عملية طوفان الأقصى وأبعادها الداخلية والخارجية

      التعليقات على عملية طوفان الأقصى وأبعادها الداخلية والخارجية مغلقة

أ.م. علي مراد النصراوي / قسم إدارة الأزمات
في إطار الصراع المستمر منذ عقود ما بين الكيان الاسرائيلي والفلسطينيين، والذي كان يقتصر على قواعد اشتباك معروفة، يلجأ إليها الطرفان مع فارق الهدف والأسلحة، فالمقاومة الفلسطينية دائماً ما كانت ترد على الاعتداءات الإسرائيلية عبر استهداف المستوطنات برشقات صواريخ، ومن ثمَّ تعترض القبة الحديدية مجموعة منها، ويسقط بعضها في مختلف الأماكن من الأراضي المحتلة، وتعمل اسرائيل على استهداف مكثف لقادة الفصائل والأبنية والأبراج السكنية والمدنيين، ومحاصرة قطاع غزة وقطع الكهرباء والوقود، ومنع وصول الجرحى للمستشفيات، ومن ثم تدخل أطراف دولية ومحلية ويجري الإعلان عن هدنة، أمّا ما حصل في 7/10/2023 في عملية طوفان الاقصى فقد حقق مفاجأة للأصدقاء قبل الأعداء، وأهم ما ميز هذه العملية هو عنصر المباغتة والسرعة والسرّية، وهذه الأمور تدل على عمق التخطيط ودقة التنفيذ، إذ جرى استهداف المستوطنات بأكثر من خمسة آلاف صاروخ، ومن ثم اقتحام مستوطنات غلاف غزة من قبل كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، عبر هجوم شراعي جوي وبري بعد إزالة الحواجز الحدودية، وأسر عدد كبير من الجنود الاسرائيليين واقتيادهم إلى داخل غزة، والسيطرة على أكثر من (23) موقعًا عسكريًا على طول الشريط الحدودي، فضلا عن أكثر من سبع مستوطنات دخلتها المقاومة، فيما ردت اسرائيل باستهداف أكبر برج سكني داخل قطاع غزة، فضلا عن عدة أهداف راح ضحيتها العديد من المدنيين، كما أنَّ هذه المعركة لأول مرة تجري داخل الأراضي المحتلة، وبطبيعة الحال تصاعدت حدة التهديدات الاسرائيلية بالانتقام والثأر، وعن نيته شنَّ عملية عسكرية برية لاجتاح غزة.
أمّا عن الأبعاد الدولية فربما المجتمع الدولي لا يسعى إلى الشروع في حرب جديدة، ولاسيما أنَّ الحرب الروسية الأوكرانية قد أخذت الكثير، وألقت بأثرها على الولايات المتحدة ودول أوربا وبقية العالم، لذلك الولايات المتحدة قد لا تسعى إلى فتح جبهة جديدة، لاسيما أنَّ الجبهة الشمالية هي الأخطر، إذا ما دخل حزب الله على خط المواجهة، لاسيما أنَّ الحزب قد أجرى مناورات عدة حاكى فيها اقتحام المستوطنات، كما أنَّ الجبهة الداخلية الاسرائيلية هي في حيرة من أمرها، وكل طرف يحمل الآخر مسؤولية الفشل الاستخباري والعسكري وحتى السياسي، كما أنَّ العملية البرية تحتاج للاستعداد والتخطيط، لاسيما أنَّ غزة تحتوي على شبكة انفاق كبيرة يناور بها المقاومون، فضلا عن ذلك وجود أسرى لدى فصائل المقاومة، وهو ما يصعب الموقف، وبالوقت ذاته هي ورقة رابحة لأي هدنة أو تبادل للأسرى . أمّا الرسالة الأهم في كل ذلك هي تراجع عنصر الردع لإسرائيل، وانهيار مقولة الجيش الذي لا يهزم اولاً، ورسالة قوية جداً لكل الدول العربية التي طبعت مع الاحتلال الاسرائيلي، وحرج كبير لها حول موضوع توفير الحماية لها، في ظل انها لم تحمِ نفسها. ونكرر هنا بأنَّ الحديث عن فارق كبير جداً نحن نتحدث عن خامس أقوى جيش في العالم، وأقوى جهاز استخباري، وأحدث الأسلحة عالمياً، في مقابل فصائل محاصرة ذات امكانيات بسيطة جداً، في رسالة للعالم بأنَّ الشعب لن ينسى المقاومة وحقه في استعادة أراضيه.