أغلاط لغوية وإملائية شائعة يجب تجنبها

      التعليقات على أغلاط لغوية وإملائية شائعة يجب تجنبها مغلقة

م.د. بلسم عباس حمودي

جامعة كربلاء/ مركز الدراسات الاستراتيجية

كانون الأول/ 2023

إنَّ المشكلات التي تعاني منها اللغة العربية في وقتنا الحاضر قد ازدادت وكثرت، والسبب الرئيس في وجود معظم هذه المشكلات هو الأغلاط اللغوية التي تسللت إلى لغتنا، وكثر استخدامها، وانطبعت في الأذهان حتى صارت كأنها جزء من اللغة، ولم تعد تلفت الانتباه، حتى انقلب الخطأ في أذن المتلقي والسامع إلى صواب.

ويمكن أن نعرف الغلط اللغوي، بأنَّه: الانحراف عن القاعدة اللغويّة الصحيحة، والمقاييس التي وضعها أجدادنا للغة العربية قبل مئات السنين؛ فأيّ مخالفة يرتكبها الكاتب، أو الناطق في استخدام قواعد اللغة العربية، وأقسامها الأخرى تعدّ غلطًا لغويًّا. وأيضا يقصد بالغلط اللغوي الشائع: ما شاع نطقه نطقاً غير سليم، وكتابته كتابة غير صحيحة، إمّا لغلط أو سهو أو عدم معرفة.

وتختلف أنواع الأغلاط الشائعة وفْقاً لعناصر النظام اللغوي في اللغة العربية ومستوياتها، فمنها الأغلاط النحوية، ومنها الأغلاط الإملائية، وهناك الأغلاط اللغوية، والأغلاط التي تتعلق بالتركيب.

إنَّ الالتزام بقواعد اللغة العربية، وتجنب الأغلاط الشائعة يسهم في الحفاظ على سلامة اللغة، ومن ثمَّ تحسين جودة التعبير والتواصل بشكل أكثر وضوحًا وفهمًا، وتسهم أيضا في إيصال المعنى المراد بدقة وتجنب اللبس أو التأويلات الخاطئة.

إنَّ استخدامك التعبير اللغوي الصحيح يعكس احترامك واعتزازك بلغتك وثقافتك، ويساعد على التعبير عن الأفكار والمفاهيم بدقة ووضوح، وتجنب الغموض، ويجعل اللغة سليمة تنأى عن الأغلاط. ولأجل انصاف اللغة والسعي بها لأفضل مستوى، وجب على الناطقين بها ولاسيما المتخصصين في مجالات اللغة المتنوعة، والباحثين فيها، والمهتمين بها، أن يسعوا بجهود متواصلة إلى معالجة هذه المشكلة أو الحد من انتشارها على أقل تقدير، وتوضيح الاستخدام الصحيح للغة، والوقوف عند هذه الأغلاط لتجنب الوقوع فيها. فلا يكفي أن تكون العربية لغتنا الأم، بل يجب علينا إتقانها وتعلم قواعدها ونطقها وكتابتها كتابة صحيحة.

وسنحاول فيما يأتي بيان بعض الأغلاط الشائعة اليومية في الكتابة والتعبير، لغرض تجنبها.

  • باحثوا المركز، وموظفوا الوزارة، ومسؤولوا الأقسام: هذا من الأغلاط الشائعة والصحيح (باحثو وموظفو ومسؤولو) من دون ألف التفريق، لأنَّ مواضع ألف تفريق ثلاثة:
  • الفعل الماضي المسند إلى واو الجماعة، نحو: كتبوا.
  • المضارع المسند إلى واو الجماعة عند الجزم والنصب، نحو: لم يكتبوا و لن يكتبوا.
  • الأمر المسند إلى واو الجماعة، نحو: اكتبُوا.

 

  • يعتبر هذا الأمر ضروريًا: هذا من الأغلاط الشائعة والصحيح (يعدُّ هذا الأمر ضروريًا)، لأنَّ لفظ (يعتبر) من الاعتبار أي العبرة، بمعنى أخذ العبرة من الشيء.
  • ساهم في حل المشكلة: غلط شائع والصحيح: (أسهم في حل المشكلة)، لأنَّ كلمة (ساهم) معناها تبارى بالسهام، وتعني أيضا اقترع، وهو معنى مستبعد وغير مقصود.
  • استلمت الراتب، واستلمنا كتابكم: وهذا من الأغلاط الشائعة والصحيح: (تسلمت الراتب، وتسلَّمنا كتابكم)، لأنَّ التسلم هو أخذ الشيء وقبضه، أمّا (استلم) فمعناه في اللغة (لَمَسَ)، لذلك يقال: استلم الحاج الحجر الأسود: أي لمسه.
  • أجاب على كتابكم: غلط شائع والصحيح (أجاب عن كتابكم)، لأنَّ الفعل أجاب يتعدى بحرف الجر (عن)، ولا يتعدى بحرف الجر (على).
  • تشكيل لجنة: غلط شائع والصحيح (تأليف لجنة)، لأنَّ التشكيل إعادة ترتيب الشكل الموجود، ويمكن أن يستخدم  لإعادة تشكيل اللجان.
  • متواجد في العمل، وعلى الموظفين التواجد: وهو غلط شائع والصحيح (موجود في العمل أو حاضر، وعلى الموظفين الحضور)، لأنَّ تَواجَدَ فلانٌ: أي تظاهر بالوجْد. والوجْد: هو الحُب الشديد أو الحزن.
  •  نؤيد أنَّ الموظف لا زال مستمرًا بالخدمة: غلط شائع والصحيح (ما زال)، لأنَّ (لا) مع الفعل الماضي تفيد الدعاء، وليس الاستمرارية. ويمكن استخدامها مع الفعل المضارع (لا يزال).
  • هذا الأمر الغير صحيح: غلط شائع والصحيح (غير الصحيح)، بدخول (الـ) التعريف على المضاف إليه، لأنَّ (غير) هنا معرَّفة بالإضافة، ولا يجوز دخول (الـ التعريف) على (غير).
  • المدرجة أسمائهم أو أسماءهم والمدرج اسميهما: وهو غلط شائع والصحيح (المدرجة أسماؤهم والمدرج اسماهما)، وذلك لأنَّ كلمة (مدرج) اسم مفعول وهو اسم مشتق يعمل عمل فعله المبني للمجهول، فهو يرفع نائب فاعل. وأسماؤهم واسماهما: نائب فاعل مرفوع لاسم المفعول.
  • إلفات نظر: غلط شائع والصحيح (لفت نظر)، لأنه من الفعل (لفت) لذلك يكون المصدر لفت وليس إلفات.
  • هذا محامي نزيهٌ: غلط شائع والصحيح (هذا محامٍ نزيه)، لأنَّ الاسم المنقوص تحذف ياؤه ويعوض عنها بتنوين كسر، يسمى تنوين العوض، عندما يكون مفردًا، نكرة غير مقترن بـ (الـ)، ولا مضاف، في حالتي الرفع والجر فقط.
  • لعب الإعلام دورًا مهمًا: هو غلط شائع والصحيح (أدى الإعلام دورًا مهمًا) أو (قام الإعلام بدورٍ مهمٍ)، لأنَّ كلمة (لعب) من اللعب أي اللهو والعبث، وهذا يتعارض مع دلالة الجملة.
  • مساءًا ورجاءًا وابتداءًا: هو غلط شائع والصحيح (مساءً ورجاءً وابتداءً)، وذلك لأنَّه إذا كان آخر الكلمة همزة منفردة وتسبقها ألف ساكنة، فلا تضاف ألف تنوين الفتح، وإنما يكتب التنوين مباشرة على الهمزة.

وخلاصة القول في الأغلاط الشائعة، إنَّ التعبير اللغوي الصحيح يدعم التواصل الفعّال والفهم المتبادل، ويسهم في تطوير مهاراتك اللغوية، وتعزيز ثقتك في التعبير عن أفكارك ومشاعرك، لأنَّ الصياغة اللغوية السليمة هي التي تمنح الكلام قبولية، وتجذب أنظار القارئ لقراءته والتفكر في دلالاته، بعكس لو كانت هذه الأغلاط اللغوية موجودة ومنتشرة في الكلام، فإنها تضعفه وتقلل قيمته.