سعد محمد حسن الكندي
باحث في قسم الدراسات الدولية
مركز الدراسات الاستراتيجية/جامعة كربلاء
كانون الثاني/ 2017
اثار تعيين إيران للسيد إيرج مسجدي كسفير جديد لها في العراق تساؤلات عن سبب تعيين جنرال لهذا المنصب الحساس جداً لإيران؟ وعن دوره المستقبلي في العراق؟
تعتبر السفارة الإيرانية في بغداد ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للحرس الثوري الإيراني، وتعيين مسجدي سفيراً لإيران يأتي خلفاً لسفيرها الحالي حسن دنائي فر، وقد أشارت صحف إيرانية الى ان قرار تعيين مسجدي سفيراً لطهران في العراق جاء بناء على توافق بين الجنرال قاسم سليماني – “قائد فيلق القدس” الجناح العسكري للحرس الثوري الإيراني ووزير الخارجية الإيرانية – محمد جواد ظريف.
من هو إيرج مسجدي؟
لا توجد معلومات كثيرة عن إيرج مسجدي في وسائل الاعلام الإيرانية أو غيرها سوى أنه المستشار الاعلى للجنرال قاسم سليماني، لكن بعض المصادر كشفت ان العميد مسجدي هو المسؤول عن ملف العراق في الحرس الثوري الإيراني، ولعب دور المشرف على تأسيس بعض فصائل “الحشد الشعبي” في العراق، ويعد من أقدم قادة الحرس الثوري ومن أول قيادات “فليق القدس “, حيث كان يترأس “مقر رمضان” في الحرس الثوري الإيراني ابان حكم السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق (2006-2014). و”مقر رمضان” هو فرع العمليات الاستخبارية للحرس الثوري خارج إيران, ومختص بحرب الشوارع اذ تم أنشاؤه عام 1983.
وبحسب المعلومات المتوفرة يشرف السيد مسجدي حالياً على قيادة استشارية “للحشد الشعبي”, حيث يتلقى كل من السيد هادي العامري وابو مهدي المهندس الاستشارة بشكل مباشر منه وتربطهما به علاقة وثيقة، وقد عمل منذ عام 2014 في العراق كمشرف ومستشار على العمليات العسكرية ضد تنظيم “داعش” .
لماذا قرار تعيينه صدر قبل استلام ترامب مهامه؟
يرى البعض ان تعيين ايران لسفير بهذه المواصفات في العراق قبيل استلام إدارة ترامب مهامها في 20/ كانون الثاني جاء للحيلولة دون معارضة إدارة ترامب التعيين. اذ من المتوقع ان تعارض الإدارة الامريكية الجديدة التعيين لأسباب كثيرة منها ان السفير الجديد ربما كان يشرف على العمليات التي قامت بها فصائل عراقية معينة ضد القوات الامريكية وقوات التحالف خلال السنوات الماضية . ويربط البعض وفاة رفسنجاني هو احد هذه الاسباب لان السفير الحالي حسن دنائي ينتمي للتيار الاصلاحي بقيادة رفسنجاني, اما مسجدي فهو ينتمي للتيار المحافظ . كما يشير البعض ان مستقبل الملف النووي الايراني ورؤية الادارة الجديدة في الولايات المتحدة لهذا الملف دفع طهران لهذا القرار .وهناك مصادر ترى ان الولايات المتحدة الامريكية متخوفة من تنامي قوة الحشد الشعبي في العراق لذلك قامت ايران بتعيين السيد مسجدي ذو العلاقات الوثيقة مع قيادات الحشد الشعبي في العراق.
ردود الافعال على قرار التعيين؟
على المستوى الوطني العراقي، كشفت مصادر بأن مسؤولا في مكتب رئيس الوزراء العراقي قال ان المعلومات التي وصلت بغداد عبر ضباط في الحرس الثوري الايراني تؤكد ان السفير الجديد بمثابة سفير للمرشد الاعلى السيد علي خامنئي بالدرجة الاولى قبل ان يكون سفيراً لإيران .
ورأت كتلة الاحرار النيابية التابعة للتيار الصدري ان اختيار ايران سفيراً جديد لها في بغداد ينتمي ل”فيلق القدس” هو من شأنها ولكل بلد الحرية في اختيار الشخصية التي تمثله دبلوماسياً في البلد الاخر، وقال النائب عن الكتلة عواد العوادي ان “كل سفير عليه ان يلتزم بالضوابط والاعراف الدبلوماسية المبنية على احترام البلدان” لافتاً الى انه إذا كان هناك شيء يتعلق بالسفير الجديد فالخارجية العراقية ستكون مطلعة على ذلك. وبشأن دفع إيران بشخصية عسكرية الى العراق, قال النائب العوادي ان تواجد ايران في العراق عبر مستشاريها العسكريين بموافقة الحكومة العراقية والوضع الحساس الذي يمر به العراق والمنطقة قد يكون وراء هذا الاختيار .
اما تحالف القوى العراقية فقد رفض تناول خبر تسمية السيد مسجدي سفيراً في بغداد, الا ان أحد اعضائه اوضح ان تعيين مسجدي رسالة للدول العربية قبل ان تكون للعراقيين مضيفاً ان اغلب الكتل السياسية لا تريد معاداة السفير الجديد او اطلاق التصريحات ضده.
وقد عد عضو التحالف الكردستاني (حمة امين ) تعيين السيد مسجدي سفيرا في بغداد شأناً داخلياً.
وقال محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي ان تعيين مسجدي له مدلولات أبعد من مجرد العمل الدبلوماسي.
واوضح استاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين, عبد الواحد محمد ان تعيين مسجدي بمثابة مرحلة تنسيق وتوحيد جهود الخارجية الايرانية, والحرس الثوري الايراني في العراق.
اما على المستوى الاقليمي، فقد ابدت دول الخليج العربي استغرابها من قرار تعيين مسجدي سفيراً لطهران في بغداد, لأنه جنرال عسكري على حد قولهم. موجهة التهم للحكومة العراقية بالازدواجية , مبررين ذلك برفض الحكومة العراقية السيد السبهان السفير السابق للمملكة العربية السعودية في بغداد لأنه شخصية عسكرية.
ومهما كانت المواقف المحلية والدولية حول تعيين السفير الجديد الا ان هناك مجموعة من الامور التي يجب مراعاتها من الجميع:
– يجب ان لا يكون تعيين السيد مسجدي سفيراً سبباً في تأزم العلاقات العراقية الاقليمية, ولاسيما العلاقات مع الخليج العربي، فالعراق بحاجة الى بناء علاقات مع الجميع وعلى مختلف الاصعدة.
– مهما كان منصب السيد مسجدي وطبيعة عمله في السابق عليه ان يراعي العمل الدبلوماسي وطبيعة العلاقة بين طهران وبغداد واحترام مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للعراق , حتى لا يحسب على جهة معينة.
– على الدول الاقليمية, ولاسيما دول الخليج العربي ان تنظر الى السيد مسجدي كونه سفيرا سياسيا لطهران في بغداد وليس جنرالاً عسكرياً .