الكاتبة: دانييل بليتكا رئيسة دراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد امريكان انتربرايز
الناشر: معهد امريكان انتربرايز
٦/٢٠١٦
ترجمة: هبه عباس
عرض وتحليل: حسين باسم
مركز الدراسات الاستراتيجية/جامعة كربلاء
قسم الدراسات الدولية
إن مركز ثقلنا الافتراضي، قد أبتعد عن الالتزام بالحرية وتقاليد الرحمة، وتحول نحو الانعزالية والعداء والانانية والخوف، وهذا انتصار للارهاب والسلفية والعدو.
أستهلت الكاتبة مقالها بالإشارة الى ما كان يُخبِر به الرئيس باراك اوباما مرارا وتكرارا بأن تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” لا يمثل تهديداً وجوديا للولايات المتحدة، وهذا صحيح اذ لم تؤدي احداث اورلاندو التي اسفرت عن قتل ٤٩ شخصا واحداث ١١ سبتمبر التي اسفرت عنقتل ٣٠٠٠ شخص الى اسقاط أكبر نظام ديمقراطي في العالم، لكن ديمقراطيتنا تشبه تلك الموجودة في اوروبا، فهي ليست مجموعة من القوانين المدرجة على ورق بل مجموعة من القيم والتقاليد التي يتبعها اغلب الشعب الامريكي، غير أن هذه القيم معرضة للخطر.
وفي الواقع، هذا هو مركز ثقلنا الافتراضي، وقد أبتعد عن الالتزام بالحرية وتقاليد الرحمة، وتحول نحو الانعزالية والعداء والانانية والخوف، وهذا انتصار للارهاب والسلفية والعدو.
فيجب علينا قبل ارتكاب اخطاء لا تغتفر، بأن تتم معرفة متى اخر مرة تم الحديث خلاها عن التمييز على اساس الدين، ومتى اخر مرة ناقش فيها الامريكيين اعتقال الاشخاص على اساس الدين او العرق، ومتى كان الامريكيين غير مبالين بضحايا المجازر (وفي هذه النقطة الاخيرة، لكي نكون منصفين كان هناك لا مبالاة بمشاهدة البوسنيين والراونديين والسودانيين يتعرضون للذبح، لكن ايضا شعور بالذنب)، ومتى اخر مرة شنت فيها امتنا هجوما على المهاجرين الذين سرقوا سبل عيشنا واثروا في ثقافتنا.
بعض هذه المخاوف مشروعة ومبررة، فمن منا لا ينظر حوله في المطار ولايستغرب؟ لاسيما إذا اخذنا المملكة العربية السعودية كمثال بعد أن انفقت المليارات من اجل بناء المساجد والمدارس في جميع انحاء العالم وتشجيع التطرف الوهابي الذي يعد السمة المميزة لها، وقد استغل الارهابيين تدفق اللاجئين وتمكنو من الدخول الى اوروبا والولايات المتحدة بطرق مشروعة او ولدوا في الولايات المتحدة او فرنسا او بلجيكا او بريطانيا.
لن ينظر أحد الى عدد المعتقلين من أصل افريقي او اصل اسباني في السجون الامريكية ويقول ان هؤلاء الاشخاص يجب ان يعزلو ويتم التحقيق معهم، واذا لزم الامر جمعهم في مكان واحد لانه من الواضح انهم يشكلون تهديدا للسلامة العامة، وهذا يدعونا الى التساؤل عما اذا كانت هناك مشكلة وما هو الحل وكيف يمكننا ان نجعل الامور افضل؟ هذه هي الطريقة الامريكية.
أفضل اجابة على هذه التساؤلات هي العودة الى الرحمة والالتزام بالحرية التي تعتز بها امريكا، والتعامل مع التهديد في اي مكان لهزيمة العدو اينما وجد، وان الاشارة الى انتشار تنظيم القاعدة وحركة طالبان و”داعش” ليس نوع من المجاز او التلويح بالحرب، فعلى الرغم من تعرض ” داعش” لبعض النكسات، لكن تنظيم القاعدة وحركة طالبان في حالة نمو والولايات المتحدة في حالة ترقب وعدم اكتراث بالامر، لكن لديها رغبة ضئيلة للقيام بأعمال أكثر جدية تجاه هذه التهديدات في جميع انحاء اسيا وافريقيا والشرق الأوسط.
يرغب ترامب بالفوز لكن ليس لديه استراتيجية فعلية لمواجهة التهديدات بدلاً من منع المسلمين من الدخول الى الولايات المتحدة، لكن من جانبها، تُعّد هيلاري كلنتون أفضل منه بقليل، فعلى الرغم من عدم امتلاكها استراتيجية واضحة لكن لها حب غامض للمسلمين وهذا هو رد فعل على منافسيها، وان الامر الوحيد الذي يوحد انصارهما هو عدم الاكتراث بالتصعيد لشن حرب نشطة ضد اي من هذه الجماعات الارهابية. إذ أن إحدى المجموعتان تريد الجلوس داخل أمريكا وراء جدار والمجموعة الأخرى ببساطة تفضل الجلوس فحسب.
وتختتم الكاتبة مقالها بالقول، باختصار، لم تعُد الولايات المتحدة تقود العالم كما كانت لفترة طويلة، ولا يرغب الكثير من الامريكيين بذلك بغض النظر عن إتجاههم السياسي، ولا يرحبون بالمحتاجين وليس لديهم طريقة لمساعدتهم بأي شكل من الاشكال، الولايات المتحدة تتحول في السلوك لتعود الى شكل ترك ورائنا لفترة طويلة. فنحن نغلق حدودنا، نحن نتحول بوجه اشكال الشراكة الدولية من التجارة الى التحالفات العسكرية، كما نشاهد القيم التي تعد السمة المميزة لنا تتلاشى امام اعيننا، وان ترامب وكلنتون هما مثال على تلك القيم المتغيرة. ببساطة، إن العدو يغيرنا.
تحليل المركز:
لم تعد الولايات المتحدة اليوم وحيدة في مواجهة تهديدات وجودية، وإنما كافة اعضاء المجتمع الدولي يواجهون مثل هذه التهديدات بفارق نسبي. ان هذه التهديدات ناجمة عن العديد من التحديات المعاصرة كالتلوث البيئي والاحتباس الحراري وظاهرة الهجرة (الشرعية وغير الشريعة) وتنامي الجريمة المنظمة، وأبرز تلك التحديات المعاصرة هو ظاهرة الإرهاب. وبالفعل فقد أفرزت هذه التحديات بالترافق مع العولمة تأثيرات عميقة على المنظومة القيمية والأخلاقية لدى مختلف الشعوب وان كانت بتفاوت نسبي أيضا.
إن تفكير أي دولة ما بشكل منفرد ولاسيما الولايات المتحدة بقيادة العالم والهيمنة عليه أو التوجه نحو الإنعزال خلف الجدران، لن يجدي نفعا في التغلب على التحديات المعاصرة أو احتوائها بشكل منفرد. إذ أن تخطي التحديات آنفة الذكر وغيرها يستلزم تعاون أممي ومشاركة بين كافة أعضاء المجتمع الدولي من أجل تذليل تلك التحديات وتجفيف منابعها ولاسيما ظاهرة الإرهاب. وإن إعتماد سبل الرحمة والإلتزام بمبادئ الحرية والقبول بتحمل أعبائهما وتكاليفهما تُعدان من بين أهم سبل التعاون الجماعي لكافة أعضاء الأسرة الدولة.
https://www.aei.org/publication/the-existential-threat-of-islamist-extremism/