عندما تتواجه فوهات المدافع تكون بحاجة إلى إرادة سياسية موحدة تسندها، وتوجه مسارها؛ لترسم لها ملامح النصر المنشود، ولكن الصراع في المنطقة ضد تنظيم “داعش” خصوصا، والإرهاب عموما يفتقر إلى هذه الميزة، والسبب المباشر الواضح لذلك هو اختلاف وجهات النظر المحلية والإقليمية والدولية حول طريقة حسم الصراع في سوريا، فكانت النتيجة زيادة متنامية في عدد فوهات المدافع، وغياب واضح لاستراتيجية الحسم. في هذا العدد من إصدار (العراق في مراكز الأبحاث العالمية)، سيطلع القارئ على أربعة مقالات مهمة: المقال الأول (حوار المنامة: البحث عن الوحدة في مواجهة الفوضى)، للكاتب (جيمس جيفري)، نشره (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، وكاتبه يسلط الضوء على حوار المنامة الذي نظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أواخر عام 2015، وحاولت أطرافه بعث رسالة مفادها أن “الأمور خطرة جدا لدرجة يتوجب علينا جميعا الاتحاد معا”، وذلك فيما يتعلق بالشرق الأوسط على وجه الخصوص، وقد عبر حضور هذا المحفل من المسؤولين عن قلقهم العميق من أوضاع المنطقة ، ولاسيما الوضع السوري، واختلاف وجهات النظر حول رحيل أو بقاء بشار الأسد، ومن القضايا المهمة الأخرى التي سلط عليها الضوء في المنامة التهديد الإرهابي لتنظيم “داعش” والقوى المتطرفة، والدور الروسي والإيراني في المنطقة، والوضع في فلسطين، وإصلاحات السيد العبادي في العراق.
المقال الثاني (تسريع الحملة: كيف نبني على التقدم المحرز ونتجنب أي جمود في الحرب ضد تنظيم “داعش”)، للكاتب (مايكل نايتس)، نشره (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى)، ويركز المقال على واقع القتال ضد تنظيم “داعش” على الأرض من خلال مشاهدات كاتبه الميدانية، حيث يظهر تفاؤله بمآل الحرب، لكنه يقترح تسريع وتيرة المعارك من خلال زيادة دعم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن للمقاتلين على الأرض وفي مواقع المواجهة القريبة، وفهم التحالف للعقلية العراقية، وتعديل قواعد الاشتباك الأمريكية لتغدو أكثر تأثيرا على “داعش”، وجمع الأطراف التي تحارب “داعش” في لقاءات تجعلهم على استعداد لما سماه الكاتب بـ” النجاح الكارثي” في حالة انهيار “داعش” السريع وغير المتوقع.
المقال الثالث (استراتيجية أوباما لمحاربة تنظيم “داعش” تتطلب المزيد من القوات على الأرض)، للكاتب (باول ميكلري)، نشرته (مجلة الفورين بوليسي)، والمقال يتحدث كاتبه عن توجه جديد داخل الإدارة الأمريكية لتوسيع مشاركة قواتها الجوية والبرية في الحملة ضد تنظيم “داعش” سواء في العراق أم في سوريا، وهو توجه صحيح حسب رأي الكاتب، لكنه يختم مقاله بالتساؤل عن موقف واشنطن في حال أقدمت روسيا على ضرب قوات سورية تدربها أو تدعمها واشنطن؟.
المقال الرابع (زيادة القوات الخاصة في العراق وسوريا: فائدة تكتيكية أم استراتيجية رمزية؟)، للكاتب (أنتوني كوردسمان)، نشره (مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية) الأمريكي، ويتحدث الكاتب مطولا عما يسمى بـ” قوة الاستهداف الاستطلاعية” المكونة من 100 عسكري أمريكي تم الإعلان عن إرسالهم إلى العراق، ويرى أن وجود هذه القوة بدون وجود استراتيجية أمريكية واضحة عازمة على النصر سيجعل وجودها رمزيا وأداة سياسية فحسب.