م.م. علي مراد العبادي
باحث في قسم ادارة الازمات
مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء
مايو-أيار 2017
مرت علينا قبل ايام الذكرى الثالثة لفتوى الجهاد الكفائي والتي اطلقتها المرجعية الدينية في النجف الأشرف عبر ممثلها الشيخ عبد المهدي الكر بلائي ومن على منبر خطبة الجمعة في كربلاء المقدسة ، وقد جاءت هذه الفتوى لدرء المخاطر المحدقة بالعراق ككل عقب سيطرة تنظيم داعش الارهابي على مدينة الموصل شمال العراق في العاشر من حزيران من العام 2014 ، وتمكنه من توسيع سيطرته على مدن ومحافظات عدة كمحافظة صلاح الدين وأجزاء شاسعة من محافظة ديالى والانبار وتهديده للعاصمة بغداد عبر سيطرته على مناطق عدة بما يعرف بحزام بغداد ، صاحب ذلك التقدم انهيار شبه تام للمنظومة العسكرية بمختلف صنوفها لأسباب عديدة منها الفساد السياسي والأمني والدعم الخارجي لبعض المجاميع الارهابية ، ضعف بالمنظومة السياسية كذلك ترك بعض القادة لمواقعهم العسكرية الى اخره من الاسباب .
في ظل هكذا ظروف حضر عنصر المفاجئة فلم يكن احد يتوقع صدور فتوى في الوقت الذي تدل المواريث الشيعية على صعوبة اعطاء فتوى الجهاد ما لم تمر بمراحل ومخاطر عدة لا سيما ان اخر تلك الفتاوى من رجال الدين الشيعة قبيل ثورة العشرين مع الاحتلال البريطاني لذلك عندما وصل الامر لحالة ألا عودة وسيادة الفوضى ووصول الخطر لحده الاقصى جاءت فتوى الجهاد الكفائي تنص على (المرجعية تحثكم على التحلي بالشجاعة والبسالة والثبات والصبر وإن من يضحي منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله وعرضه، فإنه يكون شهيداً إن شاء الله تعالى ، والمطلوب أن يحث الأبُّ ابنه والأمُّ ابنها والزوجة زوجها على الصمود والثبات دفاعاً عن حرمات هذا البلد ومواطنيه “. ووجهت المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح عليهم التطوع في صفوف القوات الامنية للدفاع عن الوطن والمقدسات.
فكانت الاستجابة سريعة جداً من ابناء الشعب العراقي عبر التوجه لمراكز التطوع المنتشرة في مدن الوسط والجنوب للالتحاق بصفوف القوات الامنية ، إلا ان في ذلك الوقت ونظراً للشروع بإعادة هيكلة القوات المنسحبة وحالة الارباك الحاصل وحالة نهاية مدة الحكومة وغيرها من المشاكل السياسية ومع اقتراب الخطر من بغداد ومدن الجنوب شرعت الفصائل المسلحة التابعة لبعض الاحزاب السياسية او من كانت تقاوم الوجود الامريكي والتي بعضها اكتسبت خبرة نتيجة لتواجدها في سوريا ، وأكثرها حصلت على دعم من الجانب الايراني ، وبعد ان استعادة القوات الامنية بعض قوتها شرعت لفتح ابواب التطوع في صفوفها فكانت النتيجة تكون قوتين الاولى القوات العسكرية بشتى صنوفها والتي ابتدأت تعيد الثقة بنفسها وقوات متكونة من مجاميع ومتطوعين عرفت باسم الحشد الشعبي والذي فيما بعد ضم الى صفوفه مقاتلين من مختلف المكونات حشد مسيحي وشيعي وعشائر سنية وأقليات وكثيراً منها انتظمت تحت مسمى هيئة الحشد الشعبي والتي صار لها قانون اقره البرلمان العراقي في نهاية عام 2016 ..
وشيئاً فشيئاً جرى استعادة اغلب المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم الارهابي وصولاً لمعركة الموصل والتي يتوقع خلال ايام ان يتم اعلان تحرير الجانب الايمن ليتسنى للقوات التوجه صوب الحويجة في كركوك اضافة الى مدن غرب الانبار و راوة وعانة والقائم ، وهذه المسيرة من الانتصارات لم تكن بالأمر السهل وإنما نتيجة لفتوى المرجعية واستجابة الشعب وتضحيات الالاف بأرواحهم وخسائر مادية كبيرة ، وبعد قرابة الثلاث سنوات على تلك الفتوى التي ساهمت في الحفاظ على العراق بمختلف اطيافه يشير بعض الباحثين لجملة تساؤلات منها هل نهاية الفتوى بتحرير اراضي العراق؟ وما هو مصير المقاتلين؟ كذلك من سوف يلتزم بتلك الفتوى بعد ان تألفت جيوش؟ وما هو مصير قانون هيئة الحشد الشعبي؟ وهذه المخاوف مشروعة بالنسبة للكثير خصوصاً أن هناك حوادث حصلت ادت للتصادم في بعض الاحيان بين فصائل في الحشد سواء مع بعضها او مع القوات الامنية او مع بعض العشائر السنية فكيف سيحل الامر بعد نهاية التنظيم خاصو وأنه لا يستبعد الدور السياسي للمقاتلين لا سيما أن هناك من دعى لتكوين حشد سياسي؟، ايضاً مدى التزام بعض قادة الحشد بتوجيهات رئاسة الوزراء؟ ومشكلة من يتواجد خارج منظومة الحشد وبنفس الوقت يقاتل تنظيم داعش؟، كما وان بعض الفصائل تقاتل في الاراضي السورية فكيف يمكن التعامل معها؟ كذلك كيفية احتواء الحشد السني؟
هذه المخاوف تزداد مع اقتراب موعد انهاء تواجد عناصر التنظيم، لكن البعض يبدد تلك المخاوف عبر وجود ضوابط تنظم عمل والية انتشار قوات الحشد لا سيما بعد تحولها لقوات رسمية، وبالنسبة لمن هم خارج المنظومة فربما يتم دمجهم ضمن تشكيلات الحشد او نزع السلاح وعودتهم للعمل المدني، ولا يستبعد صدور فتوى من المرجعية تطالب بدمجهم او تسوية امورهم، كما ويوجد توجه حكومي لزيادة الاعتماد على قوات محلية موثوقة من ابناء المناطق السنية لمسك أراضيهم المحررة.