زيارة الاربعين والسياحة الدينية

      التعليقات على زيارة الاربعين والسياحة الدينية مغلقة

د. فراس حسين علي الصفار

باحث في قسم ادارة الازمات

مركز الدراسات الاستراتيجية – جامعة كربلاء

30 ايلول 2021

تكتسب السياحة أهمية كبيرة لمساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني نتيجة لما تحققه من موارد مالية تساهم في عملية التنمية، كما تساهم في زيادة فرص العمل لقدرتها على استيعاب إعداد كبيرة من القوى العاملة ومن مختلف المستويات في الأنشطة السياحية المتعددة والمتشعبة والتي تشمل الفنادق والمطاعم وأماكن الراحة والأسواق التجارية والصناعات الشعبية وتعمل الموارد المالية المتحققة من السياحة على خلق التوازن في ميزان المدفوعات الأمر الذي يبرر حصولها على المساعدات المختلفة لتنميتها. ويمتلك العراق عدداً من الإمكانات السياحية التي تؤهله لأن يكون بلداً سياحياً مهماً بسبب تنوع الإمكانات السياحية فيه.

كما تؤدي العوامل الدينية دوراً مهماً في تنشيط القطاع السياحي، لاسيما المناطق التي تكثر فيها الرموز والمعالم الدينية التي يُتخذ منها طقوس وعبادات دينية تسهم في زيادة جذب السكان نحوها، إذ نعلم بأن أغلب المدن التي نمت وتطورت كانت بداياتها تعود لأسباب دينية كما هو معروف في مكة المكرمة والمدينة المنورة والقدس الشريف والنجف الأشرف وكربلاء المقدسة والروضة الكاظمية المطهرة والمشهد الرضوي الشريف وقم المقدسة في ايران وغيرها من المدن الأخرى، إذ أصبحت هذه الأماكن نقاط جذب تؤثر في استقطاب أعداداً كبيرة من السكان، وبهذا أصبح العامل الديني أحد العوامل المساعدة على النمو الحضري ونمو المدن، لذا أصبحت الحاجة ماسة إلى بناء الخدمات المتعلقة بسكان هذه المدن والتوسع بها، ومنها الترفيهية، والسياحية ذات المغزى الديني التي تتمثل بالسياحة الدينية، التي يقوم من خلالها بزيارة بعض الأماكن للتبرك أو الحج أو أداء واجب ديني أو للتعرف على التراث الديني للدولة وغريها من الطقوس الدينية الأخرى.

تعد السياحة الدينية السلوك البشري الذي يتمثل بحركة الأفراد من أماكن تواجدهم التي تعد نقطة الانطلاق إلى أماكن الوصول، لذا فهي ظاهرة قديمة وبالتالي من الصعب تحديد البداية الحقيقية لها وقد أخذت تتبلور كمفهوم ونشاط اقتصادي، وظاهرة اجتماعية مع بداية عصر النهضة، ويتوقع لها النمو والازدهار في المستقبل لتصبح أكبر صناعة عامليا لاسيما من حيث رأس المال المستثمر والاًيدي العاملة. وتكتسب تنمية السياحة أهمية خاصة من خلال تدفق رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في المشاريع السياحية، عبر العناية بالمرافق السياحية في مناطق البلاد المختلفة

وتعتبر مدينة كربلاء مقصدا” رئيسا” للزيارة الدينية يقدم اليها ملايين الزائرون من داخل العراق وخارجه لذا تصبح مرتكزا اساسيا للسياحة الدينية في العراق ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال بعض مؤشرات الفنادق في كربلاء .

بعض مؤشرات الفنادق في كربلاء نسبة الى مجموع العراق لعام 2018

تالفقرةالنسبة من مجموع العراق
1عدد الفنادق44.9%
2عدد المشتغلين في الفنادق37.9%
3مجموع الاجور والمزايا المدفوعة33.9%
4مجموع الايردات34.3%
5المصروفات35.4%
6عدد النزلاء31.7%

المصدر : وزارة التخطيط/الجهاز المركزي للاحصاء/ مســـح الفنادق ومجمعات الإیواء السياحي لسنـــة 2018 ص 2-4

تعد زيارة الامام الحسين بن علي سبط النبي محمد (صل الله عليه وال وسلم) في العشيرين من شهر صفر في التقويم الهجري واحدة من اهم الزيارات الدينية للعراقيين والعرب والاجانب لما لها من معاني ومعتقدات روحية وعقائدية وتبرز اهمية الزيارة من ناحية شخصية الامام الحسين (عليه السلام ) ومواقفه العظيمة ضد الظلم والعبودية وفساد الحاكم التي ادت لاستشهاده مع ما يقرب ل72 شخص من اهل بيته واصحابه الابرار في واقعة الطف الاليمة عام 680 (61 للهجرة)، وهو اليوم الذي قدم فيه الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري، إلى كربلاء لزيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام، وكان أول من زار قبر الإمام الحسين من الناس، كما صادف رجوع سبايا آل البيت، من الشام إلى كربلاء. وعادت معهم الرؤوس المقطوعة لأهل البيت عليهم السلام، ومن معهم إلى أجسادهم الطاهرة، في كربلاء.

من هنا بدأت زيارة الأربعين، اذ يعد السير على الاقدام أشبه بمواساة لأهل بيت الامام الحسين (عليه السلام) الذين ساروا لمسافات طويلة بعد عودتهم من الشام. بعد واقعة الطف، اذ سبيت زينب أخت الحسين ومن كان معها من أصحابه وأفراد عائلته وأولاده. وفي طريق عودتهم إلى المدينة، مررن بكربلاء لزيارة قبر الامام الحسين (عليه السلام) .اذ يقدر عدد الزائرين لهذا العام بـ 16 مليون زائر حسب ما اعلنته العتبة العباسية المقدسة في بيان رسمي لها، ان ما يميز هذه الزيارة عن الزيارات الدينية لمختلف الاديان في دول العالم وليس المسلمين فحسب انها لا تهتم كثيراً بالسياحة الدينية ، اي لا يبحث اغلب العراقيين عن الارباح الاقتصادية  فتراه ينفق الاموال بشكل سخي لتلبية احتياجات الزائرين غير مكترث بما يمكن تحقيقه من منافع مادية نتيجة اعداد الزائرين القادمين لتأدية الزيارة ، اذ تلاحظ بشكل واسع تجمعات يطلق عليها اسم المواكب الحسينية من مختلف المحافظات تقوم بتوزيع الطعام والشراب على الزائرين بشكل مجاني وبمختلف الاوقات فضلاً عن الوجبات الاساسية الثلاثة اليومية . وتوفير مساكن خاصة للنوم والاستراحة وبشكل مختلف عن جميع الزيارات والتجمعات الدينية المختلفة. ويركز المشاركين في احياء ذكرى الاربعين على خدمة الزائرين باي وسيلة ممكنة وتقديم افضل الخدمات للزائرين بغض النظر عن النفقات المادية والجهد الجسدي الذي يقدمه يبغون بذلك المنافع المعنوية الروحية المستوحاة من فكر الامام الحسين (عليه السلام) وحث الائمة الاطهار على المواظبة على زيارة الامام الحسين والاقتداء بسيرته ونهجه الاصلاحي وهو ما استمر عليه المشاركون منذ زيارة الصحابي الجليل جابر الانصار لغاية وقتنا الحالي.