بقلم: أ.م. د عامر عمران المعموري/ تدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد/جامعة كربلاء
مركز الدراسات الاستراتيجية/جامعة كربلاء
كانون الثاني 2016
انزلاق اسعار النفط دون النصف فاقم من محنة البلدان النفطية، خصوصا مع دخول موجة الهبوط عامها الثاني واستمرار برامج التقشف والاقتراض لعدد كبير منها. ويبدو إن توقّع أسعار النفط الخام للسنة المقبلة مهمة صعبة لصناع القرار في هذه البلدان، في ظل جو عدم الاستقرار المهيمن على اسواق النفط العالمية مؤخرا. عدة أسباب، الى جانب تخمة المعروض، ساهمت في تدهور الاسعار، اهمها تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي بفعل ضعف اقتصاد الصين وعدد من الاقتصادات الصاعدة واتجاه بوصلة أوبك صوب الحصص السوقية بدلا من استهداف الأسعار، فضلا على انحسار المخاوف بشأن العوامل الجيوسياسية التي قد تعيق إمدادات النفط من المصدرين الرئيسيين في الشرق الأوسط الى اسواق النفط العالمية. ومنالمرجحأنيستمرالمستوىالمنخفضلأسعارالنفط، ومن ثمسيكونعلىالبلدان المصدرةللنفط تفعيل برامج الاصلاح والتنويع الاقتصادي واجراء تعديلات علىسياسات الإنفاقوالإيراداتلضماناستدامةأوضاع الماليةالعامة وتحقيقالعدالةبينالأجيال.
ورغم تعدد الدراسات والتقارير التي تناولت مستقبل اسعار النفط خلال الاشهر والسنوات القادمة، الا ان الحذر والتشاؤم وسم عدد كبير منها، نظرا لطبيعة الصناعة النفطية وتعقد التطورات الجيوسياسية من جهة وغموض افاق الاقتصاد العالمي من جهة اخرى؛ لأسباب عدة منها:
1- تعثر الاقتصاد العالمي وتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في بلدان تقود قاطرة النمو الاقتصادي العالمي من نحو الصين وبلدان اسيا والبرازيل وبعض بلدان امريكا الجنوبية فضلا على ضعف النشاط الاقتصادي في معظم اقتصادات اوربا بسبب ازمة الديون السيادية.
2- تخمة المعروض من النفط الخام واستمرار الزيادة في امدادات النفط الخام من المصادر التقليدية والغير تقليدية والذي تجاوز حاجز 93 مليون برميل يوميا والناجم اساسا من فورة الاسعار الاخيرة التي حفزت الاستثمار في الابار النفطية باهظة الكلفة خصوصا بعد تجاوز سعر البرميل حاجز 110 دولار.
3- ارتفاع حجم المخزون التجاري العالمي فقد بلغ مستوى الخزين في الدول الصناعية الغنية مستويات غير مسبوقة بحيث وصل الخزين التجاري إلى 2.916 مليار برميل، مما ينذر ايضا بهبوط اضافي في الطلب على النفط ناجم عن وصول الطاقة الاستيعابية لحاويات التخزين والابار النفطية حدودها القصوى.
4- استمرار الانقسام داخل اوبك بشأن السياسة النفطية وتحول بوصلة المنظمة تجاه الحصص الانتاجية بدلا الاسعار، فظلا على انحسار سيطرة اوبك على اسواق النفط العالمية من 50% الى قرابة 30% لصالح منتجي النفط الصخري.
5- ترقب اسواق النفط الخام لزيادة اضافية في امدادات الطاقة مع دخول الاتفاق النووي الايراني حيز التطبيق ووعود الحكومة الايرانية بزيادة مقدارها مليون برميل يوميا تضاف الى تخمة الامدادات.
6- استمرار حرب الاسعار بين منتجي النفط الكبار لغرض تامين اسواق قادرة على استيعاب الزيادة الحاصلة في الانتاج مما قاد الى برامج حسومات واسع النطاق لأسواق النفط العالمية (خصوصا الاسيوية) وكانت السعودية من أكثر اعضاء اوبك نشاطا في هذا الجانب.
7- استمرار الدوافع السياسية الرامية الى اضعاف عدد من البلدان التي يشكل النفط العمود الفقري لاقتصاداتها ومنها روسيا وإيران.
8- تغير في قواعد السياسة النقدية الامريكية قاد الى رفع اسعار الفائدة ومن ثم سعر صرف الدولار، فبعد عقد من اسعار الفائدة الصفرية قام الاحتياطي الفدرالية برفع اسعار الفائدة في منتصف ديسمبر الجاري مما قاد الى رفع اسعار صرف الدولار وهبوط اسعار النفط نظرا لارتباط الاخير بعلاقة عكسية مع الدولار.