دلالات انبعاث داعش

      التعليقات على دلالات انبعاث داعش مغلقة

الكاتب: م. مؤيد جبار حسن

مركز الدراسات الاستراتيجية / جامعة كربلاء/3-5-2020

 

عندما علت اصوات الاحتفال بالنصر على تنظيم داعش الارهابي عقب هزيمته في معركة استعادة الموصل وباقي المناطق التي احتلها ، كانت هناك اصوات تنادي بالمزيد من الحذر وان الوقت لا زال مبكرا للتراخي والاطمئنان ، فالفكر الذي انجب التطرف والغلو لا زال نشطا ، وهو كالجمر تحت الرماد .

ان المعارك السابقة التي دارت بين القوات الامنية والفصائل المنضوية تحت لوائها والمقاتلين من داعش الارهابي ، والتي انتهت بتقهقر الاخير مع سياسة الارض المحروقة، انتجت العديد من الوقائع على الارض :

  1. تم استعادة المدن ، رغم دمارها الشديد وفرار اهلها ، لكن لم يتم استعادة الاحساس بالامن والامان والشعور بالمواطن والمواطنة والاتعاض من تجارب الماضي المرير.
  2. كل الاطراف التي شاركت في التحرير ، وان وحدتها فكرة مقاومة العدو المتطرف، فقد فرقتها الاجندات المختلفة ، حتى ان بعضها اصبحت تتفاخر بانها من جاءت بالنصر دون الاخرين .
  3. التوتر الطائفي لازال في المناطق المحررة ، فهي بالتالي يسكنها مكون معين والقوات التي تمسك الارض من مكون اخر ، في اغلب الاحيان ، وهذا يعيدنا الى المربع الاول.
  4. هناك مناطق معينة ، تمركزت فيها فصائل وقوى بعينها ، وكأنها أصبحت ملكا لها ، وليس للاجهزة الحكومية القدرة على الولوج اليها ، وكأنها لم تعد ارضا عراقية ، حتى القوات الامريكية اتخذت ذات التصرف ، رغم انه يطعن بالسيادة العراقية ويضعفها .

الهجمات الداعشية الاخيرة بنظر الكاتب لا تستهدف الشعب العراقي بالذات ، رغم ان ضحاياها منهم، لكنها مجرد رسائل دموية متبادلة بين القوى التي تتصارع على حكم العراق او السيطرة على اوصاله . فالجانب الامريكي والايراني والسعودي والتركي هم ابرز الفاعلين الدوليين ، ولكل منهم رؤى تجاه تجدد ظهور داعش ، ربما تتوافق او تختلف ، كل حسب مصالحه الاستراتيجية قريبة وبعيدة المدى في العراق . فالولايات المتحدة لا تريد الانسحاب من العراق، صفر اليدين ، وخلق فجوة في ميزان القوى في منطقة الشرق الاوسط قد تستغلها طهران ، وهذه الاخيرة تعاني من عقوبات اقتصادية وتفشي فايروس كورونا لذا ترى في العراق المساحة الخضراء المتوفرة التي من شأنها انتشال الجانب الايراني من الوضع الذي هو فيه، كما ان تركيا والسعودية ترى في العراق الضعيف فرصة مؤاتية للتمدد الاستراتيجي لكسب الكثير من الانجازات السياسية والاقتصادية والعقائدية .

وسواء كان انبعاث داعش مؤامرة دولية او تطور طبيعي للاحداث ، فان العراق حاليا في وضع اضعف ما يكون فيه لمواجهة تحديات جديدة، فالحكومة مستقيلة ولا اتفاق على بديل مؤكد، والازمة المالية بفعل انخفاض اسعار النفط تهدد العراقيين بمصدر قوتهم، بالاضافة الى مخاطر انتشار وباء كورونا مع ضعف او انعدام الاستعدادات الصحية لمواجهته. كل هذه السلبيات تصب في صالح نجاح غاية وهدف من ايقظ الارهاب من جديد، ولله الامر من قبل ومن بعد.