كورونا: تاريخ الاوبئة في العراق

      التعليقات على كورونا: تاريخ الاوبئة في العراق مغلقة

بقلم: م. مؤيد جبار حسن
قسم الدراسات السياسية/ مركز الدراسات الاستراتيجية/ جامعة كربلاء

اختبر العالم قديما وحديثا أنتشار عدة امراض فتك بعضها بملايين البشر، وكأن الحرب الخفية مع هذه الكائنات الصغيرة (الجراثيم والفيروسات) لم تزل مستعرة، رغم التطور العلمي الهائل الذي وصل اليه الانسان اليوم.
واخر هذه التهديدات الصحية على المستوى الدولي هو فايروس كورونا ، حيث في المؤتمر الصحفي حول هذا الفايروس المستجد، أعرب الدكتور تيدروس غيبرييسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية عن قلقه الشديد إزاء الزيادة في الحالات في جمهورية إيران الإسلامية، حيث تم تأكيد 18 حالة وأربع وفيات في اليومين الماضيين فقط. وأضاف يقول: “نشعر أيضا بقلق شديد حيال عدد الحالات التي ليس لها صلة وبائية واضحة مثل سجل السفر إلى الصين أو الاتصال بحالة مؤكدة. فبعيدا عن سفينة “دايموند برينسس” فإن جمهورية كوريا الجنوبية تتصدر عدد الحالات خارج الصين، ونحن نعمل عن كثب مع الحكومة لنفهم تماما ديناميكية انتقال الفيروس التي أدت إلى هذه الزيادة”.
وفي العراق ، البلد الذي يواجه مشاكل عديدة منها في الجانب الخدمي، يعاني القطاع الصحي من تردي خطير تجعله عاجزا عن مواجهة تفشي أي وباء، فكيف اذا كان بخطورة كورونا المستجد؟
ان تاريخ العراق الوبائي يغص بالامراض والوفيات وحالات عجز السلطات في مختلف الازمنة عن احتواء الموقف وانقاذ الارواح . ففي دراسة اعدت عن الامراض التي اجتاحت العراق في العهد العثماني نلاحظ الاتي:
في القرن السابع عشر ، عام 1619، 1635، 1638 أنتشر الطاعون في بغداد وتسبب بضحايا كثُر ، وتكرر ظهوره في القرن الثامن عشر ، الاعوام 1718، 1737، 1739 في بغداد والنجف والموصل بحيث كانت ضحاياه هناك الف انسان يوميا. وفي القرن التاسع عشر عاود الظهور في السنوات 1801، 1804، 1820 حيث كانت ضحاياه في البصرة سبعين الف. وفي القرن العشرين فتكت الكوليرا بالمدن العراقية عامي 1916، 1917 حيث سقط في الموصل وحدها عشرة الاف ضحية.
الملاحظ في هذه الامراض انها لم تكن متوطنة في البلاد وانما حلت عليه ضيفا ثقيلاً جاءت من خلال التجار او زوار المراقد الدينية وغيرهم . كذلك لم تتخذ السلطات أي اجراء حقيقي لانقاذ حياة المواطنين، الذين كانوا يعيشون في واقع معيشي تغيب عنه النظافة والماء الصالح للشرب وعوامل اخرى كضعف الوعي الصحي تجعل من انتشار الامراض امرا هينا .
التخوف الحالي من مرض كورونا له ما يبرره ، لعدة أسباب منها : ضعف الجانب الصحي من مستشفيات وإجراءات صحية ، كذلك عدم وجود استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة تفشي الأوبئة . وضعف الثقافة الصحية لدى عموم الشعب ، ووجود عادات وتقاليد شعبية قد تساعد على انتشار الفايروس بين العامة. وكل ما سبق ينذر بحدوث إبادة جماعية في حال تفشي فايروس كورونا في العراق ، مما سينذر بموجات هجرة ونزوح داخلية وخارجية وفوضى عارمة داخل المدن الكبرى.

المصادر:
منظمة الصحة العالمية، الرابط: http://www.emro.who.int/ar/media/news/whos-eastern-mediterranean-region-scales-up-preparedness-for-novel-coronavirus.html
علي كامل حمزة السرحان، الاوبئة والامراض التي اجتاحت العراق في العهد العثماني وطرق الوقاية منها، مجلة القادسية للاداب والعلوم، جامعة القادسية، العدد3، مجلد15، 2015.