نشر المركز قبل أيام تحليلاً استراتيجياً يحاول التوصل إلى فهم جدي وعميق ومنطقي وعقلاني لما يجري في الأنبار الآن من أحداث، من خلال أولاً: ما موجود من كتب مطبوعة ومتداولة في المكتبات وشبكة الانترنت. وثانياً: ما تمت ترجمته من مواد استراتيجية نُشرت في نشرة “العراق في مراكز الأبحاث العالمية”.
يعتقد كاتب التحليل بأنه لفهم مايجري ويدور من
أحداث في الأنبار بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام لابدّ من التأكيد على ضرورة فهم وإدراك أهم الأفكار المطروحة في هذه الكتب الثلاثة، فضلاً على فهم مشروع تفتيت دول المنطقة الذي نظّر له شيخ المستشرقين “برنارد لويس”:
1- صِدام الحضارات- صموئيل هنغتنتون
2- من نحن – المؤلف نفسه
3- انبعاث الشيعة – رضا ولي نصر
فيؤكد الكتاب الأول على خطرين استراتيجيين كبيرين يهددان الولايات المتحدة حالياً ومنذ انتهاء مرحلة الحرب الباردة، الأول ذو طبيعة اقتصادية ويتمثل ببروز الصين كقوة اقتصادية عظمى تهدد الولايات المتحدة لاحقاً، والثاني ذو طبيعة ثقافية ويتمثل بالإسلام كفكر وثقافة وطريقة للحياة تهدد الثقافة الغربية العلمانية الليبرالية القائمة على الاقتصاد الرأسمالي الحر.
ويؤكد الكتاب الثاني على ضرورة وجود عدو للولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ويشير إلى النقاش الذي استمر حوالي عشر سنوات حول اختيار العدو المناسب، ويذكر أن الاتفاق بين الجميع قد استقر على عدِّ الإسلام الجهادي هو العدو البديل للاتحاد السوفييتي.
وأما الكتاب الثالث فيُعد من الكتب الاستراتيجية المهمة التي تلقي الضوء الكاشف على خلفية الفتن الطائفية المستشرية في المنطقة ومن ضمنها العراق طبعاً.وتأتي الأهمية الاستثنائية لهذا الكتاب بسبب أن الكاتب عضو فعال في مجلس العلاقات الخارجية، هذا المجلس الذي له تأثير كبير جداً على تشكيل السياسة الخارجية الأمريكة منذ بدايات القرن الماضي، وهو من أقدم مراكز الأبحاث الاستراتيجية في الولايات المتحدة، ويتم دعمه مالياً من قِبل أغنى العوائل الأمريكية الثرية وصاحبة النفوذ، وهي عائلة روكفللر النفطية والمصرفية، ويصدّر- أي المجلس- مجلة شؤون خارجية، الاستراتيجية المعروفة، ويقوم الكاتب بتقديم الشهادات اللازمة أمام الكونغرس الأمريكي، وتتم استشارته كثيراً فيما يتعلق بشؤون المنطقة، وكثيراً ما يشارك في موائد مستديرة وندوات ومحاضرات، تلقى التأثير الهائل على مخاطبيه، وقد تمت الدعاية والإعلان لهذا الكتاب في الصفحة الأولى من موقع المجلس الألكتروني لمدة عدة أشهر متتالية.
وفي معرض الإجابة على سؤال: لماذا يشكل فهم أفكار هذه الكتب مدخلاً ضرورياً لفهم أحداث الأنبار؟ أجاب الكاتب بالعبارات الآتية:
– إن فهم أفكار كتاب “صِدام الحضارات” يبين حجم وخطورة ومدى حساسية التحدي الثقافي الإسلامي للغرب بقيادة الولايات المتحدة، ويسلط الضوء على كل التحركات والنشاطات الحالية عبر العالم، التي يراد منها كسر شوكة هذا التحدي الثقافي الاستراتيجي.
– وفهم أفكار كتاب “من نحن؟” يوضح مدى حاجة الولايات المتحدة إلى عدو استراتيجي عبر العالم بعد غياب الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي يوضّح كل هذا الضجيج الإعلامي والمبالغة المتعمدة بقدرات تنظيم القاعدة.
– وأخيراً يسلط فهم كتاب “انبعاث الشيعة” الضوء على خلفية الفتن الطائفية المشتعلة في المنطقة بعد غزو العراق، ويبيّن الإطار الذي يتحرك فيه أمثال القرضاوي والعرعور والقنوات الطائفية التي نشطت مؤخراً وبشكل مفزع، ويوضح كذلك خلفية اللغة الطائفية الطاغية على كل ما يُنشر في الغرب من مقالات ودراسات وأبحاث، كما سنرى لاحقاً، من خلال تحليل مضمون المواد المنشورة حول أحداث الأنبار الحالية.
– هذا فضلاً على ضرورة فهم وإدراك مشروع تفتيت دول المنطقة الذي يكشف خلفية المطالبة بالأقاليم والفدراليات التي عمّت المنطقة جميعها.
واختتم الكاتب تحليله بالتوصيات الآتية:
–لمواجهة التحديات الحالية لابدَّ من التسلح بالوعي الاستراتيجي، الأمر الذي يتطلب الاهتمام الجدي بالمراكز البحثية الاستراتيجية التي تساهم ببناء ونشر هذا الوعي الاستراتيجي.
–تشخيص وتطويق دعاة الفتنة والمتطرفين من الكتل والأحزاب والجماعات والأشخاص أو الصحف أو الفضائيات….الخ
–دعم وتشجيع المعتدلين والعقلاء ممن لديهم الوعي الاستراتيجي.
–عدم فتح معارك جانبية والتفرّغ للمعارك الاستراتيجية الكبرى.
–القيام بنشاطات تثقيفية وإعلامية واسعة النطاق وبالاستفادة من مختلف تقنيات التواصل الحديثة لتوعية القاعدة الجماهيرية العريضة، بالمخاطر التي تحيق بها.
–إقامة علاقات متوازنة ومعتدلة مع: الولايات المتحدة وإيران وروسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي
–تنويع مصادر التسلّح قدر الإمكان وعدم وضع البيض في سلة واحدة.
–بناء لوبي نشط وفعّال في واشنطن يأخذ على عاتقه مهمة تمثيل هموم ومصالح الحكومة العراقية.