي يحصل عليها العراق وضمان المساواة في توزيع الدخل والثروة.
– تشريع قوانين لحماية الصناعات المحلية تكفل تشجيع الطلب عليها.