الأبعاد السياسية في خطبة المرجعية الدينية

      التعليقات على الأبعاد السياسية في خطبة المرجعية الدينية مغلقة

 

باحث في قسم إدارة الأزمات
مركز الدراسات الاستراتيجية_ جامعة كربلاء
4_ نوفمبر_ 2019
يظهر إن استمرار الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالإصلاح في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات العراق الأخرى, وما رافقها من اصطدامات عنيفة بين المتظاهرين والمعتصمين من جهة و رجال الامن وغيرهم من جهة أخرى قد أسفر عن سفك مزيد من الدماء، وهذا جعل اعدادًا كبيرة تتعرض لإصابات مختلفة , وقد تزامن ذلك معه أعمال حرق لبعض الممتلكات العامة والخاصة.
من هنا فقد جاءت خطبة المرجعية الدينية في النجف الاشرف لتؤكد على حرصها الوطني اتجاه ابناء الشعب العراقي المنتفض ضد الظلم والفساد الذي استشرى في معظم مفاصل الدولة العراقية.
إن قراءة خطاب المرجعية يمكن أن يحدد فيها ابعادًا جوهرية أهمها ما يأتي:
أكدت المرجعية الدينية على المصلحة العامة للشعب العراقي على حساب المصالح الخاصة.
أكدت المرجعية الدينية على النوايا الحسنة في خدمة الشعب العراقي .
أكدت على ضرورة سلمية التظاهرات الشعبية، وعدم السماح للمندسين في جعل التظاهرات تنحرف عن سلميتها.
عدم السماح في زج القوات الامنية العراقية بصنوفها كافة في مواجهات مع المتظاهرين , وفي هذا إشارة إلى الجهات التي أرادت زج الحشد الشعبي في هذه المواجهات .
رفض التدخلات الاقليمية والدولية في شؤون العراق الداخلية, وعدم السماح لأية قوى خارجية في فرض رؤيتها على الشعب العراقي.
رفضت المرجعية رفضًا قاطعًا بعض الاصوات التي تصف المتظاهرين بالشغب أو بالمنحرفين والعمالة.
أكدت المرجعية بأن من قتل واعتدى على المتظاهرين السلميين ليس القوات الامنية العراقية وحدها, بل هناك جهات أخرى اشتركت بذلك، لهذا يجب كشفهم ومحاسبتهم .
اعطت الحق الشرعي للشعب العراقي في اختيار وتغيير أي نص قانوني.
رأت إنه يجب وضع القوانين بما ينسجم مع مصالح الشعب العراقي .
من حق الشعب العراقي تغيير أو تعديل دستوره.
اعطت الشرعية والمشروعية للشعب العراقي في انتفاضته ضد قوى السياسية .
وتعد هذه الخطبة بمثابة فتوى شرعية للاستمرار في التظاهر السلمي ضد الفساد واصلاح النظام السياسي، فقد اعطت قوة معنوية كبيرة للتظاهرات في مدن العراق، الأمر الذي دفع باقي الفئات في المجتمع العراقي للتوجه نحو الانضمام لهذه التظاهرات، و التعبير عن مشاركتها ومساندتها لها بعد أن كانت تتحفظ أو تخشى النزول إلى الشارع,
لقد ساهمت خطبة المرجعية في تخريب كل مشاريع القوى والحركات الفاسدة وخططها التي كانت تسعى من خلالها إلى انحراف أو جر التظاهرات بعيدًا عن طبيعتها السلمية ، و زج بعض القوات والجهات الامنية لضرب المتظاهرين ,وهنا فقد جاء رد المرجعية بحرمة زج مثل هكذا قوات ضد ابناء الشعب, وافشل هذا التوجه بشكل واضح وذلك عندما بدأ بعض المقاتلين في الحشد الشعبي بمساندتهم ودعمهم للمتظاهرين وهذا في رسالتهم المهمة التي اثبتوا فيها قولهم : (نحن حررنا البلاد من قوى الارهاب وانتم تحررونه من الفساد)، كما شجع خطاب المرجعية أبناء الشعب العراقي في رفع شعارات واضحة ضد التدخل في شؤون العراق وعدم السماح للقوى الخارجية في فرض توجهاتها على حساب الشعب العراقي، وإن هذا التطور الملحوظ في الشارع العراقي وصف بأنه تطور تاريخي وغير مسبوق .