الخلل في العراق سينتهي بثورة

      التعليقات على الخلل في العراق سينتهي بثورة مغلقة

الكاتب :مايكل روبن

الناشر: aei.org

ترجمة :هبه عباس محمد علي

٢٢كانون الأول ٢٠٢١

عرض و تحليل: م. علي مراد النصراوي

 

في الأول من تشرين الأول عام ٢٠١٩، تظاهر الشباب العراقي ضد الفساد وسوء الإدارة الحكومية، وانعدام الخدمات وسوء الخدمات، لكن التظاهرات تم مواجهتها بمختلف الاساليب، مما أدى إلى وقوع قرابة الـ (700) ضحية من المدنيين، كذلك وقوع ضحايا من القوات الأمنية. وقد اتهم المتظاهرون الأجهزة الأمنية، التي نفت تلك التهم وعزتها لطرف ثالث حسب تعبير الحكومة، الأمر الذي أدى إلى تصاعد حدة الغضب الشعبي، الذي نتج عنه استقالة رئيس الوزراء.

وبعدها اتفق القادة السياسيون العراقيون على اختيار مصطفى الكاظمي، الباحث والحقوقي السابق، والصحفي الذي عينه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، لقيادة جهاز المخابرات الوطنية العراقية عام ٢٠١٦ على خلفية القتال ضد “داعش”. بالنسبة للنخبة السياسية كان الكاظمي خياراً جيداً، إذ يتسم بالنزاهة في ظل نظام يسوده الفساد، وتربطه علاقات جيدة مع الجميع، “من آية الله السيد علي السيستاني إلى الزعيم الكردي مسعود البارزاني”، واثبت كفاءته في عمله كرئيس لجهاز المخابرات الوطني العراقي، على الرغم من أنَّ البعض أشار إلى بعض نقاط الضعف، أهمها: عدم انتمائه لحزب، ولايوجد من يمثله داخل البرلمان.

تمثلت مهام حكومة الكاظمي في إنهاء الخلل الوظيفي، وتحقيق الإصلاحات الأساسية، واجراء انتخابات جديدة مبكرة، لكن بعد مرور عام ونصف على حكمه، لم يتم تحقيق جميع الإصلاحات التي وعد بها. كان على الكاظمي أن لا يضعف، حتى في حال عدم وجود من يمثله داخل البرلمان، لأنَّ توليه للمنصب جاء في مرحلة حرجة من تاريخ العراق، تشعر فيها النخبة السياسية التقليدية بالخوف من الاحتجاجات، ويعده العراقيون أملهم الأخير، الامور التي كان عليه استثمارها وتلبية طموح الشعب وتحقيق الخدمات. لأنَّ تحقيق الإصلاحات من الممكن أن يثير عداء الزعماء السياسيين، الذين يحتاج دعمهم من أجل البقاء في منصبه بعد الانتخابات، إلا إنّ الامر يبدو مختلفاً لاسيما مع وجود ملاحظات أثارت غضب الشعب، كما هو حال منح المسؤولين مكافآت تمثلت بقطع أراضٍ تقدر بالملايين. قد يقدر البيت الأبيض ومجتمع المخابرات وَعد الكاظمي بالحد من المجاميع خارج الدولة، وبدلاً من تصحيح أخطاء عبد المهدي، اعدّت حكومة الكاظمي الورقة البيضاء، التي تضمنت (٦٤) مشروعًا اصلاحيًا، يعول فيها على ارتفاع أسعار النفط، فبحلول عام ٢٠٢٥ سيصبح عدد السكان أكثر من (٤٥) مليونا، و يتجاوز الـ (٥٠) مليونا بحلول نهاية العقد، ولا يوجد حتى الآن صندوق حقيقي للثروة السيادية، وسوف ينهار النظام اذا انخفضت أسعار النفط الى (٣٠) دولارا للبرميل. على سبيل المثال مع انخفاض عدد سكان الصين والنمو الاقتصادي الناجم عن العائد الديموغرافي، قد تعتمد بكين أيضًا على التكسير الهيدروليكي (لاستخراج النفط)، ومصادر الطاقة المحلية الأخرى، الامر الذي يقوي استخدام مصادر الطاقة البديلة، ويقلل من استخدام الطاقة التي كان العراق وجيرانه يتمتعون بها ذات يوم. ونلاحظ سعي الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر بتنويع اقتصاداتها؛ فيما يضل العراق لحد الان دون أي سياسة اقتصادية رصينة ذات بعد استراتيجي حقيقي.

كانت أحداث تشرين بمنزلة تحذير، وكان المتظاهرون مستعدين لإعطاء السياسيين فرصة أخرى للإصلاح، عندما يصبح عدد سكان العراق (٥٠) مليون نسمة، ويخرج الشباب العراقي للتظاهر مرة أخرى، حينها لن يعدّوا المشكلة في شخص رئيس الوزراء بل في النظام بأكمله، وستكون الثورة القادمة عنيفة، ولن تفرق بين الأحزاب، وتؤدي إلى أزمة هجرة على غرار ماواجهه الحكام في كردستان العراق، وتطيح بالقادة السياسيين، ويمكن للبيت الأبيض متمثلاً بالرئيس بايدن أن يتعامل مع السياسة العراقية، كلعبة الكراسي، لكن ليست لديه رؤية واضحة للوضع الحالي.

 

 

تحليل :

تعد تظاهرات تشرين متغيرًا كبيرًا في واقع العملية السياسية، لاسيما أنّها كانت شاملة جامعة في بداية انطلاقها، وقد طالبت بمجموعة مطالب تحقق أغلبها، كالقانون الانتخابي الجديد والانتخابات المبكرة التي جرت في 10/10/2021، والتي أثارت نتائجها جملة من الاعتراضات، لاسيما من القوى التي تراجع نفوذها وتمثيلها عن الانتخابات السابقة، لذلك فإنَّ القوى السياسية التي ستشكل الحكومة القادمة، تحتاج أن تدرك الخطر المحدق في حالة الاخفاق في تلبية متطلبات الشعب، ومحاربة الفساد، ومعالجة الاخفاقات، وترتيب الاوراق الداخلية، واعادة مكانة العراق لمحيطه العربي والاقليمي، وضبط السلاح خارج الدولة، بما يتناسب وطبيعة المرحلة، وأن يعمل مجلس النواب الجديد على تفعيل دوره الرقابي والتشريعي، لاسيما مع تَشكُّل معارضة تقويمية داخل البرلمان، الأمر الذي سيَهُم بتصحيح المسار.

 

https://www.aei.org/op-eds/iraqs-dysfunction-will-end-in-revolution/