ابعاد تفجيرات بغداد الاخيرة

      التعليقات على ابعاد تفجيرات بغداد الاخيرة مغلقة

 

م. علي مراد النصراوي / مركز الدراسات الاستراتيجية / قسم ادارة الازمات

شهدت العاصمة بغداد صباح يوم الخميس الموافق 21 / 1 / 2021 تفجيراً انتحاريا مزدوجاَ  في ساحة الطيران المكتظة بحركة الناس لاسيما وانها تعد مركزاً لتجمع الباعة ممن يعتاشون على قوتهم اليومي عبر بيع وشراء المواد المستعملة ، هذا وقد افادت المصادر الرسمية بأن الانفجار خلف أكثر من 100 شخص ما بين شهيد وجريح ،  وتأتي هذه التفجيرات في ظل تجاذب وتشاحن سياسي على اثر تأجيل الانتخابات النيابية المبكرة التي كانت مقررة في شهر حزيران من العام الجاري والتي جرى تأجيلها لشهر تشرين من العام نفسه ، اضافة الى ان التفجير لم يكن الاول في هذا العام ، فقد  حدثت مجموعة من الهجمات في مناطق شمال محافظة بابل وبالتحديد ضمن قاطع جرف النصر تفجيرات استهدفت خطوط امداد نقل الطاقة الكهربائية ، اضافة الى تفجير عبوات ناسفة في محافظة ديالى شرق العراق ، كذلك حدوث تفجير استهدف عجلة تابع للجيش العراقي في منطقة الرطبة غرب العراق ، والسؤال هنا ما هي الابعاد والرسالة من وراء هذه التفجيرات وهل للعامل السياسي دور فيها وما هي مناطق الرخوة الامنية ؟

ما بعد سيطرة القوات الامنية على مجمل الاراضي التي كانت قد احتلت من قبل تنظيم داعش الارهابي وبسط النفوذ عليها نهاية عام 2017 ، كانت تظهر بين حين واخر جيوب تتبع التنظيم تشن هجمات محدودة جداً مع تراجع قدرة التنظيم الارهابي على اعادة ترتيب اوراقه لاسيما وان خسارة ارض التمكين قد افقدته الزخم المادي والمعنوي بشكل كبير ، لذلك لجأ التنظيم نحو بعض المناطق الهامشية في البادية السورية وبعض المناطق العراقية التي توصف بالرخوة الامنية عبر خلايا نائمة بعدد اقل بكثير ومحدودية بالحركة في ظل فقدانه عنصر التواصل والحاضنة الشعبية ، الا ان التنظيم الارهابي كان قد شن مجموعة من العمليات التي يغلب عليها طابع الظهور بمعنى كان يحاول ايصال رسالة للخارج اكثر من الداخل بأننا لانزال موجودين فتراه يشن هجمات مسلحة في مناطق حوض حمرين وجبال مكحول وطريق العظيم كركوك اضافة لمناطق المخيسة في ديالى وجزيرة سامراء وبيجي والطارمية ، أما عن هل للازمة السياسية وتأجيل الانتخابات دوراَ في ذلك بطبيعة الحال اي توتر سياسي يولد فراغ امني قد يستغل من التنظيمات الارهابية او بطريقة اوضح عندما تجد التنظيمات الارهابية مشكلة سياسية تلجأ لتنفيذ عملية قد تكون نوعية لإبراز قوتها واثارة الرأي العام ، والا قد يكون الاعداد للتفجير الاخير ربما استغرق شهر او أكثر من حيث تجنيد الانتحاريين او ادخالهم للعراق ومن ثم ايوائهم بمكان امن وتجميع مواد التفجير واختيار الوقت والمكان المناسب كما وان اختيار اسهل الاهداف واكثر الضحايا يقع ضمن اثارة الرأي العام واستعراض للقوة الهدف منه اثبات الوجود .

في ظل ما تقدم لابد للحكومة العراقية اعادة هيكلة الخطط الامنية غير التقليدية والبدء بفرض السيطرة على مناطق الخلايا النائمة والتي هي معروفة لدى الاجهزة المختصة ، بالإضافة الى العمل على تكثيف الجهد الاستخباري والاعتماد على العنصر المحلي بنقل المعلومة والتحري عنها بكل دقة ، ومراقبة الحدود بشكل أكثر حرفية خصوصاً مع الجانب السوري لاسيما وانها حدود طويلة وتشهد تداخل في أجزاء منها مع وجود مناطق تخضع لمجاميع سورية مسلحة .