الحكومة الرقمية في العراق: التحديات والفرص

      التعليقات على الحكومة الرقمية في العراق: التحديات والفرص مغلقة

م. م أحمد محمود القيسي
جامعة بغداد / كلية الإعلام / باحث مشارك في قسم إدارة الأزمات- جامعة كربلاء
تعد الحكومة الرقمية أولوية رئيسة للحكومات في عالمنا المعاصر, إذ تسعى أغلب الأنظمة السياسية المعاصرة إلى تحسين كفاءة أجهزتها الحكومة وفعاليتها، عن طريق الاستجابة في تقديم الخدمات للمواطنين. وفي العراق، تمثل الرقمنة تحديات وفرصا على حد سواء، إذ تعمل الحكومة على تسخير إمكانات التقنيات الرقمية لإحداث تغيير إيجابي وتطوير في مؤسسات الدولة؛ وبتوظيف نموذج نضج الحكومة الرقمية” في الحالة العراقية؛ ليساعدنا على فهم مدى تبني الحكومات للتقنيات الرقمية ودمجها في عملياتها وخدماتها، ويوفر رؤية واضحة مفيدة لفهم تحديات وفرص الحكومة الرقمية في سياق النظم السياسية. فعن طريق تحليل جهود التحول الرقمي في العراق، وتقرير (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2023)، يمكننا الحصول على نظرة ثاقبة للوضع الحالي للتحول الرقمي في العراق، وتحديد مجالات التحسين والنمو في العالم الحديث، أصبح التحول الرقمي عاملًا حاسمًا للنجاح والقدرة التنافسية، وتتبنى الحكومات في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد التقنيات الرقمية، لتحسين كفاءة عملياتها وفعاليتها. والعراق ليس استثناء من هذا الاتجاه، فقد بذلت جهود حثيثة في السنوات الأخيرة لتحويل قطاعاتها ووظائفها المختلفة رقميا.
وفي السياق نفسه، إنَّ عملية التحول الرقمي في العراق، لم تخلُ من التحديات والعقبات، وتهدف هذه المقالة إلى استكشاف تحديات الحكومة الرقمية في العراق وفرصها، ودراسة أبرز التحديات التي تواجه الحكومة الرقمية والفوائد المحتملة.
-تحديات الحكومة الرقمية في العراق:
يتمثل أحد التحديات الرئيسة للحكومة الرقمية في العراق، في محدودية الوصول إلى التكنولوجيا والبنية التحتية الرقمية, في حين هنالك تقدما في زيادة انتشار الإنترنت وتوافر أجهزة مثل الهواتف الذكية، ولا يزال هناك تفاوتات كبيرة في الوصول إلى التكنولوجيا بين المناطق الحضرية والريفية، وكذلك بين المجموعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة. لذا يمكن أن تخلق هذه الفجوة الرقمية حواجز أمام اعتماد واستخدام التقنيات الرقمية، مما يعيق قدرة المؤسسات في ايصال خدماتها لباقي شرائح المجتمع.
والتحدي الآخر هو الافتقار إلى المهارات والقوى العاملة الرقمية, إذ إن الوتيرة السريعة للتغير التكنولوجي تعني أن هناك طلبا مستمرا على العمال ذوي الخبرة في التقنيات الناشئة. فضلا عن البيروقراطية لمؤسسات الدولة الذي يخلق عقبات أمام المشاريع الرقمية.
أمّا أبرز تحدٍ من الممكن أن يواجه العراق بشأن الرقمنة، فهو (الأمن السيبراني) وكيفية المحافظة على خصوصية البيانات الخاصة والعامة للدولة. وأخيراً, تتأثر عملية التحول الرقمي في العراق بالمخاوف الأمنية وخصوصية البيانات مع ازدياد الهجمات السيبرانية وظهور (الإرهاب الالكتروني), سيكون ضمان أمن بيانات الدولة وحمايتها، من مسؤولية السلطات الرسمية مع استمرارها في التحول الرقمي, وضمان الأمن القومي العراقي.
_فرص للتحول إلى الحكومة الرقمية في العراق:
بعد عرض أبرز التحديات التي من الممكن أن تواجه العراق للتحول رقمياً، فإنَّ هذه الميزة (الرقمنة) تقدم أيضا مجموعة من الفرص لتحسين العمليات الحكومية، وتقديم الخدمات ودفع عجلة التنمية الاقتصادية. تتمثل إحدى الفوائد الرئيسة للتحول الرقمي في إمكانية زيادة الكفاءة والإنتاجية. إن اعتماد العراق للتكنولوجيات الرقمية والاستثمار فيها لديه القدرة على تحقيق مجموعة من الفوائد، بما في ذلك تحسين الكفاءة والإنتاجية في العمليات الحكومية، وتعزيز تقديم الخدمات العامة، وزيادة الشفافية والمساءلة، ويمكن متابعة هذا خلال اتباع وزارة الداخلية في اصدار البطاقة الموحدة ووزارة التجارة للبطاقة التمونية (الغذائية). فيما يخص الجانب الاقتصادي فقد يخلق فرص العمل تتمثل إحدى الفوائد الرئيسية للتحول الرقمي في القدرة على تبسيط العمليات وأتمتتها، مما يؤدي إلى زيادة الكفاءة والإنتاجية. من خلال الاستفادة من التقنيات الرقمية مثل تحليلات البيانات والأتمتة، ويمكن للحكومة العراقية تقليل الوقت والموارد اللازمة لإكمال المهام، مما يؤدي إلى توفير التكاليف واستخدام أكثر فعالية للموارد. ومع ذلك، يجب مراعاة البعد الأخلاقي في خضم الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وأخيرا يمكن القول إنَّ عملية التحول الرقمي معقدة وصعبة، وقد تستغرق وقتاً للتنفيذ الكامل، وتحقيق الفوائد الكاملة من المهم أن تستمر الحكومة العراقية في الاستثمار في التقنيات الرقمية بالشكل الأمثل واعتمادها، مع معالجة التحديات التي أعاقت جهودها للتحول الرقمي، مثل محدودية الوصول إلى التكنولوجيا ونقص المهارات الرقمية.