ظاهرة العزوف عن الانتخابات في العراق وأسبابها

      التعليقات على ظاهرة العزوف عن الانتخابات في العراق وأسبابها مغلقة

الأستاذ المساعد الدكتور علي شمران حميد

مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء

كانون الثاني/ 2024

لقد أخذ المشرع العراقي بالحق الشخصي للانتخاب، لذا لم يعد هناك قيد على المشاركة من عدمها، وطالما هو حق دستوري فلا إلزام به، بل خيار ذاتي للمواطن، يعبر به عن سلوك سياسي ينم عن قبول أو  رفض الناخبين، للعملية السياسية أو النظام السياسي برمته. لذا فالاقتراع هو استفتاء على طبيعة النظام السياسي، والمشاركة الواسعة تدل على قبول هذا النظام، وما قدم من إنجازات حظيت برضا الناخب، أمّا المقاطعة، وهي السمة الشائعة والمتصاعدة في العراق، فتدل على الإخفاقات والفشل الذي اتسم به هذا النظام وعمليته السياسية، ومدى الإحباط وخيبة الأمل الذي يشعر به المقاطع من الأداء السلبي المرير، لهذا النظام وللعملية السياسية التي انتجته. وتبقى مشروعية الانتخابات مقترنة بمدى المشاركة بها، وإن سكت الدستور العراقي عن تحديد نسبة اعتماد نتائجها، ولم يحدد حدًا لذلك، لكن إقرارها قانونًا لا يعني قبول نتائجها شعبيًا، وهو المهم حتى لا تبقى وسيلة لتبادل السلطة، دون أن تكون أداة للإصلاح والتنمية، وتحقيق تغيير في حياة الشعب وأحوال البلد، طالما أغلقت كل الأبواب للتغيير، ولم يعد هناك طريقًا سوى صندوق الانتخاب الذي يفترض أن يكون الأداة الوحيدة للتغيير.

فنسب المشاركة هي من تجسر الهوة بين النواب وبين أغلبية الشعب، أو تزيد الهوة عندما يفشل هؤلاء في أداء المهام المناطة بهم، وتتحول المجالس إلى عبأ على المواطن، حينما تصبح الغاية منها هي الجاه والسلطة والمال وتقاسم الغنائم وشرعنة السرقة، وهذا ما اتسمت به العملية السياسية في العراق، والتي قوبلت برفض جماهيري متصاعد، وصل ذروته في انتفاضة تشرين للعام 2019، والتي اسقطت شرعية النظام.

فقد تعالت الأصوات في الاحتجاجات التي شهدها الواقع العراقي، للمطالبة بتغيير النظام السياسي، وإصلاح شامل في جميع مفاصل الدولة، ونبذ المحاصصة، وقيام انتخابات مبكرة؛ والمعول الحقيقي للتغيير هو المشاركة الواسعة من قبل جميع أبناء الشعب العراقي، للمساهمة بالتغيير المنشود، وإزاحة الطبقة السياسية الفاسدة. فبعدما شهدت الدورات الانتخابية السابقة عملية مقاطعة شاملة؛ ولاسيما انتخابات 2018، إذ قدر نسبة المشاركة فيها بحسب تقارير محلية ودولية إلى (20%)، فضلاً عمّا شابت هذه الانتخابات من عمليات تلاعب وتزوير. في حين لم تتجاوز نسب المشاركة (15%) في أحسن حالاتها في انتخابات مجالس المحافظات، بغض النظر عن إعلانات المفوضية السياسية، ويعزى ذلك لأسباب عدة.

 

أسباب المقاطعة الانتخابية:

 

  • عدم ثقة المواطن بمخرجات العملية السياسية.
  • اعتماد قانون انتخابي سيء ومرفوض شعبيًا، كونه يغيب إرادة الناخب.
  • الصورة السلبية لأداء مجالس المحافظات، والصورة الذهنية التي تعدّها حلقات زائدة.
  • التلاعب في إرادة الناخبين واختياراتهم، وعدم ثقتهم بمفوضية الانتخابات ونتائجها.
  • هيمنة كتل سياسية أسهمت في فشل العملية السياسية دون تجديد، بعدما جثمت على صدر الشعب منذ التغيير ولغاية الآن.
  • فشل عملية اختيار المستقلين، إذ تبين لاحقا أنَّ أغلبهم قد جير عمله لهذه الكتل الفاشلة.
  • تحجيم قدرة الكفاءات والنخب العلمية من الفوز، عن طريق تجهيل مبرمج غايته افشال الدولة.
  •  إشاعة سلوك شراء الأصوات والذمم، وتسخير المال السياسي وأدوات السلطة وامكاناتها، للتأثير في الناخبين، مما أدى لعزوف الطبقات المثقفة.
  • الصراع المحتدم بين اقطاب العملية السياسية، وعدم اتخاذ إجراءات فاعلة لمحاسبة الفاسدين، والإطاحة بكبار مافيات الفساد.