مجلس الشورى ودوره السياسي في إيران

      التعليقات على مجلس الشورى ودوره السياسي في إيران مغلقة

 

 

م. م. تمارا كاظم الأسدي

باحثة متخصصة في الشؤون الدولية

مما لاشك فيه أن عملية صنع القرار في السياسة الخارجية لأية دولة مهما كانت صغيرة أو كبيرة ذات تفاعلات إقليمية أو دولية مؤثره هي عملية ليس من السهولة إدراكها بل أنها عملية معقدة ومتشابكة تتداخل فيها العوامل الداخلية  والخارجية، فالسياسة الخارجية هي عبارة عن سلوك عمل مؤسسات قائمة لتلك الدولة ، أما إيران كدولة لا تخرج عن هذا التصنيف ،إذ تضم مجموعة من الهياكل ومن أهمها مجلس الشورى الإسلامي التي يكون لها دور رئيس ومحوري وفاعل في رسم السياسة الخارجية وتوجيهها الوجهة المثالية بما يتلائم مع المصالح والأهداف العليا للدولة .

فمجلس الشورى الإسلامي وهو المشرع الأساسي للقوانين يتكون من (290) عضو ينتخبهم الشعب انتخاباً مباشراً لمدة أربعة سنوات ويضم المجلس في عضويته ممثلين عن الأقليات الدينية ولا يتمتع أعضاء المجلس بحصانة قضائية إلا فيما يتعلق بحرية النائب في إبداء رأيه في القضايا التي تطرح المناقشة في المجلس.

وبعد اجراء الانتخابات تصبح جلسات مجلس الشورى الإسلامي رسمية بحضور ثلثي عدد النواب، وتتم المصادقة على المشاريع واللوائح القانونية وفق النظام الداخلي المصادق عليه من قبل المجلس باستثناء الحالات التي يعين الدستور نصاباً خاصاً لها، وتشترط موافقة ثلثي الحاضرين للمصادقة على النظام الداخلي للمجلس، وطريقة انتخاب ومدة دورة عمل كل من رئيس المجلس وهيئة الرئاسة وعدد اللجان والشؤون المرتبطة بمناقشات المجلس كل ذلك يحدد بواسطة النظام الداخلي للمجلس، فضلاً عن مناقشات مجلس الشورى الإسلامي يجب أن تكون علنية وينشر التقرير الكامل عنها عن طريق الإذاعة والجريدة الرسمية لاطلاع الرأي العام، ويمكن عقد جلسة غير علنية إذا دعت ضمن الحدود المقررة في الدستور.

أما أهم صلاحيات المجلس التي تساهم وتؤثر في السياسة الخارجية الايرانية هي ما يأتي:-

1- المصادقة على المواثيق والعقود والمعاهدات والاتفاقيات الدولية الخارجية.

2- المصادقة على عمليات الاقتراض والإقراض أو منح المساعدات داخل البلاد وخارجها التي تجريها الحكومة.

3- عدم الموافقة على منح الحق للأجانب في تأسيس الشركات والمؤسسات.

4- المصادقة على توظيف الخبراء الأجانب الذين تطلبهم الحكومة في الحالات الاستثنائية والضرورة.

5- لا يحق لمجلس الشورى أن يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للبلاد أو المغايرة للدستور.

6- شرح القوانين العادية وتفسيرها يعتبران من صلاحيات مجلس الشورى الإسلامي، ومفهوم هذه المادة لا يمنع القضاة من تفسير القوانين في نطاق تشخيص الحق.

7-  يحظر فرض الاحكام العرفية وفي حالات الحرب والظروف الاضطرارية المشابهة يحق للحكومة بعد مصادقة مجلس الشورى الإسلامي أن تفرض مؤقتا بعض القيود على أن لا تستمر مطلقاً أكثر من ثلاثين يوماً.

8- يتمتع أعضاء المجلس جميعاً بالحرية في ابداء ارائهم في نطاق مسؤولياتهم النيابية.

والحقيقة أن العمل البرلماني في ايران اتسم على مدى العشرين سنة الماضية بعدم الثبات على خط مستقر من الممارسة النيابية وذلك لسببين هما:-

الأول: أن توجهات المجلس وممارساته ترتسم وفقاً لطبيعة التيار السياسي الغالب على مقاعده. ففي الثمانينات سيطرت اغلبية اليسار بزعامة (اية الله مهدي كروبى) الذي رأس مجلس الشورى، بينما سيطر اليمين المتشدد على المجلس بعدها بزعامة (علي أكبر ناطق نورى). ومن ثم يمكن القول أن الانتماء السياسي يعد محدداً رئيساً لتوجهات واعمال مجلس الشورى الإسلامي.

الثاني: أن مجلس صيانة الدستور يمثل سلطة رقابية حاكمة على أعمال المجلس وممارساته، بل أن المبدأ الثالث والتسعين قد أكد على أن ” لا مشروعية لمجلس الشورى الإسلامي دون وجود مجلس صيانة الدستور”.

وانطلاقاً من ذلك يتمتع مجلس الشورى الإسلامي بمكانة بالغة الأهمية في النظام الإسلامي بوصفه سلطة تشريعية له ، فقد أعدّ المرشد الاعلى  علي خامنئي مجلس الشورى ممثلا” للشعب فأصوات الشعب هي التي تعطي المشروعية لأي موقع في السلطة وهي التي تحصن الخيار الفكري والسياسي للدولة وهي التي تحمي قيام واستمرارية الجمهورية الإسلامية فأنظمتها تعنيه ونتائج حكمة تعنيه.

فلمجلس الشورى مكانة مرموقة في النظام السياسي الإيراني فهو الممثل لآراء ومطالب الشعب ودوره الأساسي والمصيري في توجيه النظام السياسي الإيراني وتحديد سلوكه العام إذن المجلس يعدّ في الحقيقة احد أعظم واهم المعابر التي يسير من خلالها النظام السياسي نحو الأهداف المنشودة.

وفي الختام فإن مجلس الشورى الإسلامي من حيث القوة يمثل الضلع الثالث في مثلث السلطة والنظام في إيران، ومن خلال ما تقدم يظهر الدور الكبير الذي يمارسه هذا المجلس في تحديد السياسات العامة للبلاد ومن ضمنها السياسة الخارجية لإيران، دوراً بارزاً في السياسة الخارجية لإيران من خلال اتخاذ القرارات المتعلقة بمناهضة قوى الاستكبار ومناوئتها ودعم جبهة المستضعفين وخصوصاً القضايا المتعلقة بفلسطين، الأمر الذي ابرز الدور الكبير الذي مارسه المجلس في السياسة الخارجية الإيرانية.

 

 

 

المصادر:

  • دستور جمهورية إيران الإسلامية، ،منشورات مؤسسة الإسلام الأصيل، العراق، النجف الأشرف، ب ت.
  • سعيد الصباغ، مدخل إلى السياسة الخارجية لجمهورية إيران، تقديم: صعيد الصباغ، موقع كتب عربية، ب.ت.
  • السيد الخامنئي، خطاب الولي 2011:مجموعة خطب ومقالات الإمام الخامنئي الكاملة، اصدارات مركز نون، مطبعة الحرف العربي، بيروت- لبنان ،ط1، 2012.
  • الشيخ نعيم قاسم ،الإمام الخميني :الاصالة والتجديد، دار المحجة البيضاء، بيروت- لبنان، ط1، 2012.
  • عباس نور الدين، القائد ألخامنئي قيادة المشروع الكبير من الدولة إلى الأمة، مركز باء للدراسات، بيروت-لبنان، ط1، 2012.
  • عيسى يحياوي، النظام السياسي الإيراني بين المحددات الداخلية والضغوطات الخارجية 1997-2011، رسالة ماجستير غير منشورة، قسم العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد الصديق بين يحيى-جيجل-، 2013.
  • محمد صادق إسماعيل، من الشاه إلى نجاد إيران إلى اين، العربي للنشر والتوزيع، ب.ت.
  • نيفين عبد المنعم، صنع القرار في إيران والعلاقات العربية الإيرانية، مركز دراسات الوحدة العربية،بيروت-لبنان،2002.